أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


لو أن المحتجين فلسطينيون

بقلم : كمال زكارنة
06-07-2019 05:12 AM

الذين يطلقون عليهم يهود الفلاشا في فلسطين الـ48، ليسوا جميعهم يهودا، فمنهم اليهود والمسيحيون والمسلمون، لكنهم جرى تهويدهم بالهوية فقط وليس بالديانة، وتم تهويدهم اما من قبل عصابات الاحتلال الجاذبة للهجرة الى فلسطين المحتلة تحت اغراءات مالية وتوفير ظروف عمل وحياة افضل لهم وضمان مستقبل افضل لابنائهم في الكيان المحتل، او هم انفسهم ادعوا اليهودية للخلاص من واقع صعب يعيشونه لاسباب اقتصادية بالدرجة الاولى وغيرها، ومن اجل البحث عن اماكن اخرى للعيش فيها في ظروف اكثر ملاءمة توفر لهم الامن والدخل المرتفع كما يتمنون وكما وصلتهم الدعاية الصهيونية.
هذا النوع من اليهود ذوي البشرة السوداء المهوَدين الذين تم جلبهم الى فلسطين، يواجهون تمييزا عنصريا بغيضا من قبل العصابات الاخرى من اليهود ذوي البشرة البيضاء، الذين اتوا من الدول الاوروبية وروسيا وغيرها، وليس هؤلاء فقط الذين يتعرضون للتمييز العنصري والاضطهاد في الكيان المحتل فهناك اليهود الذين قدموا من الدول العربية يواجهون نفس الظروف وقد عانوا كثيرا قبل الفلاشا، لكنهم جميعا لا يستطيعون الفرار وعليهم التحمل والصبر وتقبل الواقع المرير الذي يعيشونه في كيان عنصري يمارس التمييز في ابشع صوره واشكاله.
كان سهلا على الصهاينة قتل يهودي اثيوبي اسود، لانهم يعتبرونه بلا قيمة، تماما كما يعامل الامريكان السود في الولايات المتحدة، ولم يتوقعوا ردة الفعل الفلاشية التي فاجأتهم بقوتها وحجمها وعنفها وعدد المشاركين فيها، وهي تجتاح شوارع تل ابيب وتضرم النيران وتهاجم شرطة الاحتلال، في احتجاج هو الاعنف منذ وصول الفلاشا الى الاراضي الفلسطينة المحتلة.
انه كيان عنصري بامتياز، لا مكان للديمقراطية وحقوق الانسان فيه، سلوكه الارهابي والاجرامي لم يرحم فئات محددة اليهود انفسهم، ولا بد من الاشارة الى ان عملية قتل اليهودي الاثيوبي الاصل هي القشة التي قصمت ظهر البعير، ونفضت الغبار عن تراكمات كثيرة مخزنة في نفوس وصدور اليهود الفلاشا السود، تزدحم بها حلوقهم، وجدوا في هذه الجريمة العنصرية فرصة مناسبة للتعبير عنها وقذفها في وجوه الصهاينة العنصريين، فما يجري ضد يهود الفلاشا في فلسطين المحتلة، الذين أتوا للبحث عن السمن والعسل ولم يجدوا الا الاضطهاد والعنصرية والقمع، عمل ارهابي دموي عنصري ضد الانسانية لا يجوز السكوت عنه .
رغم العنف الذي تعاملت به شرطة الاحتلال مع اليهود الاثيوبيين، الا انه لا يقارن مع الوحشية والقمع والانتقامية التي يتعامل بها الاحتلال مع الفلسطينيين في اي مكان من فلسطين التاريخية، ولو كان المحتجون فلسطينيون يحملون الجنسية الاسرائيلية في تل ابيب او حيفا او يافا او عكا، فان الاجرام الصهيوني سيفتك باجسادهم وارواحهم، وسوف نحصي العديد من الشهدا والجرحى والمعتقلين، صحيح ان الاحتلال يعتبر الاثيوبيين الفلاشا يهودا، فيما يعتبر الفلسطينيين اعداء، رغم ان الجميع يحملون الجنسية الاسرائيلية ويعتبرون مواطنين اسرائيليين قانونيا وعمليا، لكن شتّان بين هذا وذاك وقت الجد والحسم.
الكيان الصهيوني من الداخل متهتك متناثر ومتناحر، والمجتمع اليهودي ليس افضل حالا من غيره، تفرّقه النعرات والصراعات العرقية والانتماءات الاجتماعية والقومية، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، ولا يؤجل الصراعات الدامية داخل هذا المجتمع الا تخويف مكوناته بالاعداء الخارجيين الذين تصنعهم الماكنات الاستخبارية والاعلامية الصهيونيتان.الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012