أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني عضو بالكنيست : جميع كتائب القسام نشطة بغزة بخلاف ادعاءات نتنياهو الوزير الارهابي بن غفير : "الإعدام".. "الحل" لمشكلة اكتظاظ السجون بالفلسطينيين وكالة فارس الإيرانية: وي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية في الجيش تقارير أولية عن انفجارات متزامنة في إيران وسوريا والعراق فيتو أميركي يفشل قرارا بمنح فلسطين عضوية الأمم المتحدة الكاملة المندوب الروسشي : كل فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة يتسبب بمقتل آلاف الفلسطينيين "مفاعل ديمونا تعرض لإصابة".."معاريف" تقدم رواية جديدة للهجوم الإيراني وتحليلات لصور الأقمار الصناعية الأردن يوسع المستشفى الميداني نابلس/2 كأس آسيا تحت 23 عاما.. الأولمبي يتعثر أمام قطر باللحظات الأخيرة الحكومة تطرح عطاءين لشراء 240 ألف طن قمح وشعير الأمير الحسن من البقعة: لا بديل عن "الأونروا" الصفدي يطالب المجتمع الدولي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية - نص الكلمة العسعس: الحكومة تملك قرارها الاقتصادي القسام: فجرنا عيني نفقين مفخختين بقوات صهيونية بالمغراقة
بحث
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


في الذكرى الاولى للثورة المصرية الصراع على تصحيح العلاقة بين الدولة والسلطة
23-01-2012 07:59 AM
كل الاردن -



alt

هاني الروسان
في مصر التي تستعد للاحتفال بالسنوية الاولى لثورة 25 يناير، وكما هو الحال في كل البلاد او الدول العربية لا زال اوار الصراع يشتد حدة بين مكونات المشهد السياسي، في ظل خلط لا يكون الا خارج السياق، بين الدولة والسلطة، خلط ورثناه على اقل تقدير بعد نهاية دولة الرسول ''صلوات الله عليه وسلامه'' في المدينة، وتمأسس عقلا ووعيا مع نهاية الدولة الراشدة، هناك في دمشق على يدي واليها معاوية بن ابي سفيان.
ففي مصر الان وفيما بعد الثورة تعاد صياغة معادلة مساواة السلطة بالدولة، بمساواة المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية، وفي احسن الحالات الجيش المصري بالدولة المصرية، ويتداول المصريون سؤالا عما اذا كان الوضع هناك انعكاسا لازمة المجلس العسكري او لازمة الجيش ودوره في الدولة، ويصار الى القفز عن كون الازمة هي ازمة ترتيب العلاقة بين الدولة والسلطة، النابعة اساسا من اعتبار الازمة برمتها هي ازمة وعي بمفهوم الدولة، وان علاجها ليس عبر وضع الجيش فوق الدولة والقانون.
وفيما يسجل لاول مرة ان الشعب المصري الذي ثار على سلطة شخص واحد لم يبق من الدولة المصرية الا ما يصلح منها لاستمرار سلطته، ينحو باتجاه تصحيح تلك العلاقة المعوجة بين الدولة والسلطة، عبر اعادة موضعة الدولة في المكان الاعلى من السلطة باعتبارها انبثاقا لاحدى ضرورات تبلور وجودها الملموس، فان بعض النخبة المصرية ترى بالعودة القهقري الى حيث استلاب السلطة مجددا للدولة.
ففيما ينقل الاعلام المصري ومتبنيا في نفس الوقت لاستهجان بعض الاعلاميين والاكاديميين من امثال حسن أبو طالب ما قيل ان ركاب ميكروباص يمنعون أحد جنود الجيش المصري من الركوب، وآخرون يهجمون على أحد الضباط في احدى صباحات القاهرة الباكرة وهو في طريقة الى وحدته، وجنود يتعرضون للسباب في وسائل المواصلات العامة، فان مثقفا من العيار الثقيل ومرشحا لانتخابات الرئاسة المقبلة مثل الدكتور محمد سليم العوا يرفض حتى مجرد الفصل بين المجلس العسكري وبين الجيش،  لان قادة المجلس هم قادة الجيش الذي يؤكد أن انكساره «هزيمة للدولة وضياع لمصر».
ولكن وفي كل الاحوال فان ما جاء به العوا وابو طالب وغيرهما كثر، ليس استثناء تاريخيا، بل هو امتداد طبيعي لفلسفة الاستبداد التي رافقت انبثاق السطة باشكالها المتنوعة عبر التاريخ الطويل، فحيث ارادت السلطة ان تهيأ لكي تكون مطلقة، او هي كذلك فانها في الحالتين تميل لتقديم نفسها في صور فوق طبيعية، في حين ان تمثلات السلطة المطلقة من قبل القائمين عليها، او الراغبين بها، توسع من دائرة تلك الصور الاسطورية لها باستخدام مصطلحات متنوعة كالهيبة والنفوذ والكاريزما، لتأمين استلاب السلطة للدولة والشعب.
وما يكون مغريا لاستعادة التجارب الاستبدادية، او يعمق من خطأ والتباس العلاقة بين الدولة والسلطة هو ما يؤكده التاريخ السياسي للسلطة، من حيث اضطرادية العلاقة بين الاستبداد وارهاب السلطة من ناحية، وبين شعبيتها وحب الناس لها من ناحية ثانية، وانه لم يسجل لغير فئات قليلة من الناس مقاومة استبداد السلطة في حياتها، في حين ان انتهاءها، يفتح الباب على مصراعيه للحديث عن جرائمها وعنفها وفسادها.
وربما الجديد الذي اتته ثورات التغيير العربية، انها تتيح ولاول مرة منذ بناء دولة ما بعد الاستقلال امكانية التفكير بصوت عال في الحدود الفاصلة بين الدولة والسلطة، كما وتتيح ايضا امكانية اعادة التفكير بفهمها لطبيعة هذه الاخيرة، على انها ليست هدفا بحد ذاتها، بقدر ما هي وسيلة او اداة لتحقيق اهداف العيش المشترك لعموم مكونات النسيج الاجتماعي، وهو وضع لم تستسغه الكثير من القوى التقليدية، وكذا الامر بالنسبة لقوى النكوص والارتداد.
وقد يكون لافتا ان يجري تدعيم فكرة استهجان مهاجمة محاولات المجلس الاعلى للجيش لاعادة انتاج سيطرته على السلطة، من قبل بعض فئات الشعب المصري، بحجج استطلاعات الرأي التي دأبت على القيام بها بعض المؤسسات الاعلامية المصرية في الاونة الاخيرة، لتأكيد فكرة ان الجيش ومجلسه الاعلى لا يكونا الا فوق الدستور كما حاولت الذهاب الى ذلك وثيقة الدكتور علي السلمي.
والقول مثلا ان استطلاعا للرأي قد جرى في توقيت ساخن إبان أحداث الاعتداء على مبنى مجلس الوزراء ومـبنى مـجلـس الـشـعب وحرق المجمع العلمي، ورفض خلاله 72 في المئة فكرة خروج المجلس العسكري من المشهد السياسي فوراً، وأصروا على استمراره في موقعه حتى انتخاب رئيس الجمهورية، بينما قال 19 في المئة إنهم مع الخروج الفوري، يؤكد سلامة موقف المجلس من استحقاقات ما بعد الثورة على سلطة نظام حسني مبارك هو قول يفتقد لابسط مقومات الحكم الموضوعي، على دوافع اندلاع الثورة، ويحشره في زاوية استغلال الجهل بمقومات السلطة الرشيدة التي غيبتها سلطات انظمة دولة ما بعد الاستقلال.
كذلك فان تأهب عدد كبير من القوى السياسية للاحتفال بالذكرى الاولى للثورة، في ظل إطلاق حملات مناوئة للجيش، واستنكار لاسلوب تعامله مع المتظاهرين ووصفه بـ"محاولات الترهيب الممنهجة"، واتهامه بالشروع في إجهاض الثورة، وأن شغله الشاغل الحفاظ على حياة الرئيس المخلوع حسني مبارك، والقول إن الذكرى الأولى للثورة ستشهد موجة غضب ثانية، للمطالبة بإسقاط حكم العسكر، مقابل رفض واسع من قبل  بعض التيارات السياسية لهذه الاطروحات، كلها مؤشرات تؤكد على عدم وضوح المساحة الفاصلة بين السلطة والدولة، وفي نفس الوقت تؤكد على اشتداد الصراع بين مختلف الاطراف لمعالجة ونصحيح العلاقة بينهما.
  ففي الوقت الذي تشير به بعض القوى السياسية المصرية الى ان الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا، تمكن دستوريا رئيس مجلس الشعب من تسلم قيادة البلاد يوم 23 يناير، وانه مع هذا التاريخ يمكن للجيش العودة الى ثكناته، خاصة وان الثورة لم تحقق شيئًا، بسبب قيام المجلس العسكري بالهيمنة عليها، ورفض الاعتراف بها من الأساس؛ لكونه من أركان النظام السابق، فان بعض القوى الاخرى ترى أن الثورة حققت تغييرًا جذريًا على المستوى السياسي، والاقتصادي، والثقافي والاجتماعي في مصر، وكان لها تأثير إستراتيجي على مستوى العالم العربي والإسلامي، وان الجيش المصري هو "الذي حمى الثورة، ورفض قتل الثوار"، مشددًا على أن المجلس العسكري "لم يكن عائقًا أمام نجاح الثورة"، فأعضاؤه بنظر العض "مشهود لهم بالوطنية.
والغريب في ان هذا الجدل حول دور الجيش او دور مجلسه الاعلى لا يدور في نطاق تحديد الاخطاء او السلبيات والايجابيات التي ارتكبها اثناء مسوؤلية تاريخية تحمل اعبائها، والتي معها يصبح التقييم تقليديا في اطار تحديد المسؤوليات ولكنه يجري ضمن رؤية وجودية للدولة، تشترط لتحققها علاقة بقاء تبادلية فيما بينها وبين السلطة، بصورة تشي بتموضع السلطة في موقع علوي بالنسبة للدولة.
وقد تستمد هذه الرؤية مشروعية طرحها من قبل اصحابها كون التاريخ السياسي يربط بين شكل سلطة ما وبين احدى المراحل التاريخية للتطور الدولة، ويؤكد ان من بين بعض التمثلات التي تفرزها السلطة تلك التي ترقى الى مستويات ايديولوجية تعلي من مكانة القائمين على السلطة عبر منظومات فكرية ترسخ القبول بهيمنة السلطة عليهم، مثل منظومات الربط بين مصيري السلطة الدولة برابط وهمي وتضليلي.
وربما الاحداث التي عاشتها كل من ليبيا واليمن وتعيشها سوريا الان، تبين النجاح الكبير لمثل تلك النظومات في اقناع قطاعات واسعة من الناس بضرورة الدفاع عن السلط القائمة باعتباره دفاعا عن وجود الدولة ككل وتاليا البقاء برمته للكيان الاجتماعي.
ولئن لم تصل الامور الى مثل هذه المستويات في مصر لاسباب تتعلق اساسا بتقاسم السلطة بين اطراف فاعلة ولم تنحصر بيد الرئيس وحده اذ انه مثل المؤسسة العسكرية، وبالتالي فان لهذه المؤسسة القبول من قبل الرئيس لكي تمثله مصلحيا في ظروف استثنائية، ولان مثل هذه الظروف بات وجودها مؤكدا فانه تم نقل السلطة من يد الى يد اخرى في نفس الجسد.
ومع التطورات اللاحقة وحيث كانت تلوح امكانية نقل السلطة الى جهة خارجية كانت يتشدد المجلس العسكري رافضا انفلات السلطة من بين يديه، وهي نفس الحالة التي لا زالت تعيشها مصر الان وعشية الاستعداد للاحتفال بالذكرى الاولى للثورة، وهي الحالة نفسها التي يعبر عنها هذا الاختلاف حول الموقف من المجلس الاعلى لا على ارضية الايجابيات والسلبيات بل في نطاق الصراع على السلطة بدفع تمثلات هذه الاخيره لدورها في ضمان استمرار الدولة التي يتبناها البعض من المثقفين

moub.ipsi@yahoo.fr

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012