أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
“نيوزويك” : حماس انتصرت وتملي شروطها لوقف إطلاق النار من تحت أنقاض غزة السعايدة يلتقي مسؤولين بقطاع الطاقة في الإمارات ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34049 والإصابات إلى 76901 زراعة لواء الوسطية تحذر مزارعي الزيتون من الأجواء الخماسينية شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة مباراة حاسمة للمنتخب الأولمبي أمام أندونيسيا بكأس آسيا غدا أبو السعود يحصد الميدالية الذهبية في الجولة الرابعة ببطولة كأس العالم سلطة إقليم البترا تطلق برنامج حوافز وتخفض تذاكر الدخول ارتفاع أسعار الذهب 60 قرشاً محلياً 186مقترضا من مؤسسة الإقراض الزراعي في الربع الأول من العام وزير الأشغال يعلن انطلاق العمل بمشروع تحسين وإعادة تأهيل طريق الحزام الدائري تراجع زوار المغطس 65.5% في الربع الأول من العام الحالي طقس دافئ في معظم المناطق وحار نسبيًا في الاغوار والعقبة حتى الثلاثاء وفيات السبت 20-4-2024 نتيجة ضربة جوية مجهولة المصدر : انفجار هائل في قاعدة عسكرية سستخدمها الحشد الشعبي
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


دكانة أم حاتم!

بقلم : رشاد ابو داود
02-03-2021 06:36 AM

منذ أربع سنوات وهو يقول لي أن عمره أربعة وثمانون عاماً. قبل أن أدخل الى بيتي وشجري في ياجوز وأسأل زوجته « مديرة « الدكانة : كيف العم أبو حاتم؟

وينه؟ وفي كل مرة تقول بحرص أم على طفلها : هيو من الصبح في الأرض، بنكش وبزرع وبسكي الشجرات. أقول بحرص طفل لأنهما منذ خمسين سنة معاً. وحيدان بلا أبناء –وهذا قدر الله- لكنهما أب وأم لكل أبناء الحارة جيلاً بعد جيل. من كان طفلاً يحمل الشلن لشراء حلوى روكو أو حلقوم أو ملبس على قضامة، أو علكة شعراوي، صار ابنه يذهب الى الحجة أم حاتم ويشتري الحلوى الحديثة لكن بدينار حيث لم يعد الشلن يشتري شيئاً.

الدكانة لا تتجاوز مساحتها عشرة أمتار مربعة وموجوداتها تقل عن مئة دينار. لكنها واسعة باتساع قلب أم حاتم و أبو حاتم. بل تتسع لخمسة كراسي قش يجلس عليها ختيارية الحارة بحكاياتهم التي أغلبها عن الماضي وقليل منها عن الحاضر اما المستقبل فلا يعيرونه اهتماماً فهو لعالم الغيب. انهم ليسوا خارج الزمن بل هم الزمن نفسه الذي يغير كل شيء لكنه لا يتغير، يبقى هو الذي يقاس به العمر لكن ليس له عمر.

وأقول «مديرة» الدكانة لأنها تفك الحرف بصعوبة وتعرف شيئاً من الحساب شرط أن يقل الرقم عن مئة دينار. أما أبو حاتم فانه لا يقرأ ولا يكتب. يعرف قراءة الأرقام لكنه ينادي على الحجة عندما تزيد الأرقام عن عشرة لتجمع للولد المشتري ثمن علبة لبن ونص كيلو سكر وبعض الحلوى.

منذ عشر سنوات لم تعد الحجة تستطيع المشي الا على الووكر. فتحتضن صوبة الكاز خلف «الكاونتر» الذي هو عبارة عن طاولة خشبية صغيرة لم يعد لها لون عمرها من عمر الدكان أي حوالي خمسين سنة. ولا تدع الكاز يذهب سدى. فالصوبة دائماً عامرة بابريق الشاي أو بطبخة اليوم.

الدكان منذ زمن تحولت الى «ديوانية» الحارة، صباحاً للرجال ومساءً للنساء. فالحجة تعرف نساء الحارة كلهن ومنهن من كانت طفلة تشتري الحلقوم والكعكبان وصارت أماً وراءها ثلاثة أو أربعة أطفال. فهي تعرف أيهن حامل وأيهن متى تلد، أيهن سعيدة مع زوجها وأيهن ورطها زوجها بقرض المشاريع الصغيرة بوعد أن يسدد هو الأقساط ولم يفعل فأصبحت الزوجة ملاحقة قضائياً ومعرضة للحبس.

دكانة أم حاتم ليس لها مخزن لكنها هي مخزن أسرار نساء الحارة. مؤتمنة على ما يفضفضن به ويشتكين منه سواء من الزوج أو الأبناء أو حتى الجيران. ولا يخلو الأمر من أن يفلت منها سر بحسن نية فيعلم به كل أهل الحارة. وهي مركز استعلامات لا يخطىء. فأي غريب يسأل عن عنوان بيت من بيوت الحارة عليه أن يسأل أم حاتم. وبعد أن تسأله عن أصله وفصله وتتأكد من صلة القرابة مع أهل البيت، تحدثه عن تفاصيل التفاصيل. مَن مِن أبنائه وبناته تزوج وكم ولد عند كل واحد منهم، ثم تدله على البيت المقصود.

لا نكهة للحارة ولا حميمية فلاحية أصيلة من دون أم حاتم. لا رائحة للزعتر والزعيتمان والورد، ولا زيت في زيتوناتي الذي أتقاسمه معه، من دون بركة يد أبو حاتم الذي سيظل عمره أربعاً وثمانين سنة..و له حكاية أخرى.

(الدستور)



التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012