أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


مسيحيو الجنوب على خطى أجدادهم

23-08-2010 02:21 AM
كل الاردن -

* زياد أبو غنيمة

كانت لفتة ذكية من الصديق العزيز الأستاذ جميل هلسه أن يختار بلدياته القيادي الإخواني النائب الأسبق الأستاذ أحمد الكفاوين عريفا لحفل الإفطار الذي أقامه في قاعة النادي الأرثوذكسي لقيادات الحركة الإسلامية ونخبة من السياسيين ورجال الأعمال والمفكرين والإعلاميين ، وكانت لفتة ذكية أن يكون لفيف من نشامى الكرك من آل الهلسه الأعزاء في استقبال ضيوفهم ضيوف إبنهم الأستاذ جميل الهلسه ، كان حفلا كركيا جنوبيا بامتياز نقلني ألفا وأربعمائة عام ونيفا إلى الوراء لأستذكر ولأذكــًّـر بدور عشائر جنوب الأردن المسيحية العربية في وضع اللبنات الأولى في مسيرة الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية ، فقبل ألف وأربعمائة عام ونيف كانت مناطق شرقي الأردن كغيرها من بلاد الشام خاضعة لإستعمار الإمبراطورية الرومانية البيزنطية التي كانت تتخذ من القسطنطينية عاصة لها ، وفي تلك الفترة كانت العديد من العشائر العربية المسيحية تسكن في شرقي الأردن وخاصة في مناطق الجنوب ، وكانت هذه العشائر تضيق ذرعا بسيطرة الرومان البيزنطيين ، وكانت تتوق بفطرتها العربية وبمشاعرها العروبية للتخلص من سيطرتهم ، وقد وجدت هذه المشاعر العروبية متنفسا لها عندما بدأت تتناهى إلى مسامع عشائر الأردن العربية المسيحية أخبار ظهور قوَّة جديدة في بلاد الحجاز قوامها أبناء جلدتهم من عرب الحجاز المسلمين ، ولم تلبث هذه المشاعر أن تــُـرجمت على أرض الواقع عندما ذهب وفد من العرب المسيحيين في جنوب الأردن من الشوبك وأذرح والجربا والعقبة والبتراء بزعامة مطران العقبة يوحنـَّا بن رؤبة في عام 9 هـ ـ 630 م المسمَّى بعام الوفود إلى مدينة تبوك للقاءً الرسول العربي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وأهدى المطران إلى الرسول الكريم بغلة بيضاء أعجب بها النبي الكريم ، وأهدى النبي الكريم زعيمَهم يوحنا بُردة من بُرَدًه ، وتمخضَّت مقابلة وفد عشائر مسيحيي جنوب الاردن عن عقد اتفاق لفتح أبواب هذه المدن أمام جيوش الفتح الاسلامي ، وهذا ما حدث فعلا .

ولم تلبث جيوش الفتح الإسلامي أن حققت النصرَ الحاسم ، ويؤكد كتابُ ( عشائر الحدَّادين حتى عام م1991 ) أنَّ الرسولَ الكريم لم يطلب من مسيحيي جنوب الاردن تغيير دين آبائهم ، وأن جيوش المسلمين التزمت باتفاقها في تبوك فلم تتعرض للسكان العرب المسيحيين ، بل وجَّـهت سيوفها ورماحها فقط في مواجهة جند البيزنطيين ، وقد تحدثت معظم كتب السيرة النبوية عن زيارة مطران العقبة على رأس وفد من عشائر جنوب الأردن المسيحية العربية للرسول صلى الله عليه وسلم أثناء وجوده في تبوك ، فقد ورد في الجزء الخامس من المجلد الثالث من كتاب ( البداية والنهاية ) لأبي الفداء الحافظ إبن كثير (ص16) تحت عنوان :"مصالحته عليه السلام ملك آيلة ـ العقبة وأهل جرباء وأذرح وهو مقيم على تبوك قبل رجوعه"ما يلي : قال ابن إسحق : ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة ، وكتب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليحنة بن رؤبة وأهل إيلة عهدا هذا نصه :"بسم الله الرحمن الرحيم ، هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل إيلة سفنهم وسيارتهم في البر والبحر (وفي رواية أساقفهم وسائرهم) لهم ذمة الله ومحمد النبي ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر ، وأنه لا يحل أن يُـمنعوا ماءً يردونه ولا طريقاً يردونه من بر أو بحر" ، كتبه جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسنة بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة تسع للهجرة ، وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أهل أيلة بـُـردة مع كتابه أماناً لهم .

لقد كانت زيارة وفد عشائر جنوب الأردن المسيحية برئاسة المطران يوحنـّـا بن رئبة للرسول الكريم في تبوك قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام الخطوة الأولى في مسيرة الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية التي تـُـوًّجت بطرد المحتلين الرومان البيزنطيين من كل بلاد الشام ، والأمل أن يكون إفطار النادي الأرثوذكسي خطوة جديدة في مسيرة الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية على طريق تحصين الأردن العزيز في مواجهة الخطر الصهيوني الذي يتهددنا جميعا مسيحييين ومسلمين ، وبالمناسبة ، يذكر الأستاذ أكرم زعيتر في كتابه (وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية ) أن الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية تجلت بأروع صورها في مشاركة عرب فلسطين المسيحيين في ثورة البراق الشريف في عام 1929 م حين اختلط دم البطل اللداوي حنا صليبا كركر بدماء البطل المقدسي محمد عبد السلام وغيره من شباب فلسطين الذين حصدهم رصاص المحتلين الإنجليز ، وبالمناسبة أيضا أذكــًّـر بأبطال جيشنا العربي الأردني ، مسلمين ومسيحيين ، وهم يـُـسجـًّـلون جنبا إلى جنب أروع البطولات على أرض فلسطين في حرب م1948 ، ويضمـًّخون ثرى بيت المقدس بدمائهم الغالية ، البطل عوض محمد الحربي ، البطل حنـَّـا عيسى سالم نصراوين ، البطل محمد خالد يوسف الداوود العبيدات ، البطل سليم إسحق الصنـَّاع ، البطل سمارة غيـَّـاض عيد الشرفات ، البطل جريس عيسى جريس الهلسا ، البطل علي يوسف الصغير ، البطل توفيق دخل الله موسى عمـَّـاري ، وغيرهم كثيرون .



Ziad7391@yahoo.com

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012