أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025
شريط الاخبار
تعليق العقوبات المفروضة على سوريا بموجب "قانون قيصر" "بي بي سي" تعتذر عن "خطأ في التقدير" بعد جدل حول تحرير خطاب لترمب وزارة الطاقة: ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا "التعليم العالي" تعلن عن منح ماجستير ودكتوراة في باكستان - رابط "التعليم العالي": رفع عدد المنح الكاملة بواقع 112 منحة جديدة ارتفاع أسعار الذهب محليا إلى 83.5 دينارا للغرام وزير الداخلية يوعز بالإفراج عن 571 موقوفاً إدارياً الملك يلتقي إمبراطور اليابان في طوكيو الملك يلتقي في طوكيو وزير الدفاع الياباني الملك يلتقي رئيس منظمة التجارة الخارجية اليابانية ويدعو لبحث إنشاء نافذة استثمارية مشتركة الملك يبحث في طوكيو فرص تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الأردن واليابان الملك يلتقي رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" الأمن العام: العثور على جزء من قدم في منطقة عين الباشا وفاة حدثين إثر حادث غرق في المفرق الملك يبحث في طوكيو فرص تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الأردن واليابان
بحث
الثلاثاء , 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025


مبادرة ترامب: الاحتواء بدل الإقصاء...بقلم : د . منذر الحوارات

بقلم : د . منذر الحوارات
13-10-2025 11:55 PM

تكاد الحرب في غزة تبلغ منتهاها العسكري، بعدما توصلت الأطراف إلى قناعة بأن استمرار القتال لم يعد مجدياً عسكرياً وسياسياً أو أخلاقياً، فوقف إطلاق النار لم يكن ليتم لولا مستوى غير مسبوق من الضغوط التي مارسها الوسطاء والرعاة الدوليون والإقليميون.


من جهة، مارست الولايات المتحدة الأميركية ضغطاً قوياً على إسرائيل بعد سلسلة تطورات لافتة: العدوان على قطر، الاعتراف الدولي المتسارع بالدولة الفلسطينية، والانسحابات الجماعية أثناء خطاب نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أدركت واشنطن أن استمرار الحرب سيقودها وتل أبيب إلى عزلةٍ غير مسبوقة، وأن خسارتها الإستراتيجية ستكون أصعب من أي إمكانية لحلها، ومن الجهة المقابلة، شكّل الحشد العربي الإسلامي الموحّد لأول مرة منذ سنوات عامل ضغط موازناً، بعد أن بات واضحاً أن استمرار العدوان على غزة ستكون له عواقب وخيمة على القضية الفلسطينية والمنطقة برمتها.
هذا الإدراك المزدوج أسّس لقناعةٍ لدى الجميع بضرورة وقفٍ سريع لإطلاق النار، بصرف النظر عن حجم التنازلات المطلوبة من كل طرف، وقد كرّس اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمجموعة العربية الإسلامية هذا التوجه، إذ أعلن ترامب مبادرته المكونة من عشرين بنداً، متعهداً بإقناع إسرائيل بها، وبالفعل، استُدعي نتنياهو على عجل ليعلن موافقته، بعد أن سلحه بدعم المعارضة، بينما لحقت به حماس بعد أيام، لتبدأ المفاوضات غير المباشرة حول البند الأول من المبادرة المتعلق بتبادل الأسرى.
حتى اللحظة، تبدو الأمور في ظاهرها محصورة في مسار إنساني يتعلق بغزة والأسرى والمساعدات، لكنّها في عمقها السياسي والإستراتيجي تعبّر عن قرارٍ ضمني بأن المواجهة بلغت نهايتها، وأن استمرار الحرب لن يفضي إلى أي مكسبٍ سياسي حقيقي، إنها لحظة تشبه إلى حدٍّ ما الانعطافة التي سبقت مؤتمر مدريد، حيث بدأت المفاوضات غير المباشرة على قاعدة “الضرورة لا القناعة”.
لكن الطريق ما يزال مليئاً بالعقبات، فالشكوك تحيط بكل بند من بنود الخطة: هل ستلتزم إسرائيل بالانسحاب كما ورد؟ هل ستسمح بإدخال المساعدات دون عراقيل؟ وهل ستكفّ عن محاولات ضمّ الضفة الغربية؟ وفي المقابل، يشك الأميركيون والإسرائيليون في مدى استعداد حماس لتسليم سلاحها أو إنهاء سيطرتها على غزة أو تسليم خرائط أنفاقها، هذه الشكوك المتبادلة تجعل مهمة الوسطاء أكثر تعقيداً من أي وقتٍ مضى.
ومع ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة وإسرائيل وربما أطرافاً أخرى مصممة على الذهاب إلى ما هو أبعد من تبادل الأسرى أو الانسحاب من غزة، فثمة قناعة جديدة تتشكل لدى الطرفين مفادها أن إقصاء الآخر لم يعد ممكناً: إسرائيل أدركت أنها لا تستطيع إخراج حماس من المشهد الشعبي الفلسطيني مهما بلغت قوتها العسكرية، وحماس بدورها باتت تدرك أنها لا تستطيع إخراج إسرائيل أو تجاهلها كواقعٍ سياسي وجغرافي ثابت في المنطقة.
انطلاقا من هذه القناعة، يمكن توقع تحوّلٍ تدريجي في مقاربة الطرفين. فإسرائيل التي فشلت كل اتفاقياتها السابقة مع الأنظمة العربية في تحقيق قبولٍ شعبي داخل الشارع العربي، قد ترى في الحوار مع التيار الإسلامي ممثلًا بحماس فرصة لاختراق اجتماعي وسياسي أوسع، وربما لتطبيع مختلف يبدأ من الأيديولوجيا لا من الدبلوماسية.
وفي المقابل، تدرك حماس والتيارات الإسلامية أن المعادلة الإقليمية تغيرت جذريا: الولايات المتحدة هي الراعي المركزي للنظام الإقليمي، وإسرائيل إحدى ثوابته، ولا مجال لأي مشروع سياسي أو عسكري يتجاهل هذه الحقيقة، ولذلك، قد تعيد حماس تموضعها ضمن مقاربة جديدة، توازن بين البقاء في المشهد السياسي وبين القبول بواقعٍ تفرضه موازين القوى.
من هنا، ليس مستبعداً أن تقود مبادرة ترامب إلى تفاهماتٍ أوسع بين الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس في المستقبل، فالزخم الحالي الذي تشهده المنطقة لم يحدث منذ عقود، وربما يمهد لصفقةٍ تاريخيةٍ أكبر تُعيد تعريف العلاقة بين الإسلام السياسي والغرب، وتفتح الباب أمام تسويةٍ غير تقليدية في الصراع العربي–الإسرائيلي.
بعبارةٍ أخرى، قد لا تكون “مبادرة ترامب” مجرد اتفاقٍ لوقف الحرب، بل بداية مسارٍ جديد لإعادة هندسة الشرق الأوسط، يتجاوز غزة إلى ما بعدها، ويعيد رسم خطوط التوازن بين العقيدة والمصلحة، بين الأيديولوجيا والبراغماتية.
إنها لحظة فاصلة، قد لا تنهي الحرب فقط، بل قد تفتح الطريق أمام شكلٍ مختلف من السلام.. سلامٍ لا يُشبه ما عرفناه من قبل، سلام يتأسس على منطق الاحتواء لا الإقصاء.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012