أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


الضمان الإجتماعي عاجز عن أن يضمن نفسه
07-09-2010 08:21 PM
كل الاردن -

وليد السبول

 

 

كم سنة مضت على تأسيس مؤسسة الضمان الإجتماعي في الأردن؟ سنوات عديدة تجاوزت الثمانية عشر سنة. مآت الآلف الدنانير تورد في كل شهر إلى حسابات المؤسسة ومن المفروض أن هذه الملايين قد تضاعفت آلاف المرات بمجرد استثمارها في فوائد بنكية بسيطة لتصبح مليارات كثيرة إلا أن سياسة مؤسسة الضمان في توظيف وتعيين الخبراء والأخصائيين في علم الإستثمار والذين بالصدفة لا يسكنون إلا في أحياء  الشميساتي وعابدون ودير غبار ممن لا يعرفون من الأبجدية الأردنية إلى الهاي والباي ولا يأكلون إلا الأطباق التي لا نعرف نحن المواطنون أن نلفظ أسماءها ويرتادون نفس المطاعم والكوفي شوبات ونواديهم الخاصة وهنالك رابط سري يجمع استثماراتهم الخاصة في شركات ذات صبغة استراتيجية تتحكم في موارد البلد والسيولة النقدية فيه. حتى أسماء عائلاتهم معروفة ومحددة ونادرا ما يختلط فيهم اسم جديد لكن مفاتيحهم تكون معروفة لديه فسرعان ما يستلم إحدى الإدارات أوالوزارات دون أن يكون له أدنى خبرة ومعرفة لا في البلد ولا في إقتصاده ولا في تركيبته ولم يسمعوا برجالاته ولا هم حتى بالكفاءة اللازمة لإدارة هذه المناصب إلا أن هذا التجمع الخاص بهم يؤهلهم لأرفع المناصب ويتمتعون بمزايا لا يحلم بها بقية الشعب.

من هؤلاء الأشخاص الذين يتقاضون الرواتب بالأصفار الكثيرة والبدلات المخيفة سيادة الشريف فارس شرف الذي يتولى المحفظة الإستثمارية وهي الوحدة الأساسية المكلفة بتشغيل أموال الشعب المحبوسة في حسابات الضمان. سكرتيرة وخطوط من الحراسة وفي النهاية يمكن مقابلة رئيس جمهورية إحدى الدول قبل أن يسمح سيادة الشريف بمقابلة معه حتى لو كانت المقابلة لمصلحة الضمان قبل مصلحة أي جهة أخرى. للأسف لم يخجل سيادته من أن يعيدني من باب مكتبه عدة مرات من خلال سكرتيرته وعلى مدى ثلاثة أشهر تقريبا بحجة أنه مشغول لدرجة أنه لا يستطيع تحديد موعد للقائي ولو لمدة خمس دقائق وعلى الواقف وبدون فنجان قهوة كما طلبت منها.

ذلك جعلني أتساءل وأبحث عن جهود وخبرة الوحدة الإستثمارية في الضمان فوجدت أن كل ما تعرفه هو الإستثمار في مشروعات العقار والأسهم. الإستثمار العقاري في شراء أراض في مواقع استراتيجية على أمل أن تزداد قيمتها دون عمل أي شيء أو الدخول في أية عمليات انتاجية. والشراء في الأسهم التي خسرت في البورصات لأكثر من 80% من قيمتها. قد لا تصدقون أن حجم الأموال التي يستثمرها الضمان في العقار والأسهم لا تزيد على 5 - 6 مليارات دينار ولو تولى مسؤولية إدارة هذه الأموال منذ البداية تاجر على سقف السيل لجعل منها امبراطورية يعد رأسمالها بالمليارات وتورد الأرباح الصافية بالمليارات. لكن حجم الخسائر الرأسمالية والمصاريف الإدارية الهائلة كالرواتب الخيالية وبدلات السفر المرعبة والسيارات الفارهة تستنفذ النسبة الكبرى من هذه المبالغ ولا بد لنا قريبا من أن نصحو على يوم فنجد الضمان الإجتماعي قد بدأ يستدين ليفي بإلتزاماته التأمينية نحو جمهور الموظفين والعمال المتقاعدين الذين قضوا عمرا يقتطع من أموالهم ومن أموال أصحاب العمل لتستثمر في استثمارات أبسط ما يمكن أن يقال عنها أنها غير خلاقة وتقليدية جدا فقاعة السوق المالي تمتليء بتجار الأسهم الذين لم يدرسوا في جامعات أوروبا وأمريكا ومع ذلك يحققون نتائج أفضل من نتائج المحفظة الإستثمارية للضمان الإجتماعي.

وما أصبح ظاهرة هو كثرة التغييرات في القوانين المؤقتة بحيث يصبح من الممكن تقليل عائد الدخل للمستفيدين إلى الحدود الدنيا ويكتشف العامل والموظف أنه عمل عشرات السنين ليتقاضى قروشا قليلة نظير عمله الطويل فالباقي من الدنانير انفق على رواتب الشريف فارس وزملائه في العمل فالضمان أصبح ضمانا لهم وليس للشعب الأردني.

لقد ابتعد الضمان عن دوره كمسؤول عن توفير الأمان المعيشي للمواطن وكان بإمكانه أن يكون معنيا بتوفير العلاج والتعليم للمواطنين الذين أفنوا عمرهم في توريد الأموال لحسابات الضمان الإجتماعي.

كنت أتمنى أن يدخل الضمان الإجتماعي في مشروعات صغيرة مع المتقاعدين تدر عليهم دخلا وينعشون بذلك الحركة الإقتصادية ويخففون من إلتزامات الضمان نحوهم طالما أن صاحب المشروع مستعد أن يتقاسم معهم أرباحه بدلا أن يستلم المتقاعد المستفيد مبالغ هزيلة وهو بلا عمل. بإمكانهم الإستفادة من تجربة المتقاعدين العسكريين في تشغيل أفرادها بعد التقاعد وفي ذات الوقت تنمية أموالها وزيادة دخل مؤسسة المتقاعدين العسكريين.

يمكن أن يستفيد من ذلك صغار أصحاب المهن وربات البيوت. عشرات من ربات البيوت مستعدات للقيام بمشاريع صغيرة لا تحتاج لرأسمال كبير وإنما يمكن مساعدتهن بقليل من الأفكار في الإدارة والمحاسبة وحتى في سر الصنعة وجلب المواد الأولية. بنوك أصغر بكثير من الضمان لكن في دول أخرى أكثر فقرا من الأردن بدأت بتطبيق مثل هذه الأفكار ونجحت أيما نجاح، فلماذا ليس في الأردن.

بإمكان الضمان الإجتماعي أن يدخل حتى في مجال القروض الصغيرة للزواج والتعليم وتلبية كافة حاجات المواطنين.

الأمل الآن في الرئيس الجديد لمؤسسة الضمان الإجتماعي الدكتور معن النسور أن يطلع على الأرقام جيدا ويضع اصبعه على مكان الجرح والنزيف ويأتي بمن هم أكثر خبرة في موضوع الإستثمار فالشهادات التي تدعمها فقط أسماء العائلات لا تعني شيئا إن لم تكن مدعومة بالخيال والرغبة وحب البلد.

لدينا شباب مؤهلون أكثر وحصلوا على شهادات أكثر تخصصا ولديهم استعداد للعطاء المتميز ولا ينقصهم إلا الفرصة، والأمل كبير في الدكتور معن النسور أن يعالج الأخطاء ويجتث العيوب ويضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

 

 

 walidsboul@hotmail.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012