أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


لا نقول عنهم عملاء

بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
23-01-2020 03:44 AM

أن يتولى الإدارة شخص لا يتمتع بكفاءة قد يكون خطأ يستوجب إصلاحا، لكن إن تم التجاوز عن المسؤول الذي جاء بهذا الشخص غير المناسب، فتلك بحق الشعوب المحترمة جريمة، وقد قيل لنا كثيرا عن أحد العملاء الذين كانت وظيفتهم في الدولة المعادية تتلخص في الوصول الى موقع ما من المسؤولية الادارية، ليقوم بعمل واحد، وهو «وضع الرجل غير المناسب في موقع إداري لا يستحقه ولا يفهم فيه شيئا، ويحكم ويرسم في الادارة على غير هدى وبغير معرفة»، حيث قيل بأنه عميل ألماني في زمن هتلر، تم زرعه في الحكومة الديغولية الفرنسية المعادية لألمانيا، وقيل بأنه عميل أمريكي تم زرعه في الإتحاد السوفيتي أيام الحرب الباردة، وبغض النظر عن دقة المعلومة إلا أن الرواية تتقصى حجم الخراب الذي يحل بالدول التي لا تختار قيادات مناسبة تدير شؤونها.
هل أصبح الحديث عن عدم وجود قيادات سياسية وادارية في مؤسساتنا «موضة»؟ يحدثك به مسؤول قد يكون من نفس العلبة، تماما كما يحدثك فاسد عن مكافحة الفساد، إنه حديث يعتبره بعضهم تنويريا قابلا للاجترار من كل الألسنة المتذاكية أو التي ما زالت تتلعثم بالسياسة والإدارة، وتحبو على طريق الوطنية رجوعا الى الخلف.
قبل أيام استقال أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور «البروفوسور» عاهد الوهادنة، بعد أن أمضى مع ثلاث حكومات في الموقع، قدم فيها جميلا، لكنه خسر كثيرا، أعني على الصعيد المادي، حيث فقد كأكاديمي كافة امتيازاته وحوافزه باعتباره أستاذا جامعيا ونائبا لرئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا، وقد التقيته 3 مرات خلال سنواته الثلاث في الوزارة، إحداها لإجراء مقابلة إذاعية والثانية عارضة، اقتسمت معه رغيف خبز بالزعتر، والثالثة حين زرت الوزارة قبل أيام، فأخبرني بأنه سيترك الموقع فهو أصبح يعاني أزمات مالية بسببه، وأنه سيفقد كافة الاستحقاقات والمكتسبات الخاصة به كأكاديمي حاصل على شهادات متفوقة في مجال طب الأسنان، وأن قرار استقالته لا عودة عنه، رغم أنه قدم جميلا مقارنة بأقرانه الكثر في الوزارات الأخرى، ومع هذا وجدنا بعض الأحاديث الشيطانية التي تطل علينا، بسحابة من التشكيك وإفقاد الناس الثقة بكل جميل، وافتئاتا على رجال صدقوا وأنجزوا، حيث قيلت روايات عن «إقالة» الدكتور الوهادنة وليس استقالته..!.
ليس الوهادنة هو موضوع هذه المقالة إنما نحن، فكلنا شركاء في الخطأ حين نصمت عن هذا الظلم للناس وللدولة ومؤسساتها، بصمتنا عن «مرضى الكلام ومزاعمهم المحسوبة على الإعلام»، يخرج على أقرانه بأحاديث إفك عن مسؤولين محترمين، وتتم مصادرة إنجازاتهم، بينما يطبق الصمت من الجميع عن آخرين لا يستحقون وظيفة عادية في المؤسسات التي يتولون إدارتها!.
أينما تولوا وجوهكم ستجدون منطقا أعوج، مسكوتا عنه، الى الدرجة التي تجعلك تعتقد بأن بعض المؤسسات تعرضت لغزو خارجي، وتمت عملية اختطاف لها وللأهداف الوطنية والقانونية التي أوجدت هذه المؤسسات، وقد حذرنا دوما من فقدان الناس لتلك العلاقة من الثقة بالدولة ومؤسساتها وخطابها الوطني، بسبب التخلي عن الكفاءات الوطنية في إدارة الشأن العام، وها نحن اليوم ندفع الثمن معنويا وسياسيا واقتصاديا، ونمر بأزمات نفقد معها حتى الأمل بالإصلاح بل الثبات والاستقرار.
قد نقبل بتكنوقراط يدير بعض شؤوننا العامة، لكننا يجب أن نحذر من غياب الخبرة والمبادىء الوطنية عن ذهنية هؤلاء، لأن ضرائب أدائهم الجاف يدفعها وطن شعبه مستعد للتضحية بكل شيء ليبقى صامدا حرا كريما عزيزا.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012