أضف إلى المفضلة
الأحد , 15 حزيران/يونيو 2025
شريط الاخبار
وزير التربية: لا رجعة عن قرار تأنيث الكوادر التعليمية 210 آلاف طالب من جيل 2007 يتقدمون لامتحان الثانوية العامة الخميس الملك يلتقي شخصيات سياسية وإعلامية ولي العهد يزور القيادة العامة للقوات المسلحة ويؤكد أن أمن الأردن وشعبه وسلامة أراضيه فوق أي اعتبار تخفيض وتوحيد الرسوم على الشاحنات والبرادات السورية المستخدمة للحرّة الأردنية الأمن العام: انتهاء فترات الإنذار وندعو إلى الاستمرار في اتباع التعليمات إيران تبدأ هجومًا صاروخيًا على إسرائيل الأمن العام: القبض على شخص يشتبه بقتله لطفله في العقبة الكهرباء الوطنية: مخزون وقود توليد الطاقة كافٍ لمدة لا تقل عن 20 يومًا الضمان توضح شروط استحقاق راتب الوفاة الطبيعية مركز الأزمات: مراكز الإيواء ضمن الخطط الوطنية والاحتماء في المنازل كافٍ في الوضع الراهن بحوادث منفصلة.. الأمن العام ينعى الرعود وعيال عواد والرواجفة والقطاونة القوات المسلحة تُجري صيانة لمنزل تضرر بسقوط مقذوف ناري في إربد الامن العام: العثور على جثة طفل متوفيًا منذ عدة أيام في العقبة سحب غير آمن يتسبب بانقلاب حافلة ركاب في القويرة
بحث
الأحد , 15 حزيران/يونيو 2025


يوسف عابورة : في العام 1948 لجأ إلى بيتنا 10 عائلات من قضاء يافا

15-05-2025 10:33 AM
كل الاردن -

أجرت اللقاء جمانة ابوحليمة

بابتسامة المُحيّا ووجهٍ بشوش وخفة ظلٍ، استقبلنا السيد يوسف محمد محمود عابورة «أبو رياض»، المولود عام 1935 في قرية المزرعة قضاء مدينة رام الله، استقبلنا في بيته ليحدّثنا عن قريته الجميلة وبعضاً عن هجرة عائلته منها ولجوئهم.. حيث لا زالت ذاكرته تحتفظ بالكثير من ذكريات طفولته الأولى في فلسطين.. مواظباً على ترديد أبياتاً من الزجل والسّامر في هواها .. فقد ألف مئاتً من الأبيات من أجل محبوبته فلسطين.

هلا ياللي بالحفل هلّا كأنا لابس ثياب العز حِلّا

الأقصى عالعدا كيف حلّت وعلى العرب كيف تحرّمت

ومن السّامر :

يا موقد النار أوقد وعلّيها، والنار ما بتسمط الا الّي وقع فيها

لأركب عالهجن وبتحسَبوا الهجر نسّاني طريق أهلي

لأركب على الهجن وألحقهم على مهلي

« في بلدنا كنّا نشتغل في الفلاحة؛ زراعة الزيتون والتين والعنب والشعير والبصل، كان لدينا اكتفاء ذاتي و استقرار في الحياة لحد كبير جداً. والحياة الاجتماعية كانت تختلف عن هذه الأيام أفضل أضعاف المرات عن هذه الأيام، كنّا عندما يحل موسم الزيتون كل شخص يسرح على كرمه وعندما ينتهي يمر على جيرانه ويعاونهم وذلك يسمى «عونه» والنساء في ذلك الوقت يعملن أشغالهن اليومية ويطبخن «بحتية» (وهي أرز بحليب) أو هيطلية ويأكلونها مع الخبز في الحصيدة، ونفس الشيء عندما يحين وقت الحصيدة، يحصد الرجل أرضه ومن ثم يذهب لمساعدة الجيران، وكذلك عندما يبني أحدهم بيتاً يهب جميع الأولاد لعمل الجبلة وبعدها يأكلون معاً احتفالا بانتهاء العمل.

أذكر أننا وقت الحصيدة كنا صغارا نعمل مع أهلنا لوقت الظهيرة وبعدها نذهب للبيدر وندرس القش بواسطة الدّواب وثم نذرّية ونؤمن بذلك مونتنا من القمح والشعير ، بلدنا تشتهر بزراعة الزيتون والعنب والتين والقطين، وكان أبي رحمه الله مشهور بزراعة الدّخان وكان نباته كثيف يشبه شعر البنات.

منطقتنا جبلية فيها جبل الدّير وهو جبل عالٍ جداً ويُشرف على كل فلسطين. والآن أقامت عليه اسرائيل مستوطنة.

وبالنسبة لعاداتنا في بلدنا فأذكر منها أننا عنّا مضافة للحمولة فيجتمع عائلات العشيرة فيها، وكان أمام المضافة ساحة وفي شهر رمضان تحديداً، كنا نتمجمع فيها كل يوم قبل الآذان نفرش الحُصر والجميع يُفطرون معاً.

في الفرح كانت كل البلد تفزع وتبدأ الدبكة والسامر وتقديم الطعام. في عرسي أنا شخصياً اجتمعت كل البلد واستمر العرس لمدة شهر والنساء يعملن لمدة شهر بانتظام مع والدة العريس للتجهيز ليوم الزفاف ، يقمن بجمع كميات كبيرة جداً من الحطب تكفي لايقاد النار طيلة ليالي العرس فلا تنطفيء الا بانتهائه، ويعددن العدّة لحين العرس الذي يبدأ بايقاد النار كل مساء طيلة ايام العرس ويصطف كل ليلة الرجال والشبان صف الى اليمين وصف الى اليسار ويبدؤون السامر يردّ كل جانب على الآخر بأبيات من الشعر الشعبي والزجل حتى الفجر ويقدّمون للحاضرين تسالي وألعاب مثل التّبان والحرّاث وأخرى.

كنّا نسمي الأكل الذي يُقدّم في العرس للضيوف «كرامي» وهو عبارة عن فتات الخبز المُسقّى بشوربة اللحمة ومغطّى بالأرز ومن ثم على الوجه بالحمة.

كان الكل سعيد ومبسوط وكان الضيوف «ينقّطون» العريس مبلغا من المال كما هي العادة حالياً لكن المبلغ كان يتراوح آنذاك من خمسة قروش الى أعلى مبلغ وهو نص دينار، وكان من أهم الطقوس عند انتهاء العرس وقبل أن يأخذ العريس عروسته وهي تعتبر من طرائف ليلة الزفاف وهي: أن يحيط مجموعة من الشباب العريس وهو على باب بيته بالعصي ويضربونه وهو يهرب منهم وبعدها تحضر العروس تدخل بيتها ينادي شباب الحارة لمجموعة الشبان: ما بتطلع العروس الا بتدفعولها «شاة الشباب»، فيقف أهل العروس وأهل العريس معاً ويعطونهم خمسة دنانير ويتفق الشبان على انتداب واحد منهم فيدخل على العروس ويعطيها النقود ويخرج سريعا ثم بعد ذلك يدخل العريس.

وما أذكره في طفولتي في فلسطين لحد الآن في ولا يغيب منظره وطعمه عن بالي هو ثمار كرومنا التي كانت دوما مبللة بالندى ما جعلها مميزة المذاق، والتربة أيضاً غنية فقد بارك الله بأرض فلسطين وحباها أجمل أرض ومناخ وموقع جغرافي جعلها مطمعا للصهاينة، ولو خيروني الجنة ام فلسطين أختار فلسطين دون تردد.

ولا زلت أذكر بيتنا جيدا كأنه أمامي الآن فقد كان مبنياً على طريقة «الجملون» وكان بيتا جميلا واسعا جدا ومميزا بطراز بنائه رفيع المستوى وعلى طراز المباني التاريخية، ويحيط به أرض تبلغ مساحتها ثماني دونمات مزروعة بما تشتهي النفس من الفواكه والخضروات، وكان أشخاص قبل النكبة قد عرضوا على والدي أن يؤجره لهم كي يقيموا فيه مدرسة لكنه رفض، وعندما صارت النكبة لجأ عندنا عشر عائلات كانت قد هجرتهم العصابات الصهيونية في ذلك العام 1948، وكانوا قد أتوا من قرية المسمية وقرية بيت دجن من قضاء يافا، وأذكر اسم عائلتين منهم: حمدان وماضي، نحن الاولاد جميعا من أهل البيت ومن اللاجئين ننام على السطح والرجال والنساء والشيوخ داخل البيت، سكنوا عندنا ثماني سنوات ولم يأخذ والدي منهم أي مقابل، لقد أصبحا عائلة واحدة.

كان في قريتنا مدرسة حكومية للمرحلة الابتدائية للذكور فقط وبعد فترة من الزمن أقاموا مدرسة للبنات، وكان في القرية المجاورة لقريتنا واسمها «بير زيت» مدرسة اسمها «ست نبيهة» وشقيق الست نبيهة اسس فيما بعد جامعة بير زيت.

وأذكر عندما كنت طفلا صغيرا كنت أرافق الشباب لحمل العنب على الدّواب ونبيعه في حسبة اللّد قبل عام 1948 وقد كنت طفلاً صغيراً آنذاك وأذكر منظر رجال اللّد وهم يلبسون الشراويل وكان أحدهم يُنادي: «لولا الدهب غالي لأضوي عليك فيه يا عنب».

لقد درست المرحلة الابتدائية الأولى وفي الصف الخامس ذهبت للعسكرية لأكون حارس وطني، وبعدها ذهبت لتعلم مهنة دكاكة الحجر وثم سافرت الى ليبيا وعملت في شركة نفط، وبعد ليبيا عدت الى هنا الى المدينة الحبيبة عمّان وفتحت محلاً لبيع الخردة لمدة 40 سنة، ورغم كل ذلك بقيت أحب الأدب والشعر، ياليتني حالياً في المنارة في رام الله وأنا أقص قصة حياتي وهجرتي، فأنا أعكف حالياً على قراءة كتاب عن رام الله لأعرف سبب التسمية وعرفت أنه من أحد أسمائها هبة الله.

وكان عندنا في فلسطين قبل النكبة مواسم وأتذكر منها موسم النبي روبين والنبي صالح والنبي موسى عنّير.

لقد كانت لهذه االمواسم أهمية كبيرة بالنسبة لأهل فلسطين في فترة ما قبل النكبة سواء من الناحية الاجتماعية او الاقتصادية او الترفيهية او الروحانية، كباراً وصغاراً يسعدون بها وينتظرونها بشوق من العام الى الآخر، فقد كانت مثل موسم الحج.

وكان هناك طقس تقوم به المرأة التي تريد أن تنجب فتأخذ سراجاً وتملؤه بالزيت وتذهب به الى مقام النبي صالح وتظل تدعي هناك وتبكي وتكرر ذلك حتى يمن الله عليها ويرزقها طفلاً.

عندما وقعت الحرب في العام 1948 كان شقيقي الأكبر مع جماعة عبد القادر الحسيني الذي استشهد في معركة القسطل وكانت أخر معركة يخوضها رحمه الله، وقد كانت قيادته في بير زيت وكنت أرافقه أحياناً كثيرة، كانت مرحلة صعبة من حياتنا وحياة الشعب الفلسطيني عامة، عانينيا فيها الكثير.

نحن غادرنا قريتنا في العام 1967 عندما وقعت حرب حزيران، خوفا من أن يتكرر معنا ما حدث مع أهلنا في العام 1948 من قتل وحرق واغتصاب واعدامات فقد رأينا ماوقع هناك وأذكر دير ياسين نموذجاً؛ حيث قتلت العصابات الصهيونية 145 رجلاً رميا بالرصاص عدا عن النساء والشيوخ والتنكيل بهم وسرقة المنازل، وأذكر أيضا قبية حيث قتلوا ودمروا منازل بالكامل وكذلك الدوايمة.

لما وقعت حرب العام1967 كان عندنا عين اسمها «أم الخوخ» بدأ ضرب قنابل من قبل اليهود فأغلقت البركة الموجودة في أرضنا وغادرنا بيتنا ويُقال أن بركتنا حوّلها اليهود الآن لمزرعة.

أما الآن ونحن نشاهد ما يحدث لأهلنا في قطاع غزة المحتل فلا يسعنا الا أن ندعو لهم وندعو لفلسطين بالحرية ولنا بالعودة وتكحيل عيوننا برؤية أرضنا.

الدستور
التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012