أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


المرأة وطريق النهضة

بقلم : رندا حتاملة
08-02-2021 11:45 PM

لا يزال الحديث عن المرأة فرض عين يدعو إليه كل صاحب فكر حرّ، ذلك أنّ هذا المخلوق لم يخلص بعد من تراث فقهي قاهر، وأعراف مجتمعية قبائلية وعشائرية قاسية، وسلط سياسية تتجاوز حقوق المرأة إلى ما دونها من الواجبات، والتي تضع بموجبها المرأة في خانة الإستغلال البشع رغم مظاهر وشعارات الحرّية والمساواة الزائفة .

ومن هنا فإن الحديث عن المساواة بين المرأة والرّجل يظل مجرّد مغالطة كبرى تأسّست عقب محاولة تقليد فاشلة ابتُليت بها المجتمعات العربية، وفي ظل أزمة معرفية خانقة بات من المنطق البحث عن مخارج حقيقية وأدوات جادّة، لإتاحة فرصة منصفة للمرأة باعتبارها الشريك لا التابع، ونصف المجتمع، والوجه الموازي لأيّ نهضة مثمرة، علينا أن ندرك من خلال معطيات ومعارف مختلفة بل ومتناقضة أحيانا أنّ تطوّر المجتمع لن يكون بغير المرأة كما أنه يستحيل بغير الرّجل أيضا، ومنه فالفكرة هي التلاحم والتناغم بينهما، والقيمة هي المساواة المبنية على العدل، والأمل هو تحرير الرّجل من قيد السلط السياسية والفقهية والأفكار المستوردة لكي تتحرّر به المرأة، فلا حرية لطرف دون الآخر، ولا خطوة نحو الأمام دون خطوة تلغي الوراء.

هذا الأمر هو ما يجب أن يدفعنا إلى تبنّي مشروع حقيقي، يكون فيه الرّجل إلى جوار المرأة في بحثهما عن الحرّية الحقيقية التي تتجاوز الصورة النمطية السائدة إلى جوهر الوعي في التعامل مع هذه الفكرة، فالحرية ليست العري وليست الإنطلاق وليست تجاوز التقاليد وليست بالكفر الديني، ولا التطور هو ركوب موجة العولمة بكل ما فيها والخروج عن كل معايير الأعراف والثقافة، ولكن المتأمل في الصورة هو من يضع نقد هذه إلى جوار تلك في بناء فهم خصب وصحيح لمسألة الحرّية والعدل في المساواة، والالتزام بالقيم والمعايير الدينية والأخلاقية والاجتماعية، فلا يمكن لنا أبدا بناء مجتمع مستقيم صالح من فكرتين متصارعتين يلتزم كل طرف منهما بتبنّي ميوله وإيديولوجيته سواء اليمينية المتطرّفة الغارقة في اختلالات الماضي أو اليسارية المنفتحة على رؤى الحاضر التحرّرية الشكلية الغارقة في مادية صرفة .

إننا في أحوج ما نكون إلى رؤية حقيقية نابعة من ذاتنا ووعينا وعقيدتنا ولغتنا وفهمنا لما يحيط بنا اليوم في هذا العالم، وإنّ الالتزام بتحرير الإنسان رجلا كان أو امرأة من قيد فقه مختل، وسلط ديكتاتورية، وأعراف قبلية، وأفكار شاذة، هو الشرط الأول والصحيح نحو تحرير المرأة وإطلاق يد الرّجل في البناء والإعمار وفتح آفاق جديدة لمستقبل الوطن القريب، ومنه فإنّ ما نعيشه اليوم من التردّي الأخلاقي والمادي، والإنحرافات النفسية والجنسية، والسقوط الاجتماعي والقيمي الذي تعانيه المرأة ويعانيه معها الرّجل هو نتاج تجربة خلط طويلة لم نفهم فيها ومنها حقيقة ما نريد، لقد أطلقنا حرّية جسد المرأة دون أن نطلق حرّية عقلها، ولقد جعلنا من الرّجل مجرّد حارس لسقطاتها، ومنتفع من استغلالها، ومتقوّل باسمها، ووصيّ عليها، وها نحن ندفع ثمن ما اقترفت أيدينا في ظل غياب فكر حقيقي يضع القاطرة على السكة لنبدأ المسير.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012