أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 11 شباط/فبراير 2025
شريط الاخبار
9 إصابات بحادث تدهور مركبة أمن عام في لواء البتراء سفير جديد للسعودية خلفًا للسديري راصد هولندي يحذر من زلازل مدمرة قد تضرب منطقة البحر المتوسط الوسطاء يخشون انهيار الاتفاق والطائرات الإسرائيلية تعود للتحليق فوق غزة مذكرة نيابية تطالب بتأجيل أقساط القروض لشهري آذار ونيسان الشرع يكشف تفاصيل من حياته: سجنت في أبو غريب وتنقلت بين 4 سجون الملك يصل ولاية ماساتشوستس لبحث فرص تطوير شراكات مع الأردن أبو عبيدة: العدو لم يتزم بالاتفاق وسيتم تأجيل تسيلم أسراه ترامب: الأردن ومصر يأخذون مليارات الدولات والاتفاق ممكن ..ولا حق لعودة الفلسطينيين بموجب خطة غزة بدء تقديم طلبات إساءة الاختيار والانتقال لمرحلة البكالوريوس للدورة التكميلية - رابط الجامعة الأردنية تقرّر تأجيلَ أقساط العاملين فيها لشهري شباط وآذار قانونية النواب: منح مقترح قانون منع تهجير الفلسطينيين صفة الاستعجال الخيرية الهاشمية: إرسال "كرفانات" لغزة خلال الأيام القادمة بلدية الكرك تضبط 3 أطنان من المواد الغذائية منتهية الصلاحية السماح لأصحاب المحروقات ووكالات الغاز باستقدام عاملين لمرة واحدة
بحث
الثلاثاء , 11 شباط/فبراير 2025


حين صمتت المدافع وتحدثت الصورة

بقلم : د . عاصم منصور
22-01-2025 08:01 AM

بعد خمسة عشر شهرا من المعارك الشرسة والمجازر التي لم يشهد لها تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية مثيلا؛ تم الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، وصمت دوي الانفجارات التي كانت تعصف بحقد دون توقف، وخلت سماء غزة لأول مرة من ضوضاء الطائرات وطنينها، لتتجه العدسات إلى مشهد مُهيب أذهل العالم فمن أنفاق المدينة المدمرة ومن بين رُكامها خرج المُقاوِمون، بزيهم العسكري الأنيق وكامل عُنفوانهم، كما لو كانوا بصدد استعراض عسكري في زمن آخر، ورؤوسهم مرفوعة تتسامى فوق الركام. كان مشهدا يبدو وكأنه من عالم آخر، في تناقض صارخ مع الفوضى والدمار الذي عم المكان، كما طائر الفينيق ينبعث من تحت الرماد أكثر قوة وجمالا يحملون معهم نور الصمود ووهج الكرامة.
هؤلاء المقاتلون، الذين قضوا شهورا طويلة يُقاتلون في عتمة الأنفاق؛ وقفوا الآن في النور بحضور مهيب، بزيهم الرسمي، وكامل قيافتهم وانضباطهم، وأصابعهم على الزناد؛ بينما وقفتهم المُستقيمة والواثقة تحكي قصة صمودهم. في تلك اللحظة، لم يكونوا مجرد جنود؛ بل رموزا للصبر، والتضحية، والروح الإنسانية التي لا تنكسر.
هذا المشهد، الذي التقطته عدسات المصورين وحفر في ذاكرة من شهدوه، هو شهادة على سطوة الصورة التي أتقنت المُقاومة توظيفها في المعركة، فصورة واحدة يمكن أن تتجاوز آلاف الكلمات، وتنقل مشاعر وسرديات تتردد أصداؤها عبر الزمن. مشهد هؤلاء المقاتلين، وهم يخرجون من الخنادق بِأناقة وكرامة، هو أكثر من مجرد لقطة إنه بيان، يُخبر العالم أنه حتى في وجه المعاناة التي لا توصف، يمكن للإرادة أن تنتصر.
لقد سعت قوات الاحتلال طوال الأشهر الماضية بلا هُوادة إلى صياغة صورة استسلام وهزيمة للمقاومة، من خلال الدعاية، والصور المفبركة، والروايات الموجهة بعناية، وحاولوا تصوير المُقاتلين على أنهم مهزوزون، وغير منظمين، وعلى وشك الانهيار. لم تكنْ المعركة تُخاض فقط على الأرض، بل أيضا في عدسات المصورين، التي سعى المحتل من خلال امتلاكه أسرارها ومفاتيحها إلى تقويض معنويات المُقاومة والشعب الذي يحتضنها.
فعلى مر التاريخ، كانت الحروب والمقاومة تختزل في النهاية في صورة واحدة، صورة تحمل في طياتها كُل الألم، والصُمود، والإنسانية التي عاشتها الأجيال. تماما كما أصبحت صورة الطالب الصيني الذي وقف وحيدا أمام دبابة في ساحة تيانانمن رمزًا عالميًا للشجاعة في وجه القمع، أو صورة الطفلة الفيتنامية التي تَهرُب عارية من ألسنة النيران خلفها بعد قصف النابالم رمزا لمعاناة المدنيين في الحُروب. هذه الصور لم تكن مجرد لقطات عابرة، بل أصبحت أيقونات خالدة، تلخص قصصا كاملة وتُبقيها حية في ذاكرة البشرية.
المقاوِمون الذين خرجوا من خنادِقِهم ورؤوسهم مرفوعة، كانوا يُدركون ذلك، فمظهرهُم لم يكن فقط لأنفسهم، بل للعالم الذي كان يترقب تحت وطأة الدعاية الصهيونية لحظة انكسارهم لتكون الرسالة صارخة «نحن أبناء هذه الأرض وها نحن نُبعَث مرة أخرى من رحمها في كامل عنفواننا».
بينما نتأمل في هذا المشهد المُهيب، نتذكر دور الصور في تشكيل ذاكرتنا الجماعية؛ فهي ليست مجرد سجلات للماضي، بل جُسور للمستقبل، تحمل معها دروسا ومُعاناة وانتصارات من سبقونا.
مشهد المُقاتلين المُقاومين وهُم يخرجون من خنادِقهم بِزيِهم الأنيق
ورؤوسهم المرفوعة؛ قد يُصبح هو الآخر رمزا خالدا وصورة تختزل 470 يوما من المعاناة، وتروي للعالم قصة الصمود والكرامة التي لا تنكسر حتى في أحلك الظروف؛ فالحروب تنتهي لكن تبقى الصور، شاهدة على ما حدث، وناقلة للرسائل التي لا يُمكن للكلمات وحدها أن تعبِر عنها.الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012