أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 08 تموز/يوليو 2025
شريط الاخبار
المقاومة الفلسطينية تفكك أجهزة تجسس زرعها الاحتلال وعملاؤه بغزة مصرع 5 من جنود الاحتلال وإصابة 10 آخرين على الأقل في عملية كبيرة للمقاومة بشمال غزة مصابان ومفقودان بقصف يمني لسفينة قرب الحديدة وغرق أخرى القبض على مروج كبير للمخدرات .. وإحباط تهريب 150 ألف حبة في معبر جابر موجات حرّ تجعل حزيران 2025 بين الأعلى حرارة في 30 عامًا الشرع يصل إلى الإمارات الديوان الملكي الهاشمي يستضيف ورشات عمل المرحلة الثانية لرؤية التحديث الاقتصادي مدعي عام عمان يقرر تكفيل النائب الرياطي بعد توقيفه ويمنعه من السفر "الضمان": تخصيص 3903 رواتب تقاعد شيخوخة خلال النصف الأول انخفاض اسعار الذهب محليا 70 قرشا للغرام المنطقة العسكرية الشرقية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة باستخدام بالونات موجهة عن بعد طرح سندات خزينة بقيمة 100 مليون دينار طائرة إخلاء طبي لنقل عائلة أردنية من السعودية الإعلام السوري يثمن مساعدة الأردن في إخماد حرائق الساحل - صور فيضانات تكساس تخلّف 82 قتيلا وأكثر من 40 مفقودا
بحث
الثلاثاء , 08 تموز/يوليو 2025


هل كلفة الاصلاح في الاردن أعلى من عدمه؟

بقلم : د . مروان المعشر
02-10-2020 06:29 AM

لا يسع المرء إلا الاستنتاج بأن هذه الفرضية (كلفة الإصلاح أعلى من عدمه) تتحكم بمنطق صناعة القرار في الاردن. وبالرغم من المؤشرات العديدة الى نتائج متواضعة حققتها هذه الذهنية خلال الفترة الماضية، لكن من الواضح أن هناك قناعة راسخة لدى بعض أركان الدولة الاردنية اليوم بأن استمرار النهج الحالي في ادارة البلاد، يبقى في نظرهم أفضل من الولوج في عملية اصلاحية تشعر الدولة الاردنية بأن البلاد غير مستعدة لها.

الشواخص التي تؤشر إلى أن الوضع الحالي يتعرض لضغوطات وتحديات كبيرة ماثلة للعيان. فعلى الصعيد السياسي، لم تكن فجوة الثقة بين المواطن ومؤسساته يوماً أوسع مما هي عليه اليوم، بدليل آخر استطلاع أجراه مركز الدراسات في الجامعة الأردنيةـ والذي يشير الى أن خمسة وعشرين بالمائة فقط من الناس ينوون المشاركة في الانتخابات، وأن عشرة بالمائة فقط يعتقدون بأن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح. أما على الصعيد الاقتصادي، أدى انحسار الحقبة النفطية في العالم العربي وانقطاع المساعدات الخليجية وتداعيات جائحة كورونا، إلى معدلات مرتفعة للبطالة وصلت رسمياً الى ثلاثة وعشرين بالمائة، وهي في ازدياد مضطرد، اضافة إلى انحسار الاستثمارات الخارجية وانكماش القطاعات الحيوية كالسياحة والتجارة، والتراجع الكبير في تحويلات المغتربين نتيجة عودة الالاف من المواطنين العاملين في دول الخليج بسبب هذه الأزمات.

تبعاً لذلك، هناك اعتقاد يتزايد بين صفوف المثقفين والعديد من السياسيين بأن الدولة الاردنية بحاجة لمراجعة جذرية لسياساتها الاقتصادية والتربوية وثقافتها السياسية باتجاه المزيد من التنوع والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية وتعديل النهج الاقتصادي نحو تعزيز الانتاجية وخلق المناخ المناسب والبيئة المحفزة كي يستطيع القطاع الخاص الاحلال مكان القطاع العام كمشغل رئيس للعمالة. لكن النهج الحالي لا يشعر باستنفاد الأدوات القديمة لإدارة البلاد، وأن الوقت قد حان لتغيير استراتيجي في إدارة الدولة واعتماد أدوات جديدة قادرة على التعامل مع تحديات المرحلة الحالية. بل على العكس، فإن الشعور السائد لدى بعض النخب السياسية والأمنية الحاكمة في المجتمع الاردني اليوم، هو أن الشواخص المذكورة أعلاه لا تستدعي القيام بأي تغيير حقيقي، وأن من شأن أي تغيير جوهري أن يستخدم أدوات غير مجربة، كالتشاركية وتوسيع قاعدة صنع القرار واعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر مثلاً، وان من شأن هذا التغيير ان يصل بالبلاد الى شواطئ غير آمنة ونتائج غير مضمونة. كما ان هناك اليوم غياباً ملموساً لقنوات ذات مصداقية للحوار بين الدولة ومختلف مكونات المجتمع التي قد يكون لها رأي آخر في السياسات الواجب اتباعها مستقبلاً.

يُقبل الأردن اليوم على انتخابات نيابية وفق قانون لم ينجح في اقناع الناس بأنه يؤدي الى برلمان ممثل وقوي، بدليل نية الكثيرين العزوف عن المشاركة. ولا يبدو أن من الممكن معالجة هذا العزوف عن طريق تكثيف الحملات الدعائية لحث الناس على الانتخابات. فالتغليف الدعائي لا يغني عن تغيير جذري في القانون يقنع الناس بالذهاب لصندوق الاقتراع. اما تشكيلة مجلس الاعيان الجديدة، والتي ضمت وجوهاً لها خبرة طويلة في العمل العام، فإنها لم تحتو على القدر الكافي من التنوع الفكري والعنصر النسائي والشبابي، ما يسمح بأن يكون مجلس الأعيان قناة مقنعة للحوار.

أما في المجال الاقتصادي، ففي حين تدرك الحكومة أن انحسار المساعدات الخارجية وتضخم حجم الدولة ودينها العام وارتفاع نسب البطالة، تُحتم كلها ضرورة الاعتماد على الذات، فلا يبدو أن هناك جهداً مؤسساتياً منظماً ومستداماً، ربما عدا ما يقوم به المجلس الاقتصادي والاجتماعي من دراسات تنتظر التطبيق على أرض الواقع، للخروج بخطة تشاركية مدروسة ومعتمدة للبدء بمعالجة هذه التحديات. وعلى سبيل المثال، فإن أية معالجة جدية للبطالة تحتاج لخلق المناخ المناسب لزيادة قدرة القطاع الخاص على التوظيف، والتركيز على الانتاجية والابتعاد عن ممارسات الواسطة والمحسوبية، اضافة لمحاربة مؤسسية وفاعلة للفساد والى اعتماد نظم تربوية حديثة تهيئ النشء على مجابهة تحديات الحياة.

هناك مدرستان واضحتان في الأردن اليوم، واحدة تقول إن البلاد لا تحتمل كلفة الاصلاح، والثانية تزعم أن البلاد لا تحتمل كلفة البقاء في الوضع القائم. المدرسة الاولى مسيطرة على عملية صنع القرار، غير متأثرة بالتغييرات التي تشهدها البلاد. وتعتقد هذه المدرسة بإمكانية استدامة السلم الاهلي عن طريق الادوات الامنية ريثما ينفرج الوضع الاقتصادي، لكن دون وضع خطة متكاملة لهذا الانفراج.

في المقابل، هناك مدرسة أخرى يكاد يكون صوتها معدوم في دوائر صنع القرار، تقول ان الاصلاح السياسي والاقتصادي باتا ضروريين ليس فقط للاستقرار والازدهار، وانما لإدامة السلم الاهلي ايضاً، وأن هناك حاجة لأدوات جديدة عنوانها التشاركية والانفتاح السياسي والانتاجية لا تحظى بالاهتمام الكافي من دوائر صنع القرار.

تحتاج هاتان المدرستان لمنصة ذات مصداقية لحوار وطني قد يؤدي إلى حلول توافقية، لكن مثل هذه الحلبة غير متوفرة للأسف اليوم. ويبقى الامل أن تقوم الحكومة الجديدة كما مجلس الامة بشقيه، حتى مع وجود فجوة الثقة الواسعة، بتحرك جاد من شأنه اعادة الأمل في امكانية انتاج مثل هذه المنصة التوافقية.

لعل الأردن في هذا الوقت أحوج ما يكون إلى مثل هذه المنصة. أدت هذه الادوات في السنين الماضية الى نجاحات عديدة في عملية بناء الدولة الأردنية. لكن استمرارية هذه النجاحات مرهون بتطوير تلك الأدوات ومعالجة اختلالاتها التي باتت تصرخ مطالبة باعتماد أدوات جديدة لن يتم التوصل اليها إلا عن طريق الحوار الجاد.

كارينغي للشرق الاوسط



التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012