أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


درب الحر صعبة يا ناهض
28-01-2012 11:03 AM
كل الاردن -


د. محمد تركي بني سلامة
وكأني بناهض يبحث عن وطن يخفق قلبه بحبه وهواه، دون أن يجده أو يحنو عليه، وكأن إخلاصه وحبه لهذا الوطن من طرف واحد، متعب في حبه للأردن وكأن أردنيته لعنة وعذاب، وإذا كنت أحار ولا أجد مبرراً لهذه القسوة فإن ما يثير إعجابي بناهض أنه بالرغم من هذا الإخفاق وما يترتب عليه من معاناة وألم وشعور بالإقصاء والحرمان فإنه لم يستسلم فالسوداوية والحسرة ومنابع الحزن لا تجد طريقاً إلى قلبه الهائم المتيّم في هذا الوطن.
من يعرف أبا معتز عن قرب ويتعرف على مسيرته النضالية لا يتفاجأ بسلوك ناهض العنيد ومواقفه المتشدده أو شموخه وكبريائه الوطني، فهو جريء في أفعاله إلى حد اللامعقول، صريح في أقواله ولا يبالي، ليس بالإنسان المتلوّن الذي يبدل مواقفه تبعاً لمصالحه، ليس له وجهين ولا يجيد اللعب على الحبلين، ركب المصاعب وشقي كثيراً وتعذب أكثر دون أن تلين له قناة أو يتهيب من حوادث الزمان ونوائبه.
ليس بوسع ناهض أن يلوذ بالصمت وهو يرى الانهيار المريع للإنسان وسقوطه، بعد أن أصبحت البلاد سوقاً يباع فيه بني البشر، فتجار الحروب أولاً والأوطان ثانياً والإنسان ثالثاً لا يخجلون حتى من أنفسهم، وليس لديهم ذرة من الإحساس بالمسؤولية تجاه هذا الوطن فيبادروا إلى الرحيل ليكفّروا عن عقوقهم للوطن، كيف لناهض أن يلوذ بالصمت وهو يرى بأم عينه كيف يُنحر الوطن وكيف يُقصى الشريف ويبعّد القريب ويقرّب البعيد ويمجّد الفاسد الفاسق العابث بالمال العام المتطاول على مقدرات الوطن، ويضيّق على الأحرار وأصحاب الدار، فالصمت في مثل هذه الظروف تواطؤ وخيانة وأقرب إلى أكل لحم الأخ الميت، فهل يصمت أبا المعتز أمام هذا الإلحاد السياسي والأخلاقي؟!
روى لي ناهض أنه عندما يضطر للسفر خارج البلاد سواء بدوافع العمل أو الراحة والاستجمام مع العائلة، فإنه يصاب بمرض غريب لا يشفى منه إلا بالعودة إلى الديار، فهو لا يجد أمن نفسه، وطمأنينة روحه إلا في حمى الأردن، فالأردن ملازمه في الحلم واليقظة وفي الحل والترحال، رابضاً دوماً في عروقه يحبه ويخاف عليه ويصونه صيانة البخيل لجوهرة نادرة، وإذا ضاقت به عمان وكثر بها الأفاقون، يخف إلى جلعاد في البلقاء حاضرة الأردن، فيجد فيها الأم الرؤوم التي تضمه إلى صدرها، ولو شد الرحال إلى عجلون أو شيحان أو ماء راحوب لكان موضع الحفاوة والتقدير والاحترام في كل منزل ومكان.
عملت مع أبا معتز على مشروع إعادة إحياء المؤتمر الوطني الأردني عام 1928 فوجدت فيه الإنسان الملتزم المتواضع، خفيف الروح والظل، لا يبحث عن مجد زائف أو مكاسب شخصية، فلا يقدم الوعود المعسولة، ولا يمني زملائه وأنصاره بالقصور والآنسات الحور، وإنما يرسخ لديهم القيم الوطنية والشيم الأردنية في التضحية والإيثار، وجدته طيب الكلام وعلى درجة عالية من حسن الخلق، يوحّد الجهود ويربطها بحبل قوي وهو حبل الأمل والثقة فلا مجال للإحباط أو التراجع أو الخوف، أو التردد، فمن الحزن يولد المرح ومن المطر يأتي الخصب والزرع فتورق الأشجار وتتفتح أجنة الأزهار وتروي الظمأ وتشبع الجوع وتزرع الأمل والثقة والحلم.
قاد ناهض باقتدار مشروع ثقافي وطني ضخم، وانجز بمجهود شبه فردي ما عجزت عن إنجازه مؤسسات ضخمة مسلّحة بالأموال والإمكانات وجيوش من المتنفعين القابعين في كهوف الكسل والبلادة والروتين، ولم يتغيب عن المشهد السياسي الأردني فأصبح نموذج وقدوة تستهوي الكثير من الشيوخ والشباب من الرجال والنساء من رواد العمل الوطني الجاد، يجد التأييد الكامل في نفوس الحراثين وأبناء البادية وسكان المدينة الناقمين على الرأسمالية المتوحشة والليبرالية المخادعة، فقد سئم الناس كل هذه النظريات المفلّسة.
أما اللذين يغيظهم ويرفع ضغطهم ويمزق أعصابهم كتابات وأفكار ناهض فلا يترددوا أن يقولوا فيه ما لم يقله مالك في الخمر، فإننا نبتسم لهم ولسان حالنا يقول: يحق لناهض أن ينفرد بالفخر بأن سقفه هو الأعلى، فليقل ما يشاء، وليس من الضرورة أن تكون كل آرائه واجتهاداته صائبة، ولكن لا نريده أن يكسر حدته أو يتراجع قيد أنملة عن مبادئه وقناعاته، وأن يبقى كعهدنا به كله عزيمة وثبات وحب وإيمان وصلاة مكرساً جهده في سبيل عظمة الأردن ومجده العظيم.
إن أبا معتز الذي عُذب واعتقل وتعرض لمحاولة اغتيال كان على أثرها بينه وبين الموت شعره، ونُفي عاماً إلى بيروت، وفقد وظيفته مراراً ولا زال لديه كل هذه الطاقات وهذا العطاء وهذا الحب الوحشي للأردن، فإن لديه ألف عذر في كل ما يبوح به وفي تعصّبه للأردن، وإذا كان متطرفاً في حبه للأردن فليس ذلك إلا لأن الطرف الآخر متطرفاً في تآمره على الأردن.
وخلاصة ما أريد أن أقوله أن ناهض حتر الزعيم الوطني النبيل الكبير الإنسان قد اختار طريقه بنفسه وهو يجد سعادة لا تضاهيها سعادة في أن يدفع من لحمه سداداً لدين الحرية والكرامة والمروءة والرجولة والشرف، ولو اختار أبا معتز طريقاً غير الذي سلك، فإنه لن يرضى عن نفسه، فاختار ما اختار، وطريق الحر صعبة وشاقة ومرة ولكن ما يبعث فيها الحلاوة أنها يتجاوز فيها الإنسان ذاته وزمانه ومكانه، فإذا لم يزيد المرء في هذه الحياة شيئاً جديداً فإنه بلا شك عبئاً وزيادةً عليها.
سنستأنف مسيرتنا المباركة برفقة أبا المعتز، نشد أزره وندفع عنه كل ضلالة أو حيف يلحق به، ونترقب كتاباته بلهفة وشوق، فنحن شركاء في المسيرة والمصير في الهم والحلم سواء بسواء فنحن حددنا موقفنا بكل وضوح وأمانة وصدق وصراحة بما يرضي الله والضمير ويلبي طموحات الأجيال المستقبلية.
أخي أبا المعتز، لك منا محبة لا تنقضي ووفاء لا يحول، وندعو الله أن يصونك ويرعاك ويوفقك لخدمة الوطن والعرش الهاشمي وأمة العرب.
وختاماً فإن هناك أموراً عديدة في فكر وشخصية ومسيرة وأسلوب عمل ناهض حتر لم يتح لكاتب هذه السطور أن يتناولها في هذه المقالة السريعة، ولكن نأمل العودة إليها في قادم الأيام بإذن الله.
  

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-01-2012 12:22 PM

ناهض كاتب متالق وصاحب فكر ولكن اذا كان الثناء ياتي من اقلام مسمومة فالامر هنا يحتاج الى مراجعة لااظن ان ناهض يقبل بتلك الزايدات ولا تلك الترهات على ابسط توصيف فالشمس لاتغطى بغربال

2) تعليق بواسطة :
28-01-2012 02:23 PM

ناهض حتر الكاتب ( الذهبي)

3) تعليق بواسطة :
28-01-2012 02:29 PM

مع اني لا احب عبادة الشخصية والتزلم والتزلف لاي كان فانني لا استطيع الا ان اتفق مع الكاتب العزيز حيث انني من متابعي ناهض حتر منذ البدايات وفي زمن الميثاق الصحيفة الملتزمه المقاتله الى البنك الاهلي واللجنه الثقافيه والمطبوعات الاردنيه التي اصدرها البنك وبتوجيه وتخطيط من حتر الى العرب اليوم وكل الاردن الحزب الشيوعي واليسار الاجتماعي وو ناهض رجل بالف رجل غزير الانتاج محاور ومجادل ومناضل عنيد

4) تعليق بواسطة :
28-01-2012 03:50 PM

الانسات الحور من اختصاصك انت يا د محمد

5) تعليق بواسطة :
28-01-2012 06:26 PM

اقل ما يقال بناهض بانه هو الاردن ولهذا لن يتنازل عن ذرة منه ولم و لن يسمح لأي حرامي من سرقة اي جزء منه ولا ولن يقبل ان يداس تراب الاردن
وبناءا عليه تجده يتكلم بأسن كل اردني شريف وله كل الجعم من كل اردني حر.

6) تعليق بواسطة :
28-01-2012 08:12 PM

الا تلاحظ بأنك حاقد وساخط لا لشيئ الا لأنك تدرك تماما أن كل كلمة وردت في المقال انما هي نابعة من قلم صادق وقلب عامر بحب هذا الوطن ومثلك لم يشعر أبدا بهكذا شعور، فكل أفكارك منصبة على النيل من كل كبير وعزيز ونقي في هذا الوطن عامة ولواء الكورة خاصة لاعتبارات أنت تعرفها جيدا

7) تعليق بواسطة :
28-01-2012 08:18 PM

لا أدري مالذي أغاضك في المقال؟ ربما لأنك لم تتعود على قراءة أي شئ يكتب بصدق أم أن غايتك التجريح والكلام السفيه؟ وعن أية أقلام مسمومة تتحدث ؟ عودنا كاتب المقال ومن كتب فيه على كل ما هو جميل بحق هذا الوطن وانسانه الأردني الأبي فأين السم ؟ انه في جوفك لا غير

8) تعليق بواسطة :
28-01-2012 11:36 PM

أستطاع هذا الرجل أن يحقن جزء كبير من الشباب بمشروعه في مقاومة فتح ومخططها الداعي الى شطب الهويه الأردنيه عبر أعادة أنتاج وصفي التل وهزاع المجالي ...ونجح في ذلك منتصف التسعينات حين أعاد أحياء تراث وصفي التل وألف فيه وكتب الكثير عنه ...وهذا ما أزعج المؤسسة الرسمية منه كونها كانت تريد طمس هذا التاريخ في ذلك الوقت

لماذا يكره النظام والمؤسسة الرسميه التعاطي مع ناهض حتر ؟ ستستغربون أذا قلت لكم أن حتر لم تتم دعوته ألى أي وليمة مع الملك وكان ممنوعا من لقاءات رؤساء الوزرارت ..والسبب أن النظام السياسي الأردني اقنع أو تم أقناعه عبر حاشية .... غير مستنيره بضرورة أقصاء هذا الشخص لأن النظام نفسه لايحتاج لنموذج المفكر أو المتنور ولأن تقديم ناهض حتر يعني أقصاء النخب الفلسطينيه في الأعلام والسياسه ومن رسخ هذا المفهوم وقاتل من أجله هو أيمن الصفدي بالدرجة الأولى وباسم عوض الله ....اذا نجح الخط الفتحاوي المرتبط بعباس ومليشياته والخط المالي المتمثل بطاهر وصبيح المرتبط ماليا بعباس ومليشياته في تشويه صورة كل من يدعوا الى الحفاظ على الهويه الوطنيه الجامعه ...وكان ناهض أول الضحايا .

9) تعليق بواسطة :
28-01-2012 11:39 PM

أن خطأ النظام السياسي الأردن الان أنه نظر للتجربه التونسيه من زاوية راشد الغنوشي وبروز الأسلاميين ونسي شخصية المنصف المرزوقي القريبه من شخصية ناهض حتر ...من شخصية المفكر اليساري الذي لايتناقض فكره أبدا مع الحفاظ على الهويه الوطنيه وعدم تميعها ...في النهايه الذي حسم الأمر هو المرزوقي وليس الاسلاميين فهم حاله عابره في مجتمع سيجربهم ولكنه سينقلب عليهم ..بمعنى أخر أن المجتمع التونسي سيتحالف في النهايه مع شخصيات فكريه وطنيه غير مرتبطه في المشروع الأمريكي بالمنطقه .

المستقبل في الربيع العربي لن يكون للأحزاب بل للشخصيات التوافقيه ..وعلى النظام الأردني الان أن يحتضن شخصيه بحجم ناهض حتر ..ويحتضن كل متنور أردني ..وأحتضانه لهم هو أبعادهم عن مرحلة قادمه خطيره ..ستؤدي بهم الى بحث مستقبل الأردن مع جهات عربيه وأجنبيه دون مرجعية النظام نفسه...

هل سيصحوا النظام على هذا الواقع ؟ ..الشرق أردني بطبعه شرس ومقاتل وعنيد ..واذا اصر الحكم على خياره الحالي فربما سنصل ألى هذه النتيجه الخطيره ...وهي بحث مستقبل الدوله داخليا وخارجيا دون مرجعية النظام نفسه ..خصوصا أن أطرافا عربيه وأقليميه وأخرى دوليه عيونها مفتوحة على عمان ....وشهيتها مفتوحة ايضا

10) تعليق بواسطة :
29-01-2012 04:02 AM

There was a time when I respected Mr. Hattar, however, I think Mr. Hattar has sunken really low by defending the regime in Syria. Anybody with the least meaningful understanding of freedom will not stand beside the regime in Syria. Then about a week or two ago, Mr. Hattar wrote an article describing the need for concurrent imprisonment of the heads of corruption in Jordan, he I think used terms like "in one night go and arrest all of them" and then he later advocated using torture with them to make them confess to their crimes. When I read that I was very disappointed, not that I don't want justice be brought to the heads of corruption in Jordan, but because of the methods advocated by Mr. Hattar. Freedom has one face and anybody who preach torture has no idea what freedom is. Finally, this whole article about Mr. Hattar is full of exaggerations. Mr. Hattar is neighter Marx nor Engels

11) تعليق بواسطة :
29-01-2012 01:33 PM

كنت قبل أن أقرأ المقال لم اـناول الكثير من مقالات حتر ولني عدت وقرأت الكثير من كتابااته والذي جعلني كذلك ما طرح من حول حتر ووجدت أن الرجل يستحق أكثر من ذلك ففي وقت باتت فيه المواطنة وحب الوطن اتهام نجد الرجل يكتب بكل إخلاص عن معاناة البلد وما يحاك حولة من وطن بديل ومن لعبة الاسلاميين والتي تآمرت مع ممن تآمر ع الوطن للخروج بأكبر مكاسب ع حساب الوطن والمواطن ومسألة الوطن البديل وقانون الانتخاب الذي تريه الجماعة لتنفيذ مخططاتها من الوطن وأنت يا دكتور تعرف رأيي تماما حول الأخوان ,انا استغرب من المريض المساعدة دائما منور يا دكتور

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012