أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


اللحُمة الوطنية تتجلى في بلدة الربة - الكرك
02-08-2010 11:19 AM
كل الاردن -

خالد المجالي

 

 

بداية اتمنى على كل الذين يرفعون شعارات الوحدة الوطنية ان يتعلموا كيف هي اللحُمة الوطنية الحقيقية التي يعيشها الأردنيون من مختلف الأصول والمنابت ، بدون شعارات وبدون مقالات وبدون المزايدات التي دأب البعض عليها خاصة في الآونة الأخيرة ، وأتمنى ان يتوقف البعض ويتعلموا حقيقة اللحُمة الوطنية الأردنية .

 

في بلدة الربة تعيش عائلات كثيرة ومن شتى الأصول والمنابت مسلمين ومسيحيين ، اندمجت دماؤهم كما تشابكت منازلهم ، لا تفرق بينهم فكلهم أهل الربة ، يتشاركون في كل شيء، عاداتهم أصبحت واحدة ، وهمومهم مشتركة ، كيف لا وبعضمهم من مئات السنين متجاورون، وآخرون من عشرات السنين ، أصبحوا أنسباء فهم الأعمام والأخوال ، وشركاء في التجارة وفي الزراعة وحتى بتربية الأغنام .

 

من عائلات الربة عائلة المجالي وعائلة ابو نصار ، تربطهم علاقات كثيرة كما هي علاقتهم ببقية العائلات ، وتشاء الأقدار والحكمة الإلهية ان يتعرض شابان صديقان في مقتبل العمر - ليث المجالي و عمر ابو نصار - رحمهما الله - لحادث سير مفجع وهما معا في سيارة واحدة ، ليث وعمر يعملان معا ... صديقان وجاران، نقلا معا إلى المستشفى، وتجمهر الأهل والأصدقاء ...... يتوفى ليث قبل عمر بساعة تقريبا ويلحق به صديقه وزميله ورفيق دربه عمر ، ساعات طويلة وقاسية ومؤلمة ليس فقط على عائلة المجالي وابو نصار بل لكل عائلات الربة ... شابان في بداية العشرينات من العمر يذهبان ضحية حادث سير .....

 

والد عمر إمام احد مساجد الربة ... ومن السنة ان يكرم المتوفى بسرعة الدفن ، وكانت الساعة تقارب الثالثة عصراً ، فكانت رغبة والده ان يدفن عمر وهذا ليس من عادة عائلة المجالي ان يتم الدفن فورا ... إلا أنهم ولرغبة والد عمر طلبوا ان يدفن ليث في نفس الوقت مع صديقه ورفيق دربه عمر. وفعلا تم الدفن بعد الساعة السادسة مساء ...حتى لا يفرق بينهم.

 

هنا تبدأ اللحمُة الوطنية فعلا وليس شعاراً .... ال المجالي وعلى ارض المقبرة يتنازلون عن حقهم العشائري فورا ، كون ابنهم ليث كان في سيارة صديقه عمر ... ويطلبون ان يكون العزاء واحدا للصديقين. وفعلا يفتح العزاء وتتقبل العائلتان المعزين معا، يصطفون معا ويكرمون الضيوف معا ويتألمون على فقيديهم معا ...

 

في اليوم الثاني تتجلى أيضا تلك اللحمة العائلية ... تستقبل العائلتان معا جاهة من أبناء الكرك .... جاهة من طرف السائق للسيارة الثانية المتسببة في الحادث المؤسف .... يتقدم احد الوجهاء يلقي كلمة الجاهة كما جرت العادات العشائرية ... يقف احد أبناء عمومة عمر ويلقي كلمة ترحيبية باسم العائلتين المجالي وابو نصار والحضور ويتحدث عن العلاقة التي ترتبط بها العائلتين ..ويفوض عم ليث بالحديث نيابة عنهم ويفوضه بأي امر يراه مناسبا ... وهنا يتكلم عم ليث ويرحب بالجاهة ويسقط كامل الحقوق العشائرية عن السائق الثاني اكراما لله تعالى ولنبيه عليه الصلاة والسلام ولجلالة الملك وللجاهة ...وهذا يشمل الحق العشائري للعائلتين معا ...

 

والمشهد الاخير يقف الاكبر سنا ومقدارا من عائلة ابو نصار ...وقد تجاوز الخامسة والثمانين من العمر ...ويقول كلمات يعجز عنها كل منظري الوحدة الوطنية .... كلمات من قلب انسان مؤمن يحمد الله تعالى على نعمة الإسلام ويحمد الله على العلاقات العائلية التي تجاوزت السنين والخطابات ويذكر بالأنصار والمهاجرين وطيب العلاقة ...كلمات صادقة لا تعرف الخطابات السياسية ولا المزاودات ولا الادعاءات ...كلمات أوجزت ان ما يربط الناس اكبر من السياسة والحدود ... الإسلام والعروبة والكرم والصفح والأخلاق .....

 

هذا مشهد حقيقي حصل في بلدة الربة وربما يحصل في كثير من مدننا وبلداتنا ...فهل يتعلم السياسين من هذا المشهد ... وهل يستطيع مدعي السياسة الارتقاء لهذا المشهد ....أم ان هذا لا يتوافق مع ما يخطط له البعض ؟؟؟؟

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
21-04-2012 06:40 PM

مقال جميل جداً ..............أحسنت

2) تعليق بواسطة :
13-10-2012 11:40 PM

الله يرحمهم يا رب وويجعل مثواهم الجنه

3) تعليق بواسطة :
27-05-2013 03:29 PM

جيدجدا بس كنت عاوزاعرف اصل عائلتى الربة

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012