ابدي أسفي وندمي واعتذر لمديري ومعلمي !

الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024

ابدي أسفي وندمي واعتذر لمديري ومعلمي !

بقلم : موفق كمال
15-09-2019 06:08 AM

عندما كنت طالبا بالثاني الثانوي بالفرع الأدبي في مدرسة معاوية بن أبي سفيان،، كنت طالبا مفتول العضلات وامارس رياضة الملاكمة،، كنت مرهوب الجانب،، وكذلك رفاقي بالدراسة، عندما كان المعلم يتمتع بآخر ما تبقى له من منزلة مرموقة في المجتمع.
كنت طالبا متنمرا ،، أثير الشغب والفوضى في الغرف وساحات المدرسة،، ولي صديقي رفيق درب يدعى موفق الزبن كان عريفا للصف،، كنا نهرب ومعنا ثلة من الشباب إلى جمعية الرملة الخيرية الواقعة على ضفة سيل الزرقاء،، نلعب طاولة التنس، ونلهو بلعبة البلياردو، وعلى صعيد الحضور والغياب في المدرسة،، فصديقنا الزين كان يتولى تزوير ورقة الغياب التي يتسلمها من إدارة المدرسة بصفته عريف للصف.
جميع المناهج المدرسية كنت أنجح فيها بسهولة، باستثناء مادة اللغة الانجليزية،، التي لم اتغيب عنها وفي نهاية العام، وجدت علامتي باللغة الإنجليزية راسبا.، وكان علي لزاما أن أقدم امتحانا بهذه المادة،، وانجح حتى اتاهل لمرحلة التوجيهي.
كان مدرس اللغة الانجليزية يدعى المعلم نمر ابو زلطة،، ويسكن في بيت مستقل في جبل رحمة بمحافظة الزرقاء ،، منزله مكون من طابق أرضي وتسوية وهي عبارة عن منزل صغير.
توجهت لزيارته في البيت بعد أن علمت أن هناك جيشا من الطلاب المكملين باللغة الإنجليزية كحالتي يدرسون 'خصوصي' عند المعلم ابو زلطة استعدادا لتقديم امتحان بالاكمال،،، وجدت المعلم ابو زلطة وقد حول منزله التسوية لغرف صفية لطلاب الخصوصي وهناك سبورة مثبتة على أحد الجدران والطلاب يجلسون أرضا،، معظمهم حضر لغايات دفع دينارين عن كل حصة المهم ان ينجح،، وهنا خطر ببالي ان أحضر الحصة الخصوصي التي تسبق الامتحان المدرسي للاكمال،، حتى اتمكن من النجاح بفضل حصة خصوصي واحدة،، بدلا من عشر حصص،، وتحظى بنصيب من علامات الدفش .
اديت الامتحان وانا على يقين أني أخفقت به،، لكن توقعت ان المعلم ابو زلطة سيزودني ببعض العلامات حتى اتمكن من النجاح،، وهنا كانت الكارثة أنه في اليوم التالي وجدت نفسي راسبا،، ضمن 36طالبا أخفقوا في الامتحان.
الويل للمعلم ابو زلطة،، هذا ما كنا نردده،، علي أن أستعيد الدنارين،، شعرت بخازوق دق في رأسي،، وكان علي ان ارد الصاع صاعين،، توجهت إلى مديرية التربية وكان أحد المسؤولين فيها يدعى عبد الفتاح البشابشة والذي يقطن بجوارنا.
توسلت اللرجل وطلبت منه المساعدة،، فطلب مني تقديم استرحام،، وطلب مني مرافقته في تقديم الاسترحام أمام مدير التربية انذاك قاسم المومني.
دخلنا سويا إلى مكتب مدير التربية المومني،، وبعد أن نظر إلى وجهي وهو ينظر بازدراء من طالب فاشل،، قررت تغيير سير المعركة،، فاجهشت بالبكاء ،، وتحدثت صارخا بأعلى صوتي ،، يا سيدي انا طالب فقير الحال ووالدي شهيد،، وما يدخل لبيتنا من مال بالكاد يكفي طعامنا،، فكيف لي ان أدفع أموالا طائلة لمعلم الإنجليزية ابو زلطة ثمن دروس خصوصية،، حتى اتمكن من النجاح.
استشاط مدير التربية غضبا،، وضرب راحة يده بالمكتب،، وطلب من جارنا البشابشة ان يكتب افادتي وتحويل مدير المدرسة الفاضل عبد السلام الفحماوي والمعلم ابو زلطة للتحقيق.
دون البشابشة افادتي واتصل بمدير المدرسة وأخبره أنه محال إلى التحقيق وكذلك المعلم ابو زلطة،، بتهمة التدريس الخصوصي.
حضر مدير المدرسة الفاضل الفحماوي إلى مديرية التربية مهرولا،، ليكتشف ان هناك شكوى بحقه من طالب فاشل ومشاغب ،، كان موقفه ضعيفا أمام الشكوى التي هزت أركانه من أحد طلابه،، حمل الشكوى وهو غاضبا ثم بصق عليها وقال لي يا هامل بتشتكي على مديرك، فأخبرته ان الشكوى ضد المعلم وليس ضده.
تدخل الجار البشابشة بعد ان أبرم صفقة لا تخطر ببال الشياطين، وهو ان ينجح جميع الطلاب الراسبين حتى يفسد الشكوى وتبقى غير منتجة،، خاصة وأن كشوفات العلامات للطلبة الراسبين لم تسلم لمديرية التربية بعد.
وافق مدير المدرسة على الصفقة وطلب برهة من الوقت ليقنع المعلم ابو زلطة، الذي ضرب بكفيه على راسه عندما أبلغ بالشكوى وضرورة إجراء التسوية لإغلاق الشكوى دون علم مدير التربية.. وان رفضه سيعرضه لعقوبة إدارية خاصة وأن هناك أسماء لشهود من طلاب درسوا 'خصوصي' في منزله وكانوا من الراسبين.
وبالفعل نجح الطلاب الفاشلون في منهاج اللغة الانجليزية،، وانتقلنا جميعا إلى مرحلة التوجيهي ،، دخلت غرفة الصف وانا أشعر بنشوة الانتصار على المعلم،، لكن بنهاية العام معظمنا رسب بالتوجيهي بسبب امتحان الإنجليزية.
اعتذر من المعلم ابو زلطة
اعتذر لمدير المدرسة الفاضل عبد السلام الفحماوي.
ابدي آسفي وندمي لإني كنت هاملا

التعليقات

1) تعليق بواسطة : المنقذ

19-09-2019 09:19 AM

الف شكر "أبو الشباب" و ارجو ان تكون مواظب على الرياضة و الفتوة من شب على شيء شاب عليه.
مضحك و مبكي في ان واحد. والله نحن الجيل الذي كنا نرتعب من المعلم احتراما و ليس خوفا خفقنا في نقل هذه الشعور النبيل لأولادنا حقيقة اشعر بالمسؤولية بعد قرأءة مقالتك لأننا شجعنا الحكومة على الاستقواء عليهم.

تنويه

تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .

الاسم :
البريد الالكتروني :
	اظهار البريد الالكتروني
التعليق :	بقي لك 300 حرف