أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


الحكومة وحيتان شراء الأصوات : امتحان النزاهة

23-10-2010 12:45 AM
كل الاردن -

  حسين الرواشدة

 

 

يبدو أن امتحان الحكومة الآن ، في الشوط الاخير من "ماراثون" الانتخابات يتعلق بقدرتها على مواجهة "ابطال" المال السياسي وسماسرة شراء وبيع الاصوات الذين أصبحوا يمارسون "اعمالهم" جهارا نهارا ، دون ان يتورعوا مما يترتب على ذلك - حسب القانون - من عقوبات تصل الى حد السجن لمدة سبع سنوات.

 

لم يخف وزير الداخلية في حواره مع اسرة "الدستور" ان هنالك جهودا حكومية تبذل على كافة المستويات للقبض على "المتورطين" في هذه الجريمة الانتخابية ، لكن المشكلة ان ذلك يحتاج الى ما يلزم من أدلة وبراهين وقرائن تقدم للقضاء لكي يأخذ هؤلاء عقوبتهم ، ولا يخرجون من "القفص" ابطالا او ضحايا ، او تتحول القضية التي تستهدف محاسبتهم وردعهم الى "فرصة" يستخدمونها كدعاية انتخابية لهم.

 

ومع ذلك ، فان ثمة اشارات عديدة - لم يخفها وزير الداخلية ايضا - تؤكد ان الايام القادمة ستشهد "جولة" من "الملاحقات" القضائية ضد بعض الاشخاص الذين تجمعت معلومات حول قيامهم باستخدام المال "الفاسد" لشراء ذمم الناخبين ، وهي خطوة اعتقد انه اذا نجحت الحكومة فيها فانها ستضيف الى سجل النزاهة نقطة جديدة ، تطمئن الناس على سلامة اجراء الانتخابات ، وتبدد مخاوفهم من امكانية تكرار التجارب السابقة ، وتردع الذين لا يملكون اي مؤهل يوصلهم الى المجلس ، غير المال ، عن مواصلة هذا "العبث" الذي لا يتعلق فقط بتمكين نائب غير مناسب من الفوز وانما - ايضا - بهدم ركن اخلاقي يمس الانتخابات ونزاهتها كما يمس قيم المجتمع الاردني التي يريد هؤلاء ان يضربوها بسطوة "المال" وحاجة بعض الناس اليه.

 

لا تسطتيع الحكومة ، بالطبع ، ان تقوم بهذه المهمة وحدها ، ولكن دورها - هنا - حاسم وضروري ، فهي المسؤولة - اولا واخيرا - عن تطبيق القانون ، ولديها من الامكانيات ما يكفي لاتخاذ اجراءات رادعة بحق المتورطين في بيع وشراء "الاصوات" ، وأحسب ان احالة شخص او ثلاثة او أربعة الى "القضاء" وفق اجراءات "ضبط" سليمة ودقيقة سيبعث برسالة "ردع" قوية الى الآخرين ، وسيثبت - ايضا - بأن الحكومة جادة وحازمة في هذه المسألة التي تشكل كما قلنا امتحانا يفترض ان تتجاوزه الحكومة بنجاح اذا ما كانت راغبة في انتاج تجربة انتخابية جديدة تعيد للمواطن ثقته بصوته وبحقه الانتخابي وبمؤسسة البرلمان القادم.

 

لا يكفي - بالطبع - اشهار القانون الذي يجرم هذه الممارسة ويفرض على ممارسيها عقوبة تصل الى السجن سبع سنوات ، وانما لا بد من أن تشرع الحكومة في تنفيذه ، وتوفير ما يلزم من "ضمانات" لمن يبلغ عن أي فساد أو افساد في ذمم لاناس واصواتهم ، أو - حتى - مكافأتهم لتحفيزهم على القيام بهذا الدور الوطني ، واذا ما حصل ذلك فان كثيرين سيندفعون الى فضح وكشف هذه الظاهرة التي اصبحت للاسف في دائرة المقبول الاجتماعي ، بعد ان كان مجتمعنا يرفضها ويعتبرها اساءة لكرامته واستهتارا بقيمته وحقه في اختيار من يريد.

 

بانتظار ان نرى "المتورطين" في هذه الجريمة امام القضاء ، أو خلف القضبان ، فاننا نؤكد ان دخول "المال" السياسي على مجتمعنا والى برلماننا القادم ، مهما كانت مواقفنا من المشاركة في الانتخابات ، هو اسوأ ما يمكن ان يحدث لمجتمع يرفض ان يتحول الى مجموعات من "المتسولين" او الى "موظفين" لاقطاع المال السياسي الذي يريد ان يشتري اصوات الناس بأبخس الاثمان.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012