أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


هاجس المغامرة والنزهة شرق الفرات

بقلم : حازم عياد
11-10-2019 04:41 AM

ليست مغامرة ولكنها بالتأكيد ليست نزهة؛ ذلك ان العملية العسكرية التركية شرق الفرات جاءت بعد تردد طويل وحسابات ومناورات معقدة فهي ليست قرارا اتخذ في ساعات وايام بل احتاج لأشهر والكثير من عمليات التموضع وبناء التحالفات.
الحسابات التركية دقيقة جاءت بعد عمليات تأجيل طويلة امتدت لأشهر اجرت خلالها تركيا مراجعات مطولة لخطة عملياتها واعادة تقييم لتحالفاتها وسياساتها الاقليمية بل لحسابات العملية الدقيقة والتفصيلية؛ فكل عملية تأجيل انما جاءت لأسباب موضوعية وهواجس وحسابات مقلقة بأن تتحول العملية الى مستنقع ومغامرة مكلفة.
في الوقت ذاته ليست نزهة فالانفصاليون الاكراد يملكون نزعة قومية وايدولوجية قوية ما يجعل منهم خصوما شرسين بما يملكون من اسلحة متطورة قدمتها الولايات المتحدة؛ غير انهم فقدوا المظلة الامريكية والروسية والايرانية وفقدوا الجار العراقي وباتوا معزولين من ناحية عسكرية وسياسية.
روسيا ترى في العملية مصلحة كبرى اذ انها تخنق النفوذ الامريكي في سوريا وتقدم لها هامشا واسعا للحركة لترتيب وهندسة المشهد السوري بما يتناسب مع مصالحها ويتوافق مع شراكتها السياسية والاقتصادية مع تركيا؛ بل ان العملية العسكرية من حيث الاخراج والسيناريو تقدم دليلا عمليا على مخاطر التحالف مع الولايات المتحدة الامريكية؛ فموسكو ستتحول الى لاعب اساسي وحليف موثوق يمكن ان يسهم في اعادة ترتيب الاوضاع شمال سوريا بالتعاون مع تركيا والنظام السوري وايران.
ايران من ناحيتها ترى في العملية إضعافا ان لم يكن نهاية للنفوذ الامريكي؛ ودليلا على عدم وفاء الحليف الامريكي لأصدقائه وهذا ما قاله الامين العام لحزب الله حسن نصر الله مؤخرا.
العراق حكومة سواء كان الحكومة المركزية او زعماء اقليم كردستان باستثناء مسعود برزاني يرون انهاء الحالة الانفصالية شمال سوريا بداية لحقبة من الاستقرار؛ فالاقليم المتمرد شرق الفرات يمثل عبئا امنيا لا على العراق وحكومة المركز في بغداد فقط بل على اقليم كردستان اذ يمثل الانفصاليون شرق الفرات تحديا للزعامة التقليدية في العراق وسببا في مزاودات سياسية تتجاهل الحقائق الاقتصادية التي تربط كردستان العراق بتركيا؛ فحزب العمال الكردستاني وافرعه عنصر معيق لتطوير العلاقات الاقتصادية مع انقرة.
الاوروبيون وعلى رأسهم الالمان الذين فقدوا حضورهم في سوريا منذ اكثر من عشرة اشهر ولم يعودوا فاعلين او قادرين على التأثير في المشهد السياسي التركي الداخلي او المشهد السياسي والامني في العراق وسوريا باتوا معنيين اكثر بالاستقرار خصوصا مع تواتر الانباء عن اعادة توطين اللاجئين شمال سوريا.
لم يتبق من المعادلة الا الكيان الاسرائيلي الذي اطلقت ماكنته الاعلامية وعلى نحو غير مسبوق هجوما شرسا على حليف الكيان المخلص الرئيس الامريكي دونالد ترمب الى حد وصفه بــ»الوقح»؛ لعدم استشارته الكيان وقادته في قراره الانسحاب من سوريا، واعطائه الضوء الاخضر لتركيا دون تنسيق مع الكيان الاسرائيلي المشغول بالانتخابات ونتائجها والحكومة وتشكيلها؛ امتعاض واستياء عبر عنه قائد اركان الجيش الاسرائيلي افيف كوخافي اثناء احياء ذكرى قتلى سلاح المظليين؛ اذ اكد كوخافي ان نشاط اسرائيل داخل الاراضي السورية سيستمر عند الحاجة والضرورة علما بأن إضعاف النفوذ الامريكي سيضعف قدرة الكيان على شن هجمات داخل الاراضي السورية.
على كل الأحوال يبدو الخاسر الاكبر من العملية التركية الكيان الاسرائيلي في حين ان المستفيدين من العملية كثر الروس والايرانيون والنظام السوري والمعارضة السورية المعتدلة والعراق واقليم كردستان وتركيا وكذلك امريكا التي ستخرج من مستنقع حقيقي؛ ليبقى الخاسر الاكبر والوحيد حتى اللحظة الكيان الاسرائيلي. السبيل

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012