تبقى الذاكرة العربية معلقة بمشهد جنيف, لدى وقوف طارق
عزيز في مواجهة جيمس بيكر, في مؤتمر صحفي عز نظيره بين رئيس الدبلوماسية الاميركية
ووزير خارجية عربي!!
وقتها كنا نقول: انصفنا ابو زياد, وانصف أمته فقد كان
الاثنان يديران اكبر معركة دبلوماسية ومحاربة شهدتها المنطقة. وكانت الأزمة وصلت
الى حد الصدام العسكري. كان طارق عزيز يتكلم من موقع قوة, وكان سياسياً وليس بوقاً
اعلامياً, وحين سأله احد الصحفيين:
- هل ستضربون اسرائيل اذا بدأ الهجوم الاميركي؟!
- قال طارق دون تردد وبصوته الضحل الهادئ.. طبعاً!! ولم
يزد بكلمة!!
.. امس وقف طارق عزيز المريض الذي تجاوز الخامسة
والسبعين أمام مخلوق منغولي سمين, وعريض الاشداق اسمه قاض. وتلقى الحكم شنقاً حتى
الموت. وكان على ثغر الاسد العراقي ابتسامة حزن شديد, فالقضاء صار جزءاً من الصراع
على الكراسي, والذين يديرون فرق الموت والقضاء يغلقون ابواب التفاوض مع الاكثرية
التي تطالب بتبييض صفحة القضاء، والعراق.. فاطلاق سراح طارق عزيز ورفاقه اصبح
مطلبا لكتل برلمانية لا تتعامل بالقتل والشنق والاعدام لأن قضايا العراق لا تحتمل
المزيد من حمامات الدم.
نحن الذين نعرف طارق عزيز المفكر السياسي الشجاع الهادئ
نشعر بحرقة لا لأن الرجل الكبير في هذا الوضع من السجن والتنكيل والتهديد فذلك أقل
همومه وهمومنا وإنما لأننا كنا ننتظر ان نسمع في يوم قريب انه بيننا هنا في عمان
التي أحبها وأحبته.. وانه سيقضي استراحة المحارب في بيت من بيوتها بين أهله
وأصدقائه الكثر.
صورة ابو زياد البطل هي صورته في سجون المجرمين القتلة
كان ككل العرب يشفق ويحزن على عراقه العظيم كيف انتهى بعد عز انتصاراته الكبرى.
التعليقات
لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .