أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


هل تصبح التجربة الاردنية نموذجا عالميا لمواجهة الاوبئة؟

بقلم : د . صالح ارشيدات
20-04-2020 12:09 AM

اضافت التجربة الاردنية الحاسمة لمواجهة وباء كورونا بقيادة الملك ارثا جديدا لإنجاز شرعية النظام السياسي الاردني اذ حققت انجازا انسانيا متميزا ومصلحة عليا وحياتية للشعب الاردني في كافة مناطق الاردن، تمت بنكهة اردنية وبقدرات وطنية خالصة اشاد بها العالم كله.
لقد اختار الاردن سيناريوهين رئيسين متلازمين في الاهمية لمواجهة الازمة الاول سيناريو اولوية حياة الانسان وكان هو راس الحربة في مواجهة الصدمة وحصر انتشار الوباء و الثاني سيناريو تحديد اليات معالجة تداعيات الوباء على الاقتصاد الوطني وعلى معيشة الناس، في ظل حالة من استمرار تراجع وتيرة الاقتصاد الوطني، نتيجة تداعيات اوامر قانون الدفاع بتعطيل العمل والحظر ومنع التجوال.
طورت ادارة خلية الازمة استراتيجيتها لا دارة الحملة ضد الوباء ضمن امكاناتها الصحية المتوفرة حاليا وقدرة جهازها الصحي المدني والعسكري لاستيعاب المصابين وعزلهم ومعالجتهم، وعزل المواطنين من خلال امر حظر التجول المبرمج، لتفادي انتشار الوباء وتحديد تواجده وبؤره ثم عزله.
حددت ادارة خلية الازمة من خلال قانون الدفاع اولوية عملها ، بالتأكيد على مركزية القرار الرسمي في المجال الصحي والاداري والاعلامي والتنفيذي، ، وساهم الجيش العربي والاجهزة الامنية والمدنية والبلديات بشكل اساسي في تنفيذ وضبط برنامج الحكومة المعلن وخصوصا تداعيات منع التجول ضمن تناغم متراكم ومستدرك.
فقد تم حصر المصابين بالوباء وعزلهم وتامين علاجهم في مستشفيات متخصصة وتم عزل الالاف من العائدين من الخارج بكل عدالة وشفافية واحترام وتامين علاجهم مع استمرار حملة ملاحقة مصادر الوباء في البؤر الفجائية واعلانها منطقة معزولة لعلاجها.
نجحت ادارة خلية الازمة الموحدة في برامجها لتوفير الحاجيات الاساسية للمواطنين في الاسواق من الغذاء والدواء، دون التعرض للإصابة بالوباء ومراعاة وضبط عملية حظر التجول بصرامة.،
بالمقابل اثبت الاعلام بشكل عام تفاعله الايجابي الجيد مع الحملة ضد الوباء والذي تميز بأداء متناغم شفاف للأعلام الرسمي وجهود واضحة للقطاع الاعلامي الخاص، ساهم في اعاده الثقة للمؤسسات الرسمية حيث انصب هدف الرسالة الاعلامية على نقل المعلومة الصادقة وعلى توعية المواطن اينما كان في المدن والبوادي وتحذيره بأخطار الوباء والوصول الى عقل المواطن في بيته ومكان تواجده، حيث عزز امر الدفاع رقم 8 اجراءات للحد من تغول بعض مستعملي وسائل التواصل لبث الاشاعات المغرضة والمحبطة لجهود الحكومة في محاربة الوباء.
في الجانب الاقتصادي (مزمن الصعوبة) اضافت الحكومة أمر الدفاع رقم 9 لما سبقه، والذي يشمل حزمة من الاجراءات والبرامج المالية لتأمين برامج دعم مالي لتامين الاستقرار المعيشي للمتعطلين عن العمل وخصوصا عمال المياومة والاسر الفقيرة والشركات الصغيرة ساهمت به مؤسسات الضمان الاجتماعي وصناديق التنمية الاجتماعية والمعونة الوطنية والبنك المركزي والبنوك والمصارف الوطنية حيث بداتها الحكومة بتبرعات رسمية وحملة اقتطاعات شهرية لكل العاملين في اجهزة الدولة
كما اطلقت الحكومة صندوق همة وطن لجمع التبرعات الخاصة حيث ساهم القطاع المالي والصناعي والتجاري ورجال الاعمال والشركات الكبرى والجامعات والشخصيات في رفد هذا الصندوق كما ساهمت مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والنقابات والغرف والبلديات والبنوك في رفد المجهود الوطني لاستمرار الاستقرار المعيشي بكل ما تستطيع من اعفاءات مالية وقروض ومساعدات مالية وعينيه وغيرها.
نجح الاردن بحملته الشاملة ضد الوباء وقد تم انقاذ حياة الكثيرين من الناس كما ساهم قطاع التعليم العام والخاص في الانتقال الى تقنية التعليم عن بعد لتفادي الاغلاق واستمرار التعليم،
وسطر الاردن نموذجا فريدا كدولة محدودة الامكانات المادية، في العمل الانساني المشترك والتناغم بين القيادة والشعب والمؤسسات المدنية والعسكرية لكبح انتشار الفايروس، نالت اعجاب العالم كله.
يبقى الموضوع الاقتصادي الصعب الذي سيكون له لاحقا تداعيات كبيرة، وحسب فترة امتداد الوباء، على خطط الحكومة التنموية لهذا لعام وعلى واردات الموازنة العامة والقطاع الخاص والقطاعات المختلفة المشغلة للعمالة مثل السياحة والمؤسسات الاستثمارية وهو موضوع يشكل تحديا كبيرا على مسيرة الاردن التنموية، وهو اليوم امام المجلس الاستشاري للسياسات الاقتصادية، يتطلب حلولا سريعة مثل توقع حزمة دعم مالي عربي سريع و حلولا متوسطة المدى تعزز الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي، وبعض الاصلاحات المالية لحين تخطي مرحلة الازمة.
الجدل الحاصل اليوم في العالم حول الدروس المستفادة من ازمة الوباء، بين المؤسسات والنخب المختلفة والشعوب، واهمها حصول تغيير كبير على مجموعة القيم والمفاهيم الاجتماعية والثقافية والسياسية في العالم كله على سبيل المثال في التغيير الاجتماعي والثقافي، تساوي البشر بمختلف طبقاتهم الاجتماعية واعمارهم ومعتقداتهم وثرواتهم امام هجمة الوباء القاتل، وكذلك تبدل النظرة للحياة والانجاز والثروات والسعادة ومفهوم الوظائف والعمل والتعليم عن بعد والاكتفاء الذاتي.
وفي الجانب السياسي تغير مفهوم الدول العظمى وانظمتها المختلفة بعد عملية تقييم نتائج جهود الدول للسيطرة على انتشار الوباء في المرحلة الاولى ، والادعاء بفشل دول انظمة العولمة وصعود توجه المد القومي للدول والاعتماد على الذات رغم الكلفة، وانتهاء النظام العالمي الحالي ،سببه توفر اجراء مقارنة واضحة بين دول متواضعة الامكانات نجحت في تنفيذ استراتيجيتها مثل الاردن ودول قوية الامكانات ذات نظام ديمقراطي ليبرالي مثل فرنسا وغيرها فشلت في استراتيجيتها، ،حيث سيستمر الحوار في العالم لفترات طويلة تحت شعار “العالم بعد الكورونا هو ليس العالم قبل الكورونا”
ssrusheidat@gmail.com
كاتب اردني.. رأي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012