05-02-2012 08:35 AM
كل الاردن -
أحمد الحاج محمود الحياري
ذلك مقال سطحي حاول الكاتب ياسر أبو هلالة فيه أن يفرض الدمج التعسفي بين كل المتقاعدين العسكريين وبين حزب المؤتمر الوطني وطفل صغير يمكنه أن يدرك الخبل في طريقة التفكير والحوار والطرح ، فليس كل متقاعد عسكري عضوا في حزب المؤتمر الوطني وليس كل عضو في الحزب متقاعد عسكري ، ولكن ما لم يتجرأ لا د.ارحيل الغرايبة ولا ياسر أبو هلالة على الشعور بوخز شوكته هو شرط العضوية بأن يكون المنتسب للحزب أردنيا حصل على الجنسية الأردنية قبل فك الارتباط.
وبصراحة فإن هذا الشرط هو ما يجعلني أتردد في مناصرة حزب المؤتمر الوطني المنبثق عن هيئة مثقفة وواعية من المتقاعدين العسكريين ، وذلك لأنني أحمل فكرة أن الفلسطيني ابن فلسطين فرض عين عليه - وهذه قناعتي - أن لا يتخلى عن إعلان أنه فلسطيني أولا مهما كانت جنسيته في أي بلد في العالم ، وإن أي فلسطيني يقول إنه أردني أولا ، أو أمريكي أولا أو سعودي أولا ، هو خائن لقضية فلسطين ، فكيف تكون قضية إن لم يكن هناك شعب ؟؟؟؟؟ وكيف تبقى قضية إن تخلى عن حمل هويتها شعبها .. حتى لو واحد منهم تخلى عن حمل هويتها هوية فلسطينية أولا مهما كانت جنسيته فإنه خائن للقضية.
ما كان برأيي المتواضع لزاما على مؤسسي حزب المؤتمر الوطني إن يتقدموا على الدولة ومثقفيها العاجزين فيقدمون تنظيرا منسجما مع الدين والكفاح والقضية الفلسطينية والهوية الوطنية الأردنية بدون أي تناقض فيما بين هذه كلها وذلك بالمطالبة بالسماح لجميع الفلسطينيين الذي يعيشون في الأردن بحمل هويتهم الفلسطينية أولا ، وعدم خلطها بالجنسية الأردنية.
أما حصر الانتماء على فك الارتباط ، فإن فك الارتباط أصلا مرتبط بالمشروع الصهيوني ، ومن وجهة نظري فإن الفلسطيني الذي ولد في الأردن قبل استقلال الأردن وعاش فيها وأولاده هم فقط من يحق لهم أن يحملوا الوطنية الأردنية بدون فرضية الانتماء للوطن الفلسطيني لأن مواطنتهم في الأردن سبقت احتلال الصهاينة لفلسطين فهم ليسوا الشعب الذي تم احتلاله .
والله تعالى يقول فيما ينطبق على الصهاينة المحتلين ومن يقف معهم داخل فلسطين ضد التحرر والجهاد " واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل " وفي آية أخرى من سورة البقرة " والفتنة أكبر من القتل ، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا "
فالتنظير الفكري الإسلامي في العلاقة بين الوطن والانتماء العقدي للإسلام وأهله ، ليس مسألة معاصرة بل خاض فيها العلماء وطرحوها ، وأهل الأوطان ينطبق عليهم واجب وفروض أكثر ممن حولهم حين يتعرض وطنهم للاحتلال من العدو الكافر - فكيف إن كان العدو الكافر عدوا للدين وصهيونيا يخطط لاجتثاث كل أثر للدين وأهله ؟
المؤسف أن مسألة المواطنة الفلسطينية وعلاقتها بالجهاد لا يتم طرحها من قبل الحركة الإسلامية الأردنية ، بل بالعكس يتم الهروب منها .. ذلك أن طبيعة عمل الحركات الإسلامية في الأردن طبيعة تتصرف خارج حدود الوطن ، بل تعتبر الوطن الأردني محطة قوافل لتغذية الحركات الإسلامية المحيطة في الأوطان الأخرى أكثر مما تربي وتقوم بترسيخ مباديء الوطنية الأردنية للمسلمين الأردنيين في حراكها الإسلامي .. فالحركة الإسلامية الأردنية ككل حركة أممية أكثر منها وطنية ، وتستمد رسوخها وأفكارها الإجرائية في الحياة اليومية من النسيج الأممي لا بطريقة ترسيخ مفهوم الوطنية الإسلامي ، بل بطريقة هتك هذا المفهوم وتمييعه ، بحيث لا يحس الأخ المسلم بأنه مسلم مواطن أردني عليه واجبات وطنية أكثر مما يحس بأنه مسلم مناصر لقضايا المسلمين والأردن محطة لتلك المناصرة.
ففي حين أنار القرآن الكريم قلوب المؤمنين حتى في مفهوم النفقة " يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى .. " فقد جعل الله أولوية الوالدين ثم الأقربين على اليتامى .. وأهل الوطن دوما ونظام الوطن وأمن الوطن هو الأولى بالترسيخ والتثببت ، بينما نجد الأكارم من الحركات الإسلامية بدلا من تدعيم نسيج جسد الوطن الواحد أمام القوى الخارجية يدعون للحوار مع القوى الخارجية ولا يخفى أن أمريكا تستغل حوارها وتفاهماتها بالنتيجة للضغط على النظام الأردني لتقبل شروط أكثر وتعليمات أكثر بما تملك أمريكا من تفاهمات مع قوى التشرذم داخل الأردن التي كان من واجب الوطنية الواحدة عليها أن لا تقبل الحوار مع أي طرف خارجي حتى ولو كان ذلك الطرف يملك الضغط على النظام والدولة ... لأن مثل هذا سيضعف نسيج الوطن حتما.
المتقاعدون .. أو حزب المؤتمر الوطني ، كان عليه أن يرسخ مفهوم الوطنية الأردنية بحدود الاستقلال الأردني عام 1946 أي قبل إكمال احتلال الصهاينة لفلسطين 1948 وأن يجعل مرجعية الاستقلال الأردني للتفريق بين الأردني والفليطيني هي مرجعية الارتباط مع الضفة الغربية ،
وحين يتم ترسيح مفهوم من هو المواطن الأردني ، يظهر بكل بساطة مبدأ إعلان هوية الفلسطيني داخل الأردن وتشجيعه على حمل هذه الهوية بل ومطالبة القيادات الفلسطينية بالسماح لهم بالانتخاب والترشح ، واعتبار وجود الفلسطينيين في الأردن وجود مؤقت حتى تحرير الأرض أو الوصول للحل السلمي بخصوصها ، فيما يظل على حزب المؤتمر الوطني من وجهة نظري عدم المطالبة بحرمان أي فلسطيني من أية امتيازات وحقوق هي واجبة على كل أردني لتمكين الفلسطينيين من حمل هويتهم الفلسطينية بحرية وافتخار وكرامة وشرف ، وتسهيل سبل حياتهم دون خلط مع الهوية الأردنية .
النتيجة التطبيقية ستكون تحويل كل المظاهر الخادعة التي عشناها في الأردن في طريقة ترسيخ ازدواج الهوية وطريقة إحراج الفلسطيني بأن جنسيته الأردنية تعني أن الأردن أولا ؟؟؟ وكأنه طلب له لنسيان فلسطين والقضية بل هو طلب أن يخون أمانة وطنه الأم ، هذه الطريقة في الحياة اليومية الأردنية سببت داخل الأردن شرخا في مفهوم الهوية الوطنية بطريقة الازدواج الخبيث بين هويتين منفصلتين لترسيخ أهداف تحويل الأردن للوطن البديل ، وعليه فإن ترسيخ مبدأ فصل الهويتين داخل الأردن بمرجعية تاريخ استقلال الأردن سيجعل من مظاهر كثيرة مثل دواوين القرى الفلسطينية والعائلات الفلسطينية المنتشرة في كل مدن الأردن دواوين فلسطينية اسما على مسمى ، لكنها حاليا في الظاهر أردنية وفي الباطن فلسطينية لا تعترف بالأردن وطنا وإنما محطة انتقال - وهي حقيقة يجب أن يتم تثبيتها عمليا وقانونيا لتكوين انسجام بين الواقع والمبدأ .. فلا يمكن لأي دولة في العالم حرمان انتماء الفلسطيني لوطنه وقضيته ..
وبالتالي يصبح نادي الوحدات ليس ناديا أردنيا ، وإنما ناد فلسطيني تم السماح له بالنشاط في الأردن ولا يشارك في المباريات الأردنية وإنما يشارك في مباريات المنتخبات الفلسطينية وأعضاؤه من الفلسطينيين لاعبين فلسطينيين وليسوا أردنيين وإن كانوا يحملون الهوية الأردنية المؤقتة ويتمتعون بكل امتيازات الأردني .. لكن جنسية اللاعب فلسطيني.
الكل لاحظ الإحراج الذي تعرض له فلسطيني يحمل الجنسية الأردنية في برنامج اجتماعي حيث أعلن هويته الفلسطينية ، إن هذا الفلسطيني يشرف الأردنيين والفلسطينيين لأنها ليست مشكلته أنهم في الأردن يريدون فرض الجنسية الأردنية والهوية الأردنية عليه ، بل يجب على النظام والحكومة الأردنية ترسيخ هوية الفلسطيني وفصلها عن الهوية الأردنية بمرجعية تاريخ استقلال الأردن حفاظا على الوطنين الفلسطيني حيث لا قضية بلا شعب / والأردني حيث يترسخ مفهوم الوطنية الأردني باستقلالية تامة عن مفهوم الوطنية الفلسطينية للفلسطينيين سواء داخل أو خارج فلسطين.
أتمنى أن يعيد حزب المؤتمر الوطني المنبثق عن نخبة من المتقاعدين العسكريين تنظيره الفكري والسياسي لمفهوم وشروط انتساب الأعضاء .. وربما يكون شرط 1988 مقدمة فإن أي حزب آخر لم يطرح مثل هذه الشروط من قبل.
osamaalhiyari@gmail.com