أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الثلاثاء , 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أميركا لا تريد فلسطين في الأمم المتحدة !

بقلم : د. زيد حمزة
13-05-2024 02:28 AM

نعم وباختصار، يمكن التأكيد بأن حكومة الولايات المتحدة لا تريد ان ترى الفلسطينيين في الامم المتحدة يطرحون عليها مظلمتهم منذ «النكبة» باغتصاب وطنهم وتشريدهم في شتى بقاع الارض لحساب إقامة دولة أپارتهايد يهودية بناءً على اوهام اسطورية توراتية بلا سند علمي تاريخي على الاطلاق،لا بل انها تمنع ذلك التظلم بكل ما أوتيت من نفوذ وهيمنة على الدول الأخرى خصوصاً الأوروبية منها،لأنها تعلم علم اليقين ان كل المواثيق الدولية تؤدي حتما الى قرار بإدانة إسرائيل وإعادة الحق الفلسطيني إلى أصحابه وهو ما يتعارض مع أهدافها الاستراتيجية، وإذا وصل الأمر إلى مجلس الامن الدولي فسلاح النقض لديها بالفيتو جاهز للاستخدام،حتى لو وافقت عليه جميع الدول الأعضاء الاخرى، أو لو جاءت به أغلبية ساحقة في الهيئة العامة للأمم المتحدة، وهي لا تتخذ هذا الموقف مدفوعة بعاطفة الحب المجرد لإسرائيل أو الكراهية العمياء للفلسطينيين بل تبعا ًلمصالحها فحسب، واذا نحن راجعنا تاريخ انشاء الدولة الصهيونية بموجب وعد بلفور البريطاني ١٩١٧ لوجدنا أن أميركا (البعيدة جغرافياً) شاركت في وضعه منذ ذلك الوقت المبكر جداً، ولم تسمح (!) بصدوره في صيغته النهائية إلا بعد إرسال عضو بارز في الكونغرس الى لندن لتدقيقه والتأكد من كل كلمة فيه! وكان ذلك حسب الدارسين جزءاً من إرساء دورها المتنامي في الشرق الأوسط بعد اكتشاف البترول والسيطرة على منابعه المختلفة، ووضوح نية الامبراطورية الأمريكية الجديدة بعد بضعة في وراثة حليفتيها الإمبراطوريتين الآفلتين بريطانيا وفرنسا،والتحضير لعلاقات فريدة مع الدولة الصهيونية الموعودة تتستر وراءها لتحقيق مصالحها الإمبريالية في المنطقة بطريقة معقدة مبهمة شديدة الدهاء، وذلك اولاً بأن تصبح دولة إسرائيل مستقلة في المظهر ونظام الحكم حتى لا تنكشف للملأ على حقيقتها بانها تعمل في خدمتها، بل تبدو حليفة عضوية تحظى بكامل دعمها السياسي والمالي والعسكري للأخذ بيدها إلى أهدافها العنصرية الاستعمارية الاستيطانية الإحلالية بما في ذلك طرد سكان البلاد الأصليين (أي الشعب الفلسطيني) وابادتهم اذا لزم، وثانياً ان تصبح قاعدة عسكرية كبرى تملك جيشاً ضخماً لا يتناسب وحجمها الصغير،ويكون مدججاً بأحدث الأسلحة واشدها فتكا حتى يمكن لأميركا ان تهدد به (!)في اي وقت كل من يعترض على مخططاتها في دول الجوار،لذلك رأينا إسرائيل منذ انشائها عام ١٩٤٨ تتجاهل قرارات الامم المتحدة التي تقضي بحق الفلسطينيين بالعودة الى وطنهم وبأنشاء دولتهم المستقلة، وثالثاً أن تحوِّل مسار القضية بقضها وقضيضها إلى نزاع شرق أوسطي ترعاه هي (أي أميركا) وتتولى التعامل معه بل التصرف به بمنأىً عن اي محفل دولي أو وساطة دولة اخرى،بحجة انها تملك 90%من أوراق الحل!حتى وجدناها بعدذلك تلتف من وراء الستار على محادثات مدريد الدولية العلنية، فتشرف على محادثات سرية في أوسلو ١٩٩٣ تؤدي لاتفاقية الخديعة والعار المتجسدة واختراع سلطة فلسطينية مسخ تمارس مهامها تحت الاحتلال وفي خدمة سياساته واهدافه، وبعد ثلاثة عقود اخرى منالمراوغة الامريكية واستمرار القمع الاسرائيلي لأي معارضة او انتفاضة،طفح الكيل لدى المقاومة الفلسطينية التي لم تتوقف منذ النكبة وبمختلف الأساليب، وانفجرت في طوفان ٧ اكتوبر الذي فاجأت به إسرائيل كما اميركا نفسها رغم كل قدراتهما الاستخباراتية،وبات العالم منذ سبعة أشهر يشهد بدعوى الانتقام واسترداد الرهائن حربَ إبادة يشنها جيش الاحتلال على الفلسطينيين في غزة،ويشهد ايضا موقفَ الحكومة الاميركية المساند والمراوغ في آنٍ معاً من خلال مسرحية تغطية وتمويه يمكن تسميتها «الوسيط الضالع»، سواءً في جولات وزير خارجيتها ومدير مخابراتها المركزية ووزير دفاعها،ام في تهديدات رخوة لإسرائيل يطلقها الرئيس جو بايدن نفسه بوقف تزويدها بالأسلحة (أو بأنواع منها !)، لكنه لا يخفي في نفس الوقت تأييده المطلق للسياسة الصهيونية.
وبعد.. وسط هذا الجحيم الذي يتلظى الفلسطينيون بنيرانه صامدين فيما يشبه المعجزات أمام آلة الحرب الإسرائيلية الاميركية الرهيبة، تسطع كالشهاب حركة نضالية طلابية جسورة في جامعات أميركا وتمتد إلى زميلاتها حول العالم مطالبةً بوقف الابادة الجماعية للفلسطينيين، ويضيق الرئيس بايدن ذرعاً بهذه الهبّة الحرة النبيلة فيتهمها بمعاداة السامية رغم أن في صفوفها يهوداً صحت ضمائرهم من آثار التخدير الصهيوني المزمن، كما أن التهمة نفسها باتت بالية بائدة وانكشف مع الوقت زيفها.. علمياً..!

الرأي

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012