فصل العظم عن اللحم

الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024

فصل العظم عن اللحم

بقلم : محمد سلامة
06-05-2020 05:03 AM

خبراء الاقتصاد والمال والأعمال على مستوى العالم يصفون العلاقة الاقتصادية بين واشنطن وبكين على أنها مثل العظم واللحم، ويصعب فصلها أو اذابتها بسهولة، فلا مصلحة لكلا القوتين الأعظم اقتصاديا الدخول في حرب سلخ اللحم عن العظم،فالبديل الهندي ليس جاهزا ومخاطره تتجاوز إعادة تسمينه بالشحم الأمريكي ليصار إلى تصدره المشهد العالمي، وإليكم الأسباب:-

حجم الشركات الأمريكية والأوروبية العاملة في الصين تزيد عن ثلثي الشركات الموجودة في بلادها، ودعوات الرئيس ترمب إليها للعودة إلى بلادها ومغادرة الصين تبدو من سابع المستحيلات، خاصة أن إنتاجها والتصدير والإدارة ورخص الأيدي العاملة والامتيازات والعقود الموقعة لعشرات السنين يمنعها من التفكير بالمغادرة، والحديث عن الشركات الأوروبية بذات السياق، والنقطة الأهم أن الهايتك (التكنولوجيا)الأمريكي بكل الأسرار العلمية موجودة بالصين،ذلك أن إجمالي الناتج القومي للعملاق الصيني يتحاوز( 14) ترليون دولار سنويا، وهذا الرقم يعادل اقتصاد القارة الأوروبية كلها.

لدى بكين نقدا بالدولار يتجاوز خمسة تريليونات وهذا يعتبر رقم قياسي، فلا يوجد دولة في العالم تحتفظ بهذا النقد، وانفكاك العالم عن الدولار ضربة للصين قبل أمريكا، وهنا يبرز السؤال..هل لكلا القوتين الأعظم اقتصاديا مصلحة في فك الارتباط الاقتصادي بينهما، وبمعنى أدق هل يمكن فصل اللحم الصيني عن العظم الأمريكي وهل الاستبدال ممكن؟!.خاصة أن التنافس بين الفرقاء الاوروبين على أشده وهناك مصالح عميقة ما بين بكين وبرلين وروما و...الخ، وهؤلاء كلهم حلفاء واشنطن التقليديين على مستوى العالم.

ليس من مصلحة بكين أن تنسلخ عن العظم الأمريكي كون النظام المالي العالمي ما زالت واشنطن تتحكم به، وما زالت ربع التجارة العالمية بيدها،فإجمالي ناتجها القومي يتجاوز( 23)ترليون دولار، كما أن دخولهما في حرب اقتصادية سيؤدي حتما إلى انهيارهما لصالح قوى اقتصادية عالمية صاعدة مثل الهند وتركيا وروسيا ودول أخرى، وبنفس الوقت فإن محاولات بكين إيجاد نظام مالي مع مجموعة البركس بعيدا عن واشنطن يؤجج الخلافات ويدفع بغالبية الفرقاء الاوروبين إلى الانحياز لواشنطن.

ما بعد فيروس كورونا المستجد سوف نشهد سجالات بين واشنطن وبكين حول مصدره والجهات التي تقف وراءه والأدلة التي تتحدث عنها إدارة الرئيس ترمب، وما يمكن رصده أن إخفاء المعلومات من بداية انتشاره في كانون أول 2019 م،والمواربة في يناير 2020م من قبل بكين، وتغطية منظمة الصحة العالمية عن كثير من هذه الأمور، ربما تكون الأدلة التي تتحدث عنها، لكن يبقى السؤال الأهم..هل تدخل القوتين الأعظم اقتصاديا في حرب كسر عظام وبما يؤدي إلى سلخ اللحم الصيني عن العظم الأمريكي؟!.

بكين سوف تعاني جراء أي عقوبات اقتصادية أو جراء مغادرة شركات عملاقة السوق الصيني،وما زال الميزان التجاري بين الكتل الاقتصادية الثلاث،» أمريكا والصين وأوروبا» هو المحرك الأساسي للهيمنة على مستوى العالم، ودخول الحرب يعني تفكك هذا المحور الاقتصادي لصالح كتل أخرى صاعدة، وبكل الأحوال فإن أمام إدارة الرئيس ترمب فرصة لمراجعة حساباتها ومصالحها على المدى البعيد خاصة أنها تعاني من حلفائها الاوروبين لجهة الإجماع فيما يخص اتهام الصين بنشر الوباء وأنه مخلق في مختبر ووهان للأوبئة.