أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


فش بنزين!

بقلم : فارس الحباشنة
28-01-2021 06:20 AM

امس الاربعاء رصدت 3 سيارات توقفت فجاة في شارع الجامعة الاردنية والمدينة المنورة، والسبب ما ظل بنزين او ان البنزين قد خلص. وهذا ما سنحت لي الفرصة رصده اثناء تجوالي في عمان، وقبل ايام وقعت ازمة سير خانقة في النفق الواصل بين الدوار الثالث والرابع، وتوقفت حركة المرور لاكثر من نصف ساعة في فترة الذرورة، والسبب تبين فيما بعد ان سيارة توقفت فجاة بسبب نفاد البنزين، وقيام رجال السير بدفشها من قلب النفق الى الطريق الخارجي الموازي.

مشاهد ليست صدفة، ولو ركزنا المتابعة والتحقق لرصدنا العشرات يوميا. سيارات ينفد وقودها في ازمة السير الخانقة في عمان، وسيارات ملأها سائقوها بدينار ودينار ونصف ليقضوا حاجاتهم وامورهم بابسط كلف النقل، وما ان يرتطم بازمة سير او تعطل اشارة ضوئية، فينفد الوقود تحت حرقة الانتظار وسط الازدحام.

من اللافت ان سيارات متكوب على زجاجها «البنزين على قدي «، ومن الطرفة ان سائق سيارة رفض ان يستقل معه صديق بحجة ان بنزين السيارة على قده، وتركه في البرد القارس ينتظر قدوم اي وسيلة نقل اخرى.

يعني المسالة ما بدها تأويل وتفسير وكلام كثير. سعر البنزين في الاردن غالي، ولربما هو الاغلى اقليميا. واجور ودخل المواطنين ما عاد يتحمل فاتورة النقل والطاقة والمحروقات، وما زاد الطين بلة ازمة كورونا وما راكمت من تداع اقتصادي واجتماعي ومعيشي مؤلم وفاجع على شرائح اجتماعية واسعة، ومن بينها جماعة بنزيني على قدي، وما ظل معي بنزين.

لا تتخليوا يوما ان تروا طابور سيارات في شوارع عمان الغارقة في ازمة السير مركونة ومتوقفة عن الحركة والسبب نفاد البنزين. صورة تراجيدية وسريالية تحمل معاني واكثر الحياة والموت معا، العدم والعبث والامل.

قلة حيل الناس وانسداد الافق المعيشي ما عاد يغطي بغربال ويختفي وراء اقنعة وجدران. كورونا فضحت كل المستور في حياة الاردنيين. وما يجتاح عيش الاردنيين اقسى من لقمة الخبز وقوت الحياة اليومي ونفاد بنزين السيارة.

واكثر ما تتعرض اليه الحرج، عندما ترى سيارة متوقفة في قلب الشارع، فلا تجد بدا من النزول من سيارتك لدفش السيارة، والمساهمة في فك الازمة، ومساعدة رجال السير الذين وقع على عاتقهم مهمة امنية ومرورية جديدة «دفش السيارات التي يخلص بنزنيها «.

بدور على تسليكة بنزين، وبعدما يتم اخراج السيارة من قلب الشارع وتفكيك ازمة السير، ويجري البحث عن اقرب كازية لشراء ليتر او لتيرين بنزين، وتسليكة للوصول الى البيت او العمل. ولكن الطريف المؤلم في هذا الامر ان كثيرين تتقطع بهم السبل يكونون لا يحملون في جيبوهم ثمن بنزين، ويبان الحرج والخجل والحيرة على وجوهم.

ما اتحدث عنه يحدث في عمان. وادارة السير ذكرت في خبر صحفي نشر امس عن تعطل 20 مركبة في منطقة شارع الملك عبدالله الثاني، وهو ما تسبب في كثافة مرورية من جسر النهضة باتجاه جسر الدوار الثامن وباتجاه دوار خلدا. ولم يفصح خبر الامن العام عن اسباب تعطل المركبات وما يقف وراء ذلك.

مخازن الفقر والعوز في المجتمع صادمة، ولا تتوقف عن انتاج مصائب وويلات اجتماعية ومعيشية لا نهاية لها، ولا تصدق احيانا ما قد تراه بام عينيك، وما كنا نشاهده في افلام السينما المصرية هو اقرب الى الواقع الاردني اليوم، ولربما اكثر من السينما ذاتها بجراتها وفضائحيتها وتعريتها للفروق الطبقية والفقر والتهميش.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012