أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024


"جابر" الذي يصور في الاردن يؤسس لخطاب إعلامي جديد يقوم على ما بعد صفقة القرن

بقلم : بكر السباتين
29-07-2019 12:59 AM


فلم “جابر” الأمريكي لو أمعنتم النظر في عمق الفكرة وما يحفّها من تفاصيل على الأرض، إنما يؤسس لخطاب إعلامي جديد يقوم على ما بعد صفقة القرن في شقه الثقافي؛ والرامي إلى ترسيخ بعض الأفكار المستقبلية التي تتحول إلى أولويات في العقل الصهيوني الشره، ومشاريعه التي على أساسها تم سلب تاريخ الكنعانيين والتراث الشعبي الفلسطيني وصولاً إلى تاريخ الأنباط العرب الذين بنوا البتراء.. من منطلق أن تاريخهم المزور بات أمراً واقعاً وصار لزاماً على الصهاينة التمدد في مشروعهم الثقافي باتجاه البتراء بعدما تهيأت لهم مساحات شاسعة في العقل العربي الجمعي وقد أخذته التجاذبات والفتن التي يثيرها الذباب الإلكتروني المنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي نحو تسليم مفاتيح تلك الأهداف المكانية والثقافية للصهاينة على طبق من ذهب، فيجيء العم “جابر” ليعلق الجرس ويعلنها صراحة بأن جنوب الأردن بما فيه البتراء ما هو إلا إرث يهودي. وهذا ليس بجديد فالمتتبع لإعلانات شركات السياحة الإسرائيلية منذ اتفاقية وادي عربه المشؤومة سيجد من ضمن برامجها السياحة بعد الانتهاء من زيارة القدس وبيت لحم، ترتيب زيارة لمدينة البتراء النبطية العربية بعد أن يوهم مرشدو السياحة من لدنهم، السائحين بأن هذه المدينة الصخرية ووادي موسى ما هي إلا إرث يهودي مسلوب.
وفي أوقات كثيرة كانت الحافلات السياحية وبحجة السياحة في الأردن، تقصد البتراء ثم يتنسم اليهود عبير تاريخهم المزور في أمكنة بريئة من دنسهم، ويتوجهون بأنوفهم جنوباً في العمق السعودي نحو يثرب ذلك المعقل اليهودي القائم في الحلم الصهيوني المتمدد قدماً دون رادع.
فبعد تنفسهم الصعداء على ركام فلسطين التي ظنوا أنها أمست في طي الماضي وقد خسئوا، يمهد الصهاينة ثقافياً لفكرة أن جنوب الأردن برمته ملكهم.. وقد سمعنا كثيراً عن شراء اليهود لأراضي جنوب الأردن بواسطة سماسرة أجانب وفق عقود قانونية! وهو أمر ما زال غير مؤكد.. فيطرقون أبواب البتراء كالعائد إلى بيته المزعوم.. بينما لو تتبعت امتدادات هذا الحلم الصهيوني لتجاوزت حدود السعودية وصولاً إلى خرائب يهود “بني قينقاع وبني قريظه وبني النضير” في يثرب (المدينة المنورة).. وقد وصلت الوقاحة بأن تقوم شركة أمريكية بإنتاج فلم اسمه “جابر” تدور قصته حول البتراء ويحتوي على إسقاطات مباشرة تقول بأن البتراء هي إرث يهودي..
وفي سياق ذلك أصدر المخرج والفنان الأردني، علي عليان، أمس السبت، بيانا، أوضح فيه حقيقة تصوير فيلم يثبت حق اليهود في مدينة البتراء وجنوب الأردن.
وقد صدم عليان من التفاصيل حيث انسحب يوم أمس السبت من كاستنج الفيلم السينمائي العالمي ( Jaber )والذي سيصور في عمان قريباً لأن السيناريو يثبت حق اليهود بفلسطين ويؤكد ان لهم الحق التاريخي في البتراء وجنوب الاردن من خلال حوار صريح ومباشر.. طبعاً لم يشر الفلم في هذه المرحلة إلى أحقية اليهود بملكية ما بعد جنوب الأردن في العمق السعودي وصولاً إلى المدينة المنورة حيث آثار اليهود هناك، ولن يكون مستبعداً تطوير الرواية المزورة في المستقبل القريب لتلتهم تلك الأمكنة التي تتعرض للنهب الثقافي من قبل المؤسسات الإعلامية الصهيونية دون أن تجد مشروعاً ثقافياً عربياً يتصدى لها.
ويقول المخرج الأردني علي عليان (عمون):
“تناقشت مع المخرج بالأفكار المطروحة فقال إنها حقائق تاريخية وإن الفيلم سينفذ كما هو مكتوب لأنه لن يعرضه في العالم العربي بل هو سيعرض في أمريكا، وسألني سؤالاً صريحاً:
هل أنت لا تؤمن بالأفكار التي يطرحها الفيلم؟
قلت له: لا طبعاً لا أؤمن..
قال: اذن لن نستكمل العمل معاً. قلت: نعم لن أعمل بهذا الفيلم.
وانتهى الحوار بانسحابي التام ولست مسؤولاً عن تصميم البوستر المسبق والمرفق ادناه”.
من جهتها (الرأي) دعت نقابة الفنانين الأردنيين الى الانسحاب من فيلم “جابر” بدعوى أنه يزور الحقائق التاريخية ويحاول إثبات أحقية اليهود بفلسطين والبتراء.
وفي نظري أن الأمر لن ينتهي عند هذا الحد.. فمن يحلم ببيتك سيسعى لامتلاكه بشتى السبل.. أي أن الأردن ما لبث في دائرة الحلم الإسرائيلي وصولاً إلى يثرب.. والأخطر أن هذا المشروع بدأ يرسم طريقه على الأرض ثقافياً من خلال تزوير التاريخ المتعلق بجنوب الأردن وتحديداً البتراء، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: من سمح لهؤلاء الرعاع بـتجاوز حدودهم مع الأردن! أين تتخفى تلك الخفافيش التي تمهد الطريق لوجستياً لمثل هذه الأفلام المشبوهة! كيف حصلت شركات الإنتاج الأمريكية على التراخيص اللازمة للتصوير! فالحقيقة أن جواز عبور صنّاع الأفلام الصهيونية لا يكون بدون وجود سماسرة مطبعين يتاجرون بأوطانهم لأجل المال.. فمن هو المخول بمحاسبتهم حتى يكونوا عبرة لمن لا يعتبر.. الجواب مرهون بمدى جدية المسؤولين في التصدي لهذا الملف الخطير.
كاتب فلسطيني..رأي اليوم


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012