أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


المفاوضات المباشرة: مجموع النواتج = صفر !!
05-09-2010 11:01 PM
كل الاردن -

د. أحمد القطامين

 

 

الداعمون لنهج المفاوضات المباشرة بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل يدافعون عنها باستماتة على اساس انها الفرصة الاخيرة المتاحة لمنع ولوج المنطقة الى مرحلة جديدة من العنف والتطرف، لذلك قام هؤلاء بتحشيد اعلامي وسياسي ملفت لاعطاء الانطباع ان ما يتم الاعداد له هذه المرة يختلف عن المرات السابقة وبالتالي فنحن ندخل في مرحلة جديدة واعدة.

اما المعارضون لها فيصفونها بشتى الأوصاف المقذعة على أساس ان التوقيت والشكل والكيفية التي تتم من خلالها هذه المفاوضات توحي انها مفاوضات لا تقود الى تسوية بل تفضي الى تصفية كاملة وغير عادلة للقضية الفلسطينية على حساب حقوق الفلسطينيين.

ان واقع الحال ان المعسكرين على خطأ في تشخيصهما لما يجري فعباس لا يملك ما يستطيع التنازل عنه ونتنياهو ليس لديه الدافع لتقديم اية تنازلات قد تطيح بحكومته ذات التركيبة السياسية الصعبة، اذن الوضع اكثر تعقيدا مما يبدو على السطح وذلك في ضوء المعطيات التالية:

1- ان النواتج النهائية لأية عملية تفاوضية تحكمها معادلات القوة والضعف لدى الاطراف المتفاوضة، وبالتالي لنا ان نتصور الفرق الهائل بين ما لدى اسرائيل من نقاط قوة مقابل انعدام اية نقطة قوة لدى السلطة الفلسطينية.. اذن ما الذي سيدفع اسرائيل التي تتعامل عادة بصلف وغطرسة عندما يكون الحديث يتعلق بحقوق الفلسطينين الى ان تضطر لتقديم تنازلات مؤلمة جدا في هذه المرحلة بالتحديد.

2- ان سلطة عباس في رام الله لم تعد تملك اية اوراق رابحة تضعها على طاولة المفاوضات، فكل ما يمكن تخيله من تنازلات قد تم تقديمه في مراحل سابقة واحيانا بدون ثمن مقابل .. بحيث لم يتبقى لديها اية ورقة ضغط الا تلك الاوراق التي تقع عادة خلف الخطوط الحمراء التي لا يستطيع اي كان من الفلسطينيين تجاوزها او التفريط فيها، كقضايا القدس والحدود واللاجئين.

3- ان القوة الناعمة التي ما فتئ الرئيس الامريكي اوباما يحاول توظيفها للضغط على اسرائيل لاجبارها على التوجه الحقيقي باتجاه التسوية اصبحت قوة غير مؤثرة بعد ان تم ابطال مفعولها بسبب معادلات السياسة الداخلية الامريكية، وبالتالي اعتقد ان الرئيس اوباما سيعتبر مجرد انعقاد المفاوضات المباشرة دعما لسمعة ادارته الديمقراطية التي تعاني حصارا شديدا على ابواب انتخابات الكونغرس النصفية.

اذن، الكل سيحقق فائدة ما من وراء عقد هذه المفاوضات في هذا الوقت بالذات والخاسر الوحيد هم الفلسطينيون والعرب كما جرت العادة في المرات السابقة. فاوباما سيظهر بمظر رجل الدولة الذي يجمع الاطراف المتصارعة لبدء مفاوضات مباشرة يفترض نظريا انها تقود الى حل لاكثر ازمات التاريخ تعقيدا، وهذا سيكون له فوائد عظيمة وامريكا على ابواب انتخابات تشريعية تزداد يوما بعد يوم احتمالات ان يواجه اوباما وحزبه الديموقراطي هزيمة مؤلمة فيها.

كم ان نتياهو يعتبر اكبر المستفيدين منها حيث سيظهر رجل سلام ومفاوض بعد ان كان معروفا عنه انه رجل متطرف واحمق.. وستكون اسرائل المستفيد الاعظم منها حيث من المتوقع ان تخفف عن اسرائيل الضغوط الشعبية الدولية التي تتهم اسرائيل بجرائم ضد الانسانية بسبب سلوكها العسكري اثناء الهجوم الاخير على غزة.

اما السلطة الفلسطينية فالمتوقع ان تكون الخاسر الوحيد وسط تداع واضح جدا في سمعتها ومكانتها بين الفلسطينين والعرب.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012