أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024


الوسائل الرقمية ما بين قوانينها وأخلاقياتها

بقلم : د . عبير الرحباني
07-07-2021 04:56 AM

لعلّ الوسائل الرقمية عموماً والإعلام الجديد المتمثل بـ ( الفيسبوك والهواتف الذكية ) على وجه الخصوص بات الملجأ الرئيس والأسرع والأسهل من حيث الاستخدامات ومتابعة الأخبار والأحداث، حيث بات يمثل السلطة الخامسة، وذلك من خلال الإعتماد الرقمي على الهواتف الذكية.

لكن هذا الإعتماد الرقمي لا يعفي المستخدم من المسؤولية القانونية التي ربما قد تضعه في قفص الإتهام في أي وقت إذا ما أساء الإستخدام بشكل جيد وبطريقة قانونية، بخاصة مع الثورة الرقمية التي يشهدها عصرنا الحالي، حيث أن الإلتزام بالتربية والثقافة الإعلامية والرقمية بات امراً هاماً. حيث نجد بأن هناك قواعد وضعها الناس أنفسهم، بينما نجد بأن هناك قواعد يفرضها القانون.

ولا شك بان قضية الأخلاق من الإشكاليات التي تثيرها شبكة الإنترنت بخاصة الإعلام الجديد، الذي لم يكن في قترات سابقة يحكمه قوانين، ولا رقابة، ولا سيما وأن المواطن أصبح هو المتحكم بالمعلومة من حيث إستخدامها وإنتاجها وتوزيعها، ما أدى الى الفوضى والعشوائية في الإستخدام، حيث أن مسألة الرقابة على الإعلام الجديد ربما كانت في فترات سابقة أشبه بالمستحيلة، الأمر الذي دفع بالحكومة الأردنية في محاولة البحث عن طرق للسيطرة على آلية عمل الإستخدام عبر الهواتف الذكية والفيسبوك، ووضع قوانين رادعة لكل من يسيء استخدامه.

وبما أننا نتحدث في هذا الإطار عن الأخلاقيات والقوانين،ة فان الأخلاق عموماً مسألة فردية تتعلق بالضمير الإنساني الذي يختلف من فرد لآخر، وتأتي من مصادر متعددة دينية- اجتماعية- ثقافية...الخ، بطريقة ذاتية إختيارية نابعة من داخل الإنسان نفسه، فهي مبادىء ذات أساس نظري وتطبيقي يجب أن تطبق بكل حيادية وموضوعية وتوازن.
ولعل الكثير من الحقوقيين والباحثين والدارسين في هذا المجال تطرقوا لهذا الجانب ضمن الإطار القانوني، من خلال وضع قوانين وتشريعات تتعلق في هذا الجانب، لكني وجدت أنه من الضروري ان يتم التطرق للاسباب التي أدت الى وجود قوانين وتشريعات للجرائم الالكترونية والتي لم يتم التطرق لها.. حيث تناولت في كتابي الذي يحمل عنوان: ' الجرائم الالكترونية ومخاطرها' تلك الاسباب ، وأولى تلك الاسباب هي:

التطورات التكنولوجية المتسارعة التي نشهدها اليوم والتي أدت تغييرات كثيرة من حيث العملية الاتصالية وفي المعدات الالكترونية من حيث الات التصوير والحاسبات الالكترونية وغيرها من الالات والمعدات والادوات والتي اصبحت اكثر سهولة لكنها مقابل ذلك باتت اكثر تعقيداً وخطورة.

فعلى الرغم من انتشار تكنولوجيا الحاسبات الرقمية، إلا انها خلقت مشكلة قانونية واخلاقية في قانون النشر والتأليف، وحقوق الملكية الفكرية. كما خلقت مشاكل في تسيير الآلات في معالجة العمل الجرافيكي وتعديله باستخدام برامج لمعالجة العناصر الجرافيكية.

ثانياً: العولمة التي ادت الى نتشار المعرفة، حيث كسرت الحواجز الجغرافية وبالتالي ساعدت على انتشار الجرائم الالكترونية من خلال تطور وسائل الاتصال والتواصل.

كما ان الثورة الرقمية ساعدت الثورة الرقمية الى الانتقال بالعملية الاتصالية الى مرحلة جديدة ومتطورة ومختلفة عما كانت عليه سابقاً، حيث ساعدت على تنامي ذكاء الشبكات وذلك من خلال ظهور أدوات ووسائل جديدة للتعامل مع المواقع الالكترونية والصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بكل اشكاله المتعددة وبالتالي ساعدت على انتشار الجرائم الالكترونية.

كما ان ظهور الاعلام الرقمي ساعدت التطورات الرقمية الى ظهور الاعلام الرقمي – الالكتروني من حيث تطور التقنية الرقمية (Digital World) والتي تعد ميزة هامة في نقل الصورة والنصوص والفيديوهات من المرسل الى المستقبل، وقد استفادت من هذا المجال وسائل الاعلام بخاصة مندوبيها ومراسليها في الاستفادة من هذه التقنيات، لكننا نجد في المقابل ان سلبياتها كثيرة وخطيرة بحيث يمكن فبركة الصورة والتلاعب بالفيديوهات والرسومات وغيرها من الامور، بخاصة عندما تصبح في متناول الجميع ويتم نشرها بطريقة سلبية، وبالتالي تخلق نوع من البلبة والقلق ويختلط الحانبل بالنابل من حيث مصداقية المعلومة المنشورة ومدى دقتها وبالتالي يتم نشرها عبر الانترنت من دون التأكد من مصادرها الموثوقة وهنا تتحول ربما لجريمة الالكترونية يحاسب عليها القانون.

كما ان الاعلام الجديد يعتبر منافساً خطيراً للوسائل الاعلامية التقليدية لما يحمله من ميزات ساعدت على انتشار الجرائم الالكتروينة، بخاصة عبر مواقع التواصل الالكتروني واهمها (الفيسبوك) والهواتف الذكية.

ايضاً فان الجهل في الاستخدام الرقمي أحد اسباب وجود قوانين تتعلق بالجرائم الالكترونية، كون مجتمعاتنا تعاني جهلاً كبيراً في استخدام التكنولوجيا بشكل سليم وصحيح، وتعاني غياب الثقافة الانترنتية وغياب الادراك في خطورة ما يتم تداوله ونشره، بالاضافة لعدم إدراكهم لمفاهيم كثيرة تتعلق بالحرية المسؤولة، واحترام الرأي والرأي الاخر، وتقبل الاخر، وعدم التدخل في خصوصيات الاخرين، واخلاقيات الاستخدام التكنولوجي،ـ الامر الذي ادى لانتشار خطاب الكراهية والابتزاز والتنمر عبر الفيسبوك.

ولا ننسى ايضاً بان الوسائل التكنولوجية باتت في متناول الجميع، وبالتالي فان الكثيرين اصبحوا ضحايا لمواقع التواصل الالكتروني وضحايا الهواتف الذكية التي ادىت تلك الوسائل والادوات لئن يكونوا ضحايا الجرائم الالكترونية، الامر الذي استدعى ايجاد قوانين رادعة للجرائم الالكترونية بكل صورها المتعددة.

على الرغم من ان شبكة الانترنت تتمتع باللامركزية وسرعة انتشارها وتضخمها، الا ان هذه الامور كانت على حساب 'أمن الشبكة'، وبالتالي ازدادت الجرائم الالكترونية والحروب الالكترونية بين الدول، واتسع مجال القرصنة والهاكرز لتزداد الجرائم االكترونية وتتنوع اساليبها ايضاً.

ونتيجةً للفراغ القانوني الذي تحتاجه شبكة الانترنت وغياب الرقابة وعدم وضع معايير وقوانين ناظمة للعمل الانترنتي فقد بدأت تنتشر وتزداد ظاهرة 'الجرائم الالكترونية' وتتطور وتأخذ اشكالا متعددة، الامر الذي شكل خطورة على العالم والمجتمعات على حد سواء. كما بات يشكل خطورة كبيرة على أمن المعلومات الخاص بكل دولة، من حيث عناصرها البشرية وانظمتها واجهزتها ومؤسساتها وفضاؤها وبنيتها التحتية الحيوية. الامر الذي ادى لانتشار الجرائم الالكترونية وبالتالي الحاجة الى وضع قوانين رادعة لتلك الجرائم.

ولا شك بان ظهور الفضاء الالكتروني اصبح يهدد الدول والمجتمعات على حد سواء، فكلما اتصع الفضاء الالكتروني وتتطور الكترونياً كلما ساعد على ان يتحول على هذا الفضاء الى مسرح للجرائم الالكترونية خاصة وانه من دون رقيب ولا حسيب، لامر الذي تحاول بعض الدول الان ايجاد قوانين تحد من جرائم الفضاء الالكتروني، والحد من إنتاشر أدوات التجسس الالكتروني.

فلا بد من الاعتراف بان ادوات التجسس الالكتروني باتت ظاهرة تنتشر في كل المجتمعات والدول واصبحت تشكل خطورة على الدول وعلى خصوصية الافراد ايضاً، ما ساعد على ازدياد عمليات الهاكر والقرصنة والاعتداء على خصوصية الاخرين والابتزاز وغيرها من الجرائم التي تتطلب الحاجة الى قوانين تضبط هذه الجرائم. كما ان التطوّر التقني في شبكة الإنترنت ومحتواه خلق حاجة لقانون خاص بالجرائم المرتكبة عبر هذه الشبكة.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012