أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


العلاقات الأردنية الإسرائيلية

بقلم : د. جواد العناني
15-07-2021 05:48 PM

العلاقات بين الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو لم تكن يوماً علاقات حسنة، بل الأصح هو أن نتجنب اللغة الدبلوماسية ونقول إنها كانت سيئة، وإلى قدر كبير.

وخلال مدة رئاسة نتنياهو لحكومة إسرائيل، لم يترك مناسبة ليظهر مشاعر العداء تجاه الأردن إلّا وأظهرها، من استقباله للمجرمين قتلة المواطنين الأردنيين عند جسر الملك الحسين أو سفارة إسرائيل في عمان استقبال الأبطال، أو بسعيه لضم أراضي وادي الأردن والبحر الميت الفلسطينية لإسرائيل، أو بإنكار إرسال المياه المتفق عليها بموجب اتفاقية السلام، أو بالاعتداءات المستمرة على الأماكن المقدسة في القدس، رغم الوصاية الهاشمية عليها.

وأمام الأردن الآن رئيس وزراء جديد، وهو رئيس حزب 'يمينا' الإسرائيلي المتطرف، نفتالي بينت، الذي افتخر بقتله للفلسطينيين بدم بارد، وقضى ردحاً من الزمن يروج لطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية وإسرائيل إلى الأردن، لادعائه أنه الوطن البديل لهم.

ومع أنه علماني وليس متديناً، ونجح كرجل أعمال في قطاع تكنولوجيا الاتصالات في تأسيس شركات وبيعها بأكثر من مائة وخمسة وأربعين مليون دولار، إلا أنه يبقى من المفضلين لدى الأحزاب الدينية اليمينية المتطرفة. وقد نجح بسبعة نواب أن يكون الوزن المثقل.

وقد تركه يائير لابيد يأخذ الرئاسة في البداية حتى تقل فرص نجاح المتآمر أبداً نتنياهو في تقسيم التحالف الحكومي، والعودة ثانية للحكم.

وبعد مرور ما يقارب شهراً ونصف الشهر على الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فإن أمورها بدأت تأخذ منحى جديداً في علاقتها مع الأردن.

والتقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مع رئيس الوزراء البديل ووزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، واتفقا على عدد من الأمور في ضوء لقاء القمة الذي جرى قبل ذلك. وأول هذه الأمور هو الإعلان عن زيارة سيقوم بها ولي عهد الأردن الأمير الحسين بن عبدالله الثاني إلى القدس، في شهر سبتمبر (أيلول) القادم.

وهذه بالطبع زيارة مهمة جداً كان ولي العهد قد سعى للقيام بها سابقاً، ولكن حكومة نتنياهو الانتقالية وضعت شروطاً على حراس الأمير الشاب وتحركاته، مما دفعه مُحقاً إلى العودة إلى العاصمة عمان. ولذلك، فإن قيام الأمير الحسين بالزيارة سيكون انتصاراً معنوياً للملك وولي عهده، خاصة بعد حادثة 'الفتنة' التي كشفت في شهر إبريل (نيسان) الماضي، والتي تؤكد أنه هو الوريث المستقبلي للوصاية الهاشمية.

وكذلك، فإن الإعلان قد جرى عن عزم إسرائيل على الوفاء بإرسال كامل المياه المتفق عليها في معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية وملاحقها عام 1994. وكانت تلك المعاهدة قد أعطت للأردن الحق في أخذ (50) مليون متر مكعب إضافية فوق حصته من نهر الأردن.

ولكن بسبب الجفاف وشح المطر الذي عاناه الأردن هذا العام، ما قلل من كمية مخزون المياه في السدود، خاصة تلك المعتمدة على نهر الأردن (وفروعه)، فقد طلب الأردن أن يشتري (50) مليون متر مكعب إضافية من الماء من إسرائيل.

وقد ماطل نتنياهو في الرد على هذا الطلب، ولكن الحكومة الإسرائيلية الحالية وافقت على ذلك الضخ من دون الإعلان عن سعر الماء المتفق عليه. وكذلك، فإن صادرات الأردن إلى أسواق الضفة الغربية محصورة وقليلة، قياساً بصادرات الضفة إلى الأردن وعبره إلى الدول العربية الأخرى.

وقد حاول الأردن باستمرار منذ بروتوكول باريس عام (1997) تقليل السلع التي حظرت إسرائيل على السلطة الفلسطينية استيرادها من الأردن (القائمة السالبة) إلا أن إسرائيل سوَّفت وماطلت في هذا الأمر. وقد قبلت الحكومة الجديدة في إسرائيل من حيث المبدأ زيادة الصادرات الأردنية إلى الضفة الغربية. ولكن الأمر ما يزال يحتاج إلى مُباحثات ووضع الآليات التي يجب اتباعها لإنجاز هذا الأمر. وفي رأيي أن كلا الأمرين قد يعتبران نوعاً من إجراءات إعادة بناء الثقة بين الأردن وإسرائيل، بعد قطيعة تجاوزت خمس سنوات.

ومن الواضح أن إسرائيل تريد أن تحقق نجاحاً مع الأردن. ولكنني أميل إلى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة وإدارة الرئيس جو بايدن يريدان أن يوفرا مناخاً أفضل للأردن لكي يَستعيد نموه الاقتصادي الذي تراجع عام 2020 إلى سالب 3.5%، بفعل جائحة كورونا وارتفاع المديونية.

ومع أن صندوق النقد الدولي قد أثنى على الأردن في مجالي السياسة المالية الصلبة والسياسة النقدية التي انتهجها البنك المركزي الأردني، إلا أن البنك الدولي الذي ينظر إلى القطاعات الحقيقية غير مطمئن لوضع البطالة التي وصلت إلى 50% بين صفوف الشباب، و24% على المستوى العام، وإلى ارتفاع المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 105%، وفقدان كثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مصادر دخلها.

والولايات والمتحدة تريد للأردن، وبحكم موقعه الاستراتيجي، أن يتحول إلى منطقة آمنة ومصدرة للأمن لجيرانها، خاصة بعد نقل كثير من الجنود الأميركيين في المنطقة إلى الأردن.

من هنا، فإن الإجراءات التي يتخذها الأردن بالتعاون مع كل من مصر والعراق في إطار التآلف الثلاثي بينهم، وقيام الأردن بتخفيف إجراءات نقل البضائع ووسائل النقل والشحن بين الأردن وسورية من خلال معبر جابر الحدودي بين البلدين، بالرغم من 'قانون قيصر' الأميركي الذي يحد التعامل مع سورية، توحي بأن الأردن قد صار لاعباً إقليمياً مهماً هذه الأيام.

الأيام القادمة ستشهد مزيداً من الإجراءات الممهدة لإعادة تنظيم المنطقة، وإعدادها للسير في عملية سلام مع مختلف الأطراف (إيران وإسرائيل)، لأن المصالح الغربية تتطلب ذلك، وتحسن من موقعنا ومركزنا التفاوضي في اقتصاد عالمي جديد نحن بحاجة للتأقلم معه.

العربي الجديد


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012