22-01-2012 08:20 AM
كل الاردن -
أنسام القعقاع
كان الحب إحساسا جميلا، حلما ملونا، مفاجأة جميلة، قدرا عظيما، عاطفة مشتعلة، واحة أمان، وشاطئا دافئا واجتياحا واحتياجا.
هكذا كان الحب في زمانهم.
فكيف أصبح الآن؟ وما هي ملامحه في زماننا؟ فأحلامنا لا تشبه أحلامهم وحكاياتنا لا تشبه حكاياتهم، حتى طموحاتنا لا تشبه أبدا طموحاتهم، حتى أحزاننا تختلف وذنوبنا تختلف فزمانهم كان زمان الحلم الجميل والإحساس الطاهر النقي، أما زماننا فهو زمن الحرب والرعب والهزيمة بلا حدود.
قنابلهم لا تدمر أوطاننا فحسب بل هي تدمر الإحساس فينا
فالخوف
والقلق
والشعور بالانكسار
والصمت المقيت
كلها أحاسيس تأتي على غفلة منا وتنشر سمومها في أحاسيسنا الجميلة.
أصبحنا أبناء الخوف، وأصبح خوفنا هو الإحساس الأقوى والأوضح لدينا
فنحن نخاف أن نحبهم
ونخاف أن لا نصل إليهم بعد الحب
ونخاف أيضا أن نفقدهم حتى بعد أن نصل
ونخاف من الفراق ومن الغدر والضياع ومن لحظة نفقد فيها كل إحساس فينا حتى الخوف.
وفي زمانهم كان الحب مفاجأة جميلة قد تفاجئهم في أي لحظة من لحظات عمرهم وقد يضحون بما تبقى من أعمارهم من اجل تكرار هذا الإحساس، ولديهم قدرات خارقة على الوفاء لأحاسيسهم ويتمسكون بأحلامهم كتمسكهم بالطوق الأخير للنجاة، ومع الأيام بدأت أضواء المفاجأة تخفت وتنطفئ، إلى أن تحول الحب في زماننا إلى قرار مسبق وتطفل الاختيار على مشاعرنا، وأصبحنا نحلم بعد قرار، ونغير اختياراتنا بتغير الظروف حولنا، ونتراجع عن قراراتنا بتراجع الأسباب، إن هذه النظرة ليست نظرة تشاؤمية للحب أو العلاقات الإنسانية وإنما هي واقع يحيط بنا ويلاحقنا، واقع أصبح من الصعب علينا تجاهله ومن الغباء اخفاؤة أو حتى إخفاء عيوبه.
ولكن لكل قاعدة شواذها، فهناك حالات استثنائية من الظلم إدراجها في دائرة الحب المسبب، فما زال هناك قلة ممن يحبون من اجل الحب فقط
وهناك من يحلم بصدق
ويصنع له في الحلم عالما خاصا به
ومازال هناك من يخلص لإحساسه وأحلامه
وهناك من يؤلمه الفراق وينحت فيه الغياب
ولكن هؤلاء أصبحوا قلة، بل ندرة ولربما انقرضوا قريبا.
ولكن عندي سؤال أخير
أين ذهب الحب؟
هل مات؟ ومن قتله؟ ولماذا؟ وكيف؟ وأين؟
أم انه مازال على قيد الحياة؟
يختبئ في قلوب أولئك الأنقياء الذين مازالوا يدركون قيمته الحقيقية !!!