أضف إلى المفضلة
الخميس , 28 آذار/مارس 2024
الخميس , 28 آذار/مارس 2024


17 عاما على استشهادها: حكاية المناضلة الشهيدة راشيل كوري”حمامة اولمبيا”

بقلم : نواف الزرو
13-03-2020 02:31 AM

أعادت مشاهد تمثيل جرافة صهيونية بجثة الشهيد الفلسطيني محمد الناعم، إلى أذهان الفلسطينيين آلاف المشاهد التي اقترفتها قوات الاحتلال ببشاعة وقذارة، والتي كان أبرزها إعدام المتضامنة الأمريكية راشيل كوري عند محاولتها التصدي لجرافة عسكرية صهيونية كانت تهدم مباني مدنية لفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزّة عام 2003.
فما هي حكاية راشيل إذن…؟!
هي حكاية فتاة انسانة متضامنة مقاتلة من اجل القيم الانسانية وحقوق الشعوب…
هي حكاية فتاة أمريكية جاءت من وراء البحار وعبرت آلاف الأميال لكي تتضامن مع شعب قرأت وسمعت عنه، وشاهدت صورا عنه، إلا أنها قررت ان تقترب منه وأن تتعرف عليه وتعيش في وسطه، لتتعرف على الحقيقة العارية عن كثب وعلى ارض فلسطين هناك.
هي حكاية فتاة جميلة ولدت لأسرة يهودية أمريكية في العاشر من أبريل نيسان سنة 1979، نشأت وترعرت في أولومبيا بواشنطن، وتخرجت من مدرسة العاصمة لتلتحق بكلية الدولة الخضراء في نفس المدينة، وعملت كمتطوعة في سلك الخدمة المدنية بالدولة لمدة ثلاث سنوات، لتنضم لاحقاً الى حركة التضامن العالمية لدعم القضية الفلسطينية ضمن مشروع المدينة الشقيقة بين أولومبيا ورفح وبرنامج المراسلة بين الأطفال في كِلا المدينتين.
طارت الى الضفة الغربية في الثاني والعشرين من يناير كانون الثاني سنة 2003، لخوض دورة تدريبية لمدة يومين في مقر حركة التضامن العالمية، قبل أن تتوجه الى معبر رفح للمشاركة في المسيرات والتظاهرات اليومية ضد جرافات وآلات الاحتلال التدميرية هناك، وخلال فترة تدريبها درست تكتيكات العمل المباشر وأعطيت القواعد الأساسية حول تجنب الضرر كأرتداء السترات الفلورية وأستخدام مُكبر الصوت للتواصل.
التقطت لها أثناء وجودها في غزة في الخامس عشر من شباط سنة 2003، صور وهي تحرق العلمين الأمريكي والأسرائيلي كجزء من مظاهرة أحتجاج ضد التصريحات الأمريكية حول النية لغزو بغداد.
وفي الرابع عشر من مارس أذار سنة 2003، قالت لهيئة الأذاعة البريطانية: ” أنا مُندهشة من التدمير المنهجي الذي يشل قدرة الناس على البقاء على قيد الحياة، وأحياناً أجلس لتناول العشاء مع الناس وأدرك أن هنالك ألة عسكرية ضخمة تُحيط بنا كمحاولة لقتل الناس الذين أحسنوا ضيافتي”.
وبعد يومين-اي في السادس عشر من آذار- من المُقابلة وأثناء محاولتها ايقاف جرافة تابعة للجيش الأسرائيلي كانت تقوم بهدم بيوت الفلسطينيين في رفح، عاجلتها جرافه صهيونية ضخمة لتدفنها باسنانها تحت التراب، وقد أكدَ شهود عيان بأن سائق الجرافة الإسرائيلية تعمد دهس راشيل والمرور على جسدها بالجرافة مرتين أثناء محاولتها ايقافه قبل أن يقوم بهدم منزل لعائلة فلسطينية، في حين يدعي الجيش الإسرائيلي أن سائق الجرافة لم يستطع رؤيتها، وبالتالي عادت راشيل الى واشنطن ملفوفةً بالعلم الأمريكي.
حكى الكاتب والروائي والشاعر الكبير هارون هاشم رشيد، حكايتها في روايته ” حمامة اولمبيا- 2005- ترجمت الى الانجليزية-“، وسرد فيها سيرة حياتها ورؤيتها ومواقفها الإنسانية وفق مبادئ آمنت بها وسعت من أجلها لتكتب فصول حكايتها المأساوية على رمال رفح.
انها المتضامنة المناضلة المقاتلة الشهيدة راشيل كوري التي قال فيها رشيد:”راشيل/ من بعيد أقبلت/ تعبر المحيط/ من بلاد العم سام/ كأنها مريم/ من جديد أقبلت/ لبيت لحم/ تقرع الأجراس/ تقرأ .. السلام/ أتت .. إلى أرض المسيح/ في يمينها غصن زيتون/ وفي شمالها حمام/ تهتف للسلام/ تصرخ للسلام/ تموت للسلام.
الاسرائيليون تصدعوا واستفزوا من حكايتها التي اثارت ردود فعل عالمية وامريكية شعبية على نحو خاص، واليوم وبعد سبعة عشر عاما على استشهادها نقتبس ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت قائلة:”أن أسطورة ناشطة السلام الأمريكية راشيل كورى التى قتلت دهسا تحت إحدى جرافات الجيش الإسرائيلى بمخيم رفح جنوب قطاع غزة أصبحت واحدة من أقوى الأدوات فى الحملة الدعائية المناهضة لإسرائيل”، مضيفة – فى تقرير أوردته على موقعها الإلكترونى – إنه فى يوم 16 مارس تحل الذكرى السنوية التاسعة لمقتل راشيل كورى الطالبة الأمريكية التى قتلت أثناء محاولتها منع إحدى الجرافات الإسرائيلية من هدم أحد المنازل الفلسطينية فى قطاع غزة فى 16 مارس 2003، حيث زعمت إسرائيل فى ذلك الوقت أن سائق الجرافة لم يكن يمكنه رؤية كورى، نظرا لصعوبة الرؤية من موقعه، وأن الناشطة تصرفت بطريقة طائشة بسبب زجها بنفسها فى طريق الجرافة، وزعمت أنه دائما ما يحدث فى الشرق الأوسط أن الأكاذيب تطمس الحقائق”.
وتقول الصحيفة العبرية: لقد رفضت المحكمة العليا فى واشنطن دعوى قضائية تطالب بإلغاء مقاطعة مدينة أولمبيا للتعاون الغذائى مع السلع الإسرائيلية، وأولمبيا هى مسقط رأس راشيل كورى، وبعد وفاتها، تم استهداف شركة “كاتربيلر” من خلال سلسلة من المبادرات حتى أن كنيسة إنجلترا جردت الشركة، وقامت حركة فتح الفلسطينية بنعى كورى بوصفها “شهيد الحرية والسلام”، واعتمدت حركة حماس وجهها بمثابة تميمة، وأطلقت إيران اسمها على أحد الشوارع هناك”.
‏‏‏وهكذا تتحول حكاية راشيل الى اسطورة في النضال من اجل الشعوب المقهورة، والى رمز وطني فلسطيني، والى حكاية استشهادية يستحضرها الفلسطينيون في تفاصيل حياتهم في مواجهة الاحتلال، والى قدوة في العمل التضامني في مواجهة الاحتلال، والى واحدة من اقوى الادوات الاعلامية في فضح جرائم الاحتلال الصهيوني
أوحت حكاية راشيل بأعمال أدبية، ومقاطعات عالمية اوروبية وامريكية لاسرائيل، وإقيمت لها نصب تذكارية فى جميع أنحاء العالم.
يحيي الفلسطينيون ذكراها في كل عام في مثل هذا الوقت، ينحنون لها تقديرا واجلالا وتخليدا..فهي الانسانة المتضامنة المقاتلة التي ابت الا ان تتصدى للجرافة الصهيونية العملاقة بجسدها…!

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012