أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


إسقاط الرفاعي وتجديد العقد الاجتماعي

12-08-2010 01:20 AM
كل الاردن -

 

 

علاء الفزاع

 

 

مثلت حكومة الشاب عديم الخبرة السياسية، رجل الشركات سمير بن زيد بن سمير الرفاعي تتويجاً للكوميديا السوداء التي عاشها الأردن طوال عقود.

 

واستطاعت الحكومة خلال شهور قليلة، وبكفاءة نادرة، أن تحرج معظم أصدقائها، وكل من قبلها على مضض، لتستحيل الساحة الأردنية إلى جمهور من الغاضبين من الحكومة، خصوصاً بعد إطلاق يد رئيسها، وخضوع كافة أجهزة الدولة، أكرر: كافة أجهزة الدولة، له ووضعها رهن إشارته. ولا أعني هنا خضوعها للحكومة بموجب الولاية العامة للحكومة، ولكنه خضوع مباشر لسمير الرفاعي، في تركيز بالغ الخطورة للسلطات في يد شخص واحد من الواضح أنه لا يقدر أهمية ما بين يديه، ولا يدرك جيداً أبعاد قراراته على الدولة.

 

وقد بلغ التذمر في الشارع حداً تجاوز رئيس الحكومة ليصل إلى الآلية التي أوصلت هذا الشخص إلى هذا المنصب.

 

ولعل هذه هي الحسنة الوحيدة لحكومة سمير الرفاعي.

 

الشارع الآن وصل مرحلة من النضج والحراك الشعبي الوطني الأردني لم يشهدها منذ أكثر من 60 عاماً. والحركات الوطنية الأردنية تتوج ذلك النضج في وضوح لم تشهده البلاد منذ تأسيسها. وقد تصلبت هذه الحركات بفعل عوامل موضوعية، كما ساعدها في زيادة صلابتها وتحديد معالمها عوامل جانبية تمثلت في الممارسات اليومية الخاطئة لحكومة سمير الرفاعي.

 

وقد حان الوقت لإعلان السعي لإسقاط هذه الحكومة. والمواطن الأردني وضمن حقوقه الدستورية يمتلك من الوسائل المشروعة ما يكفي للضغط القوي لإسقاطها. وتمتلك الحركات الوطنية الأردنية بروافعها المختلفة المطلبية والسياسية من القوة ما يكفي لجعل هذه الحكومة تغادر الدوار الرابع في وقت قريب. وتمتد الخيارات ما بين الضغط السياسي والإعلامي، والضغط المباشر في الشارع.

 

ومن الممكن سرد قائمة طويلة من المبررات التي تسوغ هذه الدعوة، ولكنها تختصر في نقطة واحدة: هذه الحكومة لم يخترها الشعب، ولم تمثل الشعب في أية لحظة طوال شهورها التسعة، ولا تحترم الشعب.

 

ولكن إسقاطها ليس كافياً في ظل كل هذا النشاط الشعبي المتوافر الآن، والذي قد لا يتكرر خلال عقود.

 

هناك من القوة الشعبية الآن ما يكفي للمطالبة بإعادة تكوين العقد الاجتماعي للدولة الأردنية، بما في ذلك طبيعة النظام السياسي للدولة، وطريقة اتخاذ القرار في هذا النظام، وآليات الحكم، وكيفية اختيار الحكومات وتشكيلها. وهو ما يكفله بوضوح دستور عام 1952.

 

إن الدولة الأردنية تعاني من فقدان مريع للمغزى، فالدولة هي تشكيل اجتماعي يكتسب قيمته من مدى تحقيقه لمصالح المتوافقين عليه، وهو ما لا يتوافر الآن بحكم أزمة الهوية المشتتة بفعل ميوعة قرار فك الارتباط وتجنيس مئات الآلاف بطرق غير مشروعة والتفافية، وبحكم تحويل الأردن بفعل سياسات الليبراليين الجدد إلى مزرعة للشركات تهضم فيها أدنى حقوق المواطنين ويحرمون من أبسط متطلبات المعيشة، وبحكم آليات غير واضحة في إدارة الدولة واختيار الحكومات، وتزوير مباشر وغير مباشر في إرادة المواطنين لتشكيل مجلس النواب.

 

ومن المفيد التذكير هنا أن الشعب الأردني لم يعرف اسم رئيس وزرائه الحالي إلا في آخر 5 دقائق!

 

الاكتفاء بإسقاط حكومة سمير الرفاعي سيترك المجال لتكرار نفس السيناريو وعودة رئيس وزراء لا نعرف كيف تم اختياره، وقد تكون حكومته أسوأ من الحالية، بل وربما يكون باسم عوض الله نفسه.

 

المستهدف ليس سمير الرفاعي بحد ذاته، رغم أنه أثبت استحقاقه لما يجري له، ولكن الاستهداف هو للوضع القائم حالياً.

 

الشعب الأردني يؤمن بالدستور الأردني، وبالدولة الأردنية كما حدد شكلها الدستور الأردني، ولكنه وكما هو واضح من حراكه اليومي يرفض التجاوزات على الدستور والتي تعود فعلياً لأكثر من نصف قرن.

 

 

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012