أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


إستراتيجيات غير ممنهجة .. الطّاقة مثالاً

بقلم : م . محمد الدباس
11-07-2020 11:43 PM

لم أشأ إبتداءً - وإن كنت وما زلت محكماً دولياً ومن المختصين في قطاع الطاقة والبيئة والتنمية المستدامة، ولِيَ -وبحمد الله- عضويات دائمة وحضور دولي وعربي مشرف بالمجال يتحدث عن مضمونه - من إبداء رأيي في استراتيجية قطاع الطاقة للفترة من 2020 - 2030؛ حيث طلب مني العديد من محطات التلفزة الرسمية والصحافة المحلية إبداء وجهة نظري بالخصوص؛ لكني اعتذرت من الخوض في الإسهاب المختصر إعتقاداً مني بضرورة إثراء الموضوع وبحثه بشكل شمولي؛ وبالرغم من تقديري لأي محاولة هدفها بذل جهود وطنية؛ فقد سائني- وللأسف- شأني شأن العديد من المختصين والزملاء مما أشير له من (خطط منقوصة) وبرامج بعضها (موجود أصلا) ويجري تنفيذها منذ سنوات، سواءً كانت خططا أو برامج ضمن استراتيجيات وخطط تنفيذية سابقة لقطاع الطاقة، هذا القطاع الذي كبد الخزينة عدة مليارات من الدنانير نتيجة التخبط الذي يحصل فيه من القائمين على إدارته من جهة؛ ولسوء التخطيط المؤسسي فيه من جهة أخرى؛ حيث -وللأسف- فقد عمّقت هذه الاستراتيجية كما سُمّيت؛ أدوات التفكير السطحي للقائمين على القطاع، فمن المنقذ مستقبلا؟...

إنتظرنا شأننا شأن العديد من المختصين وبفارغ الصبر الإستماع إلى استراتيجية قطاع الطاقة؛ وما يبعث على (الإحباط) هو (قصر نظر) وعدم الدراية الكافية لمعد خطة عمل القطاع على المديين المتوسط والبعيد؛ من حيث الإشارة الى برامج منوي تنفيذها، وهي قد ابتدأت منذ عام 2019! فكيف ترسمون خطة ضمن استراتيجية تأخذون فيها أعواما سابقة بدل أعوام قادمة؛ وما هو مفهوم الخطة لديكم؟...

في الخطة الاستراتيجية تم (عدم تحفيز ثروتنا الوطنية وأقصد الصخر الزيتي)، ونحن الدولة الرابعة عالميا في احتياطات مخزون هذا الخام الذي يبلغ حوالي (40) مليار طن، والثانية كأغنى دولة بعد كندا في إحتياطات الزيت الصخري المستخرج منه، والذي يعتبر حاليا (خيارا استراتيجيا) للمملكة، وأعي تماما بأنه (ليس خيارا اقتصاديا) في الوقت الحالي؛ فلِمَ لم تتعرض الإستراتيجية الى التحولات المستقبلية لكلف تكنولوجيات هذا المصدر في العشر سنوات القادمة؟ حيث بقيت نسبة مساهمة هذا المصدر في خليط الطاقة الكلي ثابتة بنسبة %8 للعشر سنوات القادمة، وكأننا قد حكمنا حكما قطعيا على أن هذه الكلف ستبقى مرتفعة لهذه الفترة الزمنية القادمة! فما هو مكلف اليوم ليس بالضرورة أن يكون كذلك مستقبلا؛ وخصوصا أننا نتحدث عن فترة (عقد) أي عشر سنوات قادمة، وفي الخطة (عدم وجود ذكر) لمشاريع (إستغلال النفايات) لأغراض توليد الطاقة الكهربائية؛ والتي تعتبر عبئا على البلديات مما يتطلب سنويا المضي في تجهيز و/أو نقل مكبات النفايات والتوسع فيها وهدر طاقة إستغلالها؛ فإن كان السبب هو فائض الكهرباء المولدة من مشاريع الطاقة المتجددة الحالية، فإليكم الحل في طرح فرص استثمارية لتوليد الوقود الحيوي والصناعي كمصدر حراري من هذه النفايات، والتي باتت اليوم هدفا استراتيجيا للعديد من الدول، ناهيك عن كلف شراء أراضي المكبات ومقدار التعويضات المالية للمجاورين لها؛ فهل يعلم صاحب القرار في وزارة الطاقة بأن مدينة (غوثنبيرغ) في السويد تضاء وتدفأ بطاقة النفايات منذ حوالي 25 عاما؟ كما أن دولا عربية عديدة قد باتت تسبقنا في هذا الخصوص، وفي الخطة عدم ذكر لإستغلال طاقة (الهيدروجين) القادمة عالميا بقوة وبمنافسة عالية هذا من جهة؛ من جهة أخرى فقد ذكرت الخطة بأنه سيتم إجراء دراسات جدوى لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية؛ فلماذا مثل هذه الدراسات والتي اشترط تنفيذها بتوفير التمويل اللازم؛ وطالما بأن العديد من هذه الدراسات البحثية والميدانية المعمقة قد تم تنفيذها ومنذ عشرات السنين، وكان مصير الملف النووي التجميد... كما أشارت الخطة الى اعتماد سيارات وحافلات الكهرباء بشكل (أكبر) في القطاع الحكومي؛ مما يوحي للقاريء أو المستمع بأن لدينا في الوقت الحالي حافلات كهربائية حكومية.. وقبل هذا وذاك؛ أين دور وزارة البيئة في هذه الحيثية إبتداءً؟ وأين دور بقية الوزارات المعنية؛ فالمطلوب محاورتهم لأن فيها (تقاطعات معهم) وفقا لقانون كل منهم؛ ولم لم يتواجد مندوبوا هذه الوزارات والمؤسسات المعنية في المؤتمر الصحفي عند الإعلان عن هذه الإستراتيجية؟ أليسوا من الشركاء الفاعلين في هذه الإستراتيجية؟ وفي موضوع تنفيذ الخطط الوطنية لكفاءة الطاقة أو ما تعرف ب (NEEAP)، فكم تبلغ النسبة المؤملة سنويا للتخفيض؟

وهل هناك حاليا مؤشرات قياس لأداء نسبة الخفض الحالية حسب الخطة الوطنية الحالية لكفاءة الطاقة وما سبقها من خطة معنية سابقة؟ ولماذا هذا التواضع في النسب الكلية للخفص والبالغة فقط (9)% لفترة العشر سنوات القادمة؟ حيث يجدر مضاعفة هذه النسبة إذ أن كلف إجراءات كفاءة الطاقة الرأسمالية منخفضة نسبيا وعوائدها المالية أفضل كجدوى إقتصادية، وتُعرف عالميا بـ (Low Hanging Fruit)، ولماذا زيادة استخدام الغاز الطبيعي على حساب الصخر الزيتي الوطني؟ هل كان ذلك بسبب اتفاقية الغاز مثلا؟ ولماذا افتقدت الإستراتيجية مدار البحث لمؤشرات الإنجازات السنوية للمشاريع والبرامج المستهدفة في مجال الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي والخطط الوطنية لكفاءة الطاقة وموضوع الفاقد الفني وغير الفني أي (الإستجرار غير القانوني للكهرباء)؛ وكذلك إفتقدت لمؤشرات الإستدامة المالية المطلوبة لخارطة الطريق للنظام الكهربائي للفترة من 2020-2030؟ وما فائدة زيادة المكون المحلي في خليط الطاقة الكلي للمملكة، إن لم ينعكس بالإيجاب (ككلفة مخفضة) على آلية التسعير الحالية المطبقة على المستهلك النهائي؟.

وكخلاصة؛ فإن أحد إنجازات هذه الحكومة الرشيدة/الوزارة تحديداً هو تعطيل مشاريع الطاقة المتجددة، ليتراجع الأردن وللأسف على مؤشر التحول في مجال الطاقة 16 نقطة خلال عام واحد حسب مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي، و(تراجع الأردن) مرتبة واحدة العام الحالي، ليحتل المرتبة 58 من بين 63 دولة يشملها التقرير حسب تقرير مركز التنافسية العالمي للعام 2020، أي ما زلنا –وللأسف- في (ذيل القائمة) المتعلقة بتصنيفات الإقتصاديات العالمية وقدرتها على الإزدهار؛ وتسجيل المملكة للمركز (الثاني عربياً) من حيث (أعلى سعر للكهرباء) وفق موقع Globalpetrolprices المختص بتتبع أسعار الطاقة في العالم، والحكم بالإعدام المسبق على مشاريع الصخر الزيتي الوطنية..

جميع ما ذكرته في أعلاه هي أسئلة برسم الإجابة؛ وأعي تماما بأن (لا إجابة) مقنعة عليها من المعنيين بالخصوص..

حمى الله الوطن والقائد وحماكم جميعا؛؛

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012