أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


الحديث عن المخابرات مثير ..!

بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
23-02-2021 05:54 AM

تتناسل التحليلات السياسية حول توجيهات الملك للمخابرات، والتي قرأناها عبر رسالة جلالته الى مدير المخابرات، وعلى الرغم من أن الفضاء مفتوح لكل رأي، إلا أنه ثمة من يتمترس خلف الغموض، ليضفي دهشة وإثارة على ما يقول، ورغم أن بعض التحليلات التي قرأتها أعرف كتابها، وقد قرأت بل شاهدت لهم رقصات كتابية مشابهة، في محطات سياسية ما في السنوات الأخيرة، كانت جديدة وغريبة ومرفوضة بكل المقاييس على ساحة الحوار العام، حيث قدم هؤلاء المحللون ظروفا مثالية لخطاب إثارة وتجارة، حذرنا آنذاك من انتشاره ثم استشرائه لأن فيه تطاول على الأعراف السياسية للدولة وفيه تجاوز على كثير من الثوابت.. وحصدنا مع كل أسف نتائجه الأسوأ على صعيد فقدان الثقة، وإظهار الدولة وكأنها مرتهنة القرار لفئة لا وجود لها إلا في ظلمات نفوس وعقول بعض المحللين.

جلالة الملك لا ينفك يوجه الرسائل لكل أركان الدولة، كجهاز المخابرات وسائر الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والسلطات الدستورية المعروفة، ولا تخرج هذه الرسائل والتوجيهات من فراغ، ولا تأتي فقط بناء على حالات طارئة، أو تحت طائلة تهديدات أو عروض خارجية، بل هي رؤى ملكية، يحق للملك بموجب الدستور أن يشرف عليها شخصيا ويصدر توجيهاته التي يراها الأنسب لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، وحين يوجه الجهاز الأمني الكبير الى التركيز على مهماته المهنية، فهذا تفكير استراتيجي يتماهى مع مرحلة سياسية محلية وعالمية، لا تملك الدول أن تتجاهلها، أو تتعامل معها بنفس الأدوات والخطط الاستراتيجية التي استخدمتها في مراحل سابقة من التحولات السياسية التي تجاوزتها الدولة الأردنية.

في بلدنا وفي العالم كله، يسهل اتهام المخابرات وسائر الأجهزة الأمنية بكل التهم، ولو توفر للمواطن أو المحلل العبقري أن يختبر أو يتأكد من حقيقة تلك التهم، لما فعل، لأن حديثه عندئذ سيفقد الإثارة وتتبدد اتهاماته بحقائق ساطعة، ولا يعني هذا أن الاجتهادات والاستراتيجيات كلها صحيحة، لكنه بالضرورة يعني أن هذه الأجهزة الأمنية ليست فاسدة، ولا تتجاوز عن الخطوط والأعراف والثوابت السياسية والاجتماعية والأخلاقية والوطنية الأردنية.

قرأ بعض المحللين رسالة الملك بأنها تأتي لتوفير تناغم أكبر مع سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبروا هذا التناغم خروجا عن السياق المطلوب في إدارة دولة تحتفل بمئويتها الأولى، بينما يتجاهلون بأن كل العالم حتى أعداء ومنافسي أمريكا، يقومون بتغييرات جذرية توفر تناغما سلسا مع إدارة بايدن، ولست أفهم شخصيا ما المقصود من السياسة أو المطلوب منها إن لم تؤثر وتتأثر بالعالم الخارجي، وتوفر مناخات مناسبة للتعامل معه؟.

لا مثير ولا أسرار ولا ريبة في مضامين رسالة جلالة الملك لمدير المخابرات، فقد سبق أن أصدر جلالته توجيهات لهذا الجهاز وللأجهزة الأمنية الأخرى، والتقطها مدراؤها ونفذوها بشكل سليم، وكانت النتائج مثالية، لا ينكرها من يفكر بشكل سليم، وينظر للأردن كدولة مستقرة، تفعل كل ما بوسعها لتحسين أداء مؤسساتها، على شكل يقدم نموذجا فعالا لتحقيق أهداف وتنفيذ برامج واستراتيجيات مطلوبة، ولدينا نموذج نجح بالعلامة الكاملة، قدمه جهاز الأمن الوطني بعد دمج عدة أجهزة أمنية تحت مظلته، وأصبحنا نشاهد مؤسسة أمنية ناضجة تستند الى القانون في كل إجراءاتها، وليس سهلا التشكيك بقدراتها أو بسلاسة أدائها ووطنيته، وتناغمه الكبير مع سياسات وتوجهات الدولة وحماية قوانينها وأعرافها وثوابتها.

الضعف والإخفاق غالبا يأتيان من السياسيين الذين يتكئون على مثل هذه التحليلات السياسية، ولا أعني فقط السياسيين الرسميين، بل أيضا المعارضين لهم، والواقفين على الهوامش بانتظار الفرص، وأتمنى لو يرتاح هؤلاء من مهمة العبث وصناعة الإثارة أو السعي وراءها بعيدا عن ثوابت الدولة وأركانها التي حملتها على امتداد مئة عام، كانت حافلة بالصراع والأطماع والتحديات المحلية والإقليمية والدولية التي لن تتوقف، وتحتاج منا المزيد من العمل والحذر والمرونة.الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012