20-02-2012 08:00 AM
كل الاردن -
إبراهيم الأسعد الداود
صليت الظهر في إحدى مساجد عمان وقصدت متجها نحو (دوار المعلمين) أو ماكان يعرف قديما بالدوار الرابع
وعلى باب المسجد الخارجي وجدت فتاة تبدو في الخامسة والعشرين وترتدي هنداما محتشما وأنيقا , ضننتها سيدة تنتظر زوجها , فما أن رأت خروج المصلين حتى بدأت تعرض على كرسي استعارته من المسجد بضاعة أخرجتها من حقيبتها اليدوية ( أصابع حلوى, قطع بسكويت وشوكولاة, وبعض العلكة... كدت أسقط من هول الصدمة,... كظمت ذلك في صدري وقلت في نفسي : زملائي ينتظرونني في ميدان الاعتصام ,.... أكثر من خمسة عشر ألف معلم اعتصموا هناك .....توحدوا في لوحة جميلة من الشمال ومن الجنوب ومن الغرب ومن الشرق تعلوا هاماتهم جميعا راية خفاقة , مطلبهم واحد كرامة للمعلم كي يبني جيلا قويا للوطن,,,سمعت أصواتهم النييورك تايمز الأمريكية والاندبندت البريطانية وصحف الشرق والغرب .., لكن لم تتمكن حكومتهم من سماع صوت العقل رغم أنها كانت تقبع مجتمعة على بضعة أمتار منهم , فهي لاتملك سوى أذانا صماء , وجنودا(الدرك) للوطن أوفياء أرعبها وقفتهم بكل كبرياء مع المعلم ومشاركتهم صلاته وماءه, ولربما راهنت على التشاحن والتصادم بينهما, ....عدت إلى مدينتي .......في طريق العودة قطع الطريق من أمام سيارتنا المسرعة رجل في الستين يحمل كنزا (صندوقا خشبيا مهلهل) على ظهره , وجده على جانب الطريق واخذ يحري به ليدرك أبناءه الذين يرتجفون بردا فيشعل لهم به النار, وقد كاد أن يموت فداءا لذلك الكنز العظيم !!, وصلت البيت وفتحت التلفاز وقلت لعل الحكومة الصماء قد فتحت آذانها لعودة الأبناء إلى مدارسهم وستعلن القرار الآن .......تقرير خاص يعرض عن اللقطاء وخريجوا دور الأيتام , تلتقطهم الحكومة صغارا ثم تشردهم كبارا فبعد أن يبلغوا الثامنة عشرة لايعود لهم مكان في تلك الدار, لتجد أن الحكومة قد صدرت للمجتمع مشاكل اكبر من التي ادعت أنها تعالجها . فالطفلة اللقيطة ستبصح أما لعدد من اللقطاء والشاب اللقيط سيصبح مجرما أو متسولا أو مدمنا ,, وماذا أيضا ياسادتي الكرام ...تذكرت ذلك الرجل في الخامسة والستين يدفع عربة لحمل الخضار مقابل دريهمات ... أو تلك المرأة المسنة التي جلست وسط السوق من أول النهار إلى آخرة كي تبيع حزمة من الحشائش لايتجاوز ثمنها دينار , لعلها تسهم في سد رمق بنيات وأطفال قد فاتهم قطار الرعاية والتنشئة وقطار التعليم ,
وجدت نفسي بعد ذلك كله إنسان أناني , حراكي لم يكن إلا لنفسي مهنتي ووظيفتي وراتبي,,,,ومن لهولاء؟؟
من لتلك الفتاة اليافعة وذلك الشيخ الهرم وتلك العجوز المسنة ومن لذلك الطفل الذي تعرض للضرب والقمع والاغتصاب والتنكيل , لان ليس له أب أو احد يحميه
ووجدت نفسي أيضا قد أخطأت في تقديري بأن تلك الحكومة يرأسها قاضي وستكون نزيهة , فهي لم تقم بإزالة التشوهات بين الموظفين في المؤسسات المستقلة والمؤسسات الحكومية بل زادت البله طينا عندما منحت منتسبوا تلك المؤسسات اقدمية سنتين في الترفيع ,
لذلك ..........قررت .............اعتزال ..............حراك المعلمين
اجل قررت اعتزال حراك المعلمين كحراك يخصني , ........................لكنني سأشترك فيه نصرة للمعلم ونصرة للتعليم وسأشترك في كل حراكات وميادين الإصلاح , فحكومة تاتي بطريقة التعيين لن تنجز شيئا للوطن ولا للمواطنين , ومن لايملك قرار نفسه لايملك قرارا للآخرين ولانريد إعادة الكرة مرتين ...فلا.............. لحكومة التعيين
لذا يادولة الرئيس ستجدني معتزلا حراكا ضيقا للمعلمين وستجدني مشتركا ومعتصما ...............في حراكات كل الميادين