أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


الزميل عمر عبندة يتذكر : الخامس من حزيران 1967

بقلم : عمر عبندة
05-06-2020 11:18 PM

كنت وزميلي في حقوق عين شمس وضاح الجابي من نابلس على شرفة مطار القاهرة الدولي لوداع زميلنا في الكلية يوسف تايه حوالي التاسعة صباحًا يوم الخامس من حزيران 1967 عندما بدأت مضادات الطائرات في محيط المطار تطلق نيرانها الى السماء .
للوهلة الأولى قلت لزميلي هذه طلقات مدفعية لتحية قائد عسكري او رئيس دولة سيصل المطار لكننا في نفس اللحظة شاهدنا طائرتين حربيتين باللون الأزرق ونجمة اختلط علينا أمرها خماسية ام سداسية قصفتا معسكرًا لحراسات المطار كان مشاهدًا بالعين المجردة لقربه من المطار الدولي .
المهم انا قلت ان النجمة التي على الطائرة خماسية وانها اميركية من الاسطول السادس الامريكي القابع بالبحر الأبيض المتوسط بينما وضاح أكد بأنها نجمة سداسية وأن الطائرتين اسرائيليتان !! فضحكت منه وقلت يا وضاح ' شو موصّل اسرائيل لهون ' ! .
في الأثناء انزلتنا شرطة المطار وكل من كان في وداع المسافرين من على الشرفة الى قاعة كبيرة لكبار الزوار لنلتقي بزميلنا يوسف المسافر الى الكويت لأن اهله كانوا فيها ووالده يعمل هناك ، واختلط المسافرون مع المودعين لتصدح ساعتها موسيقى مارشات عسكرية من اذاعات مصر جميعها ، وبعد حوالي عشرين دقيقة بل كانت عشرين دقيقة ليعلو صوت مذيع ليقول بأن اسرائيل بدأت عدوانًا على مصر منذ ساعات الصباح الباكر وانه ' مصر أسقطت 23 “ طائرة ✈️ للعدو الغاشم ' .
ومن الصعب علي أن أصف مشاعر فرح الناس ومشاعري ووضاح لحظتها ، وبالطبع توقفت رحلات الطيران وعاد معنا يوسف الى شقتي في مصر الجديدة 2 شارع الماكس شقة 38 في ميدان الجامع لأن وضاح كان يسكن بشقة في مصر الجديدة حي النزهة مع شقيقه بكلية الهندسة وشقيقتة بكلية البنات التي أنجبت بعد زواجها القاضي الشهيد رائد زعيتر رحمهما الله عز وجل ّ - وقبل أيام لحق بهما زوجها القاضي علاء الدين زعيتر .
من الطريف هنا أن يوسف قبل وداعنا له أعطاني 75 قرشًا مصريًا كانت زائدة معه وتساوي دينارا ونصف الدينار تقريبا بأسعار العملات أنذاك فرحت بها كثيرًا لأنني لم أكن أملك سوى ثلاثة جنيهات على اعتبار انني سأغادر الى عمان يوم 7 حزيران ، فرحتي بعطية يوسف لم تدم طويلًا لأنني اعدت ' فلوسه ' له وشاركني غرفتي عشرين يومًا الى أن توقفت الحرب واستؤنفت رحلات الطيران ، هو سافر الى الكويت وأنا عدت الى عمان في السابع والعشرين من الشهر .
في تلك الايام كنت أسكن بالشقة مع موفق عبنده أبن خالي الذي كان يدرس المحاسبة ومع أبن العم عصام الذي كان يدرس الطب رحمهما الله تعالى ، ومع الصديق قاسم دلقموني بارك الله في عمره والذي كان زميلًا لموفق في المحاسبة وقد كانوا جميعًا كرماء النفس أن تقبّلوا يوسف في شقتنا .
ومن حسن الحظ أننا كنا ندفع أجرة الشقة مقدمًا وكانت حصة الواحد منا سبعة جنيهات شاملة ثمن الماء والكهرباء ، ومن حسن الحظ ايضًا أن أسعار المواد الغذائية كانت زهيدة ولم تتأثر بالحرب وسيّر الإتحاد السوفياتي جسرًا جويًا بين موسكو والقاهرة ينقل موادً غذائية' بيض وسردين وأجبان معلبة' حتى أننا كنا نشتري البيضة الواحدة بأسعار متدرجة حسب حجمها تبدأ بسبعة ملاليم وتنتهي ب 15 مليمًا وعلبة السردين بعدة قروش ، ورغيف الخبز ب تعريفة خمسة ملاليم. لكنني اضطررت لبيع بعض الهدايا الرمزية التي كنت اشتريتها لأهلي وبعضها مشغولات فرعونية زهيدة الثمن ! وأتذكر أن ' حوسة ' البندورة والبيض المقلي او المسلوق والفول المدمس والفلافل ' الطعمية ' كانت تتصدر وجباتنا اليومية .
طارت السكرة وحضرت الفكرة وما أن انقضت عدة ساعات لنكتشف أن أسرائيل قد انتصرت وأجتاحت سيناء وغيرها .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
06-06-2020 12:24 AM

ما اجمل هذه الذكريات لو لم ينغصها احتلال العدو لفلسطين والجولان

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012