أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


هيلين توماس صوت صارخ في قفار أميركا
11-06-2010 12:10 AM
كل الاردن -

بدر الإبراهيم  - «أخبِرْهم أن يخرجوا من فلسطين»، هكذا أجابت هيلين توماس عن سؤال بشأن إسرائيل. تحدثت بصراحة، وأعادت التذكير بأصل القضية التي يحاول بعض العرب التهرّب منها لتنفيذ مشاريع خائبة: «هؤلاء الناس محتلون وهذه ليست ألمانيا أو بولندا». قررت عميدة الصحافيين في البيت الأبيض أن تكون أجرأ من بعض العرب التسوويين، فطلبت من الإسرائيليين العودة من حيث

أتوا. عبَّرت هيلين توماس عن رأيها في أرض الحرية، أي أميركا، فماذا كانت النتيجة؟ المتحدِّث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس اعتبر تصريحاتها «عدائية وغير مسؤولة، وتستدعي التوبيخ» وطالبها بالاعتذار. ثم توالت حفلات التبرّؤ منها، ورفضها شخصياً، قبل رفض تصريحاتها، فما كان منها إلا الاعتذار ثم التقاعد لتدفع ثمن تعدّيها الخطوط الحمر. يحدث هذا في أميركا: تُعاقب صحافية على إبداء رأي لامس «محظوراً» تختلط فيه السياسة بالمصالح الاقتصادية والمسائل الثقافية وحتى الدينية. وتسجِّل هذه الحادثة شهادةً جديدة على حجم حرية التعبير وحرية الإعلام في الولايات المتحدة.

عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، تتصرف المؤسسة الحاكمة في أميركا وما يتبعها من أجهزة، كما يتصرفون في جمهوريات الخوف (ولو بنعومة أكثر): تمارس أنواع الإرهاب الفكري علناً، وتصبح حرية التعبير خطيئة تستدعي التوبيخ وإنهاء الحياة المهنية. ثم تختفي كل شعارات الحرية والديموقراطية ليظهر الجنون الأميركي ــــ الإسرائيلي، فيعمل على المحافظة على المصالح المتشابكة، ورفض تظهير صورة الصراع الحقيقية وإنْ على حساب الأيديولوجيا الأميركية.

الإعلام الحر يصبح عبداً لعقيدة سياسية فاسدة، وتنطبق عليه في هذه الحالة ما ينطبق على غيره في «العالم غير الحر»: ازدواجية في التعاطي مع القضايا المختلفة، وانحراف عن الموضوعية، ورفض للتعددية الفكرية، إلى جانب المساهمة الفاعلة مع السلطة في قمع الآراء وتجريمها و«تكفير» أصحابها.

تقمع الأنظمة الشمولية كل رأي مختلف بطرق عدة تصل إلى التعذيب والتصفية الجسدية. أما في أميركا الديموقراطية، فلا تحدث تصفية جسدية (على ما يبدو)، بل تشارك المؤسسات واللوبيات في حملة ضغط على صاحب الرأي بكل وسيلة ممكنة لمعاقبته على رأيه وإجباره على الاعتذار... ربما لذلك تبدو أميركا متحضرة! والحقيقة أن القمع ملة واحدة، لكن بعض «المثقفين» العرب المبهورين بالتجربة الأميركية لا يريدون أن يروا حدود ديموقراطيتها ولا طبيعة ممارستها. لذلك، يستمرّون رغم كل حادثة من هذا النوع في تمجيد القمع الناعم، فيما الحرية لا تتجزأ، والقمع لا يُغيِّر اختلاف ألوانِه طبيعتَه.

فضحت الصحافية المخضرمة اللبنانية الأصل، مرة جديدة، حقيقة حرية التعبير في الولايات المتحدة وتناقضات شعارات المؤسسة مع ممارساتها. ويبدو أن خروقات جديّة تظهر في جدار التضليل الإعلامي الغربي بشأن قضية فلسطين، هي بحاجة إلى مزيد من الدعم ليسقط الجدار ويُفك الحصار عن عقول البشر هناك و... قلوبهم.

 

هيلين توماس في سطور

هيلين توماس (ولدت في 4 أغسطس 1920) صحفية أمريكية مراسلة إخبارية وكاتبة عمود في صحف هيرست، وعضو في فريق البيت الأبيض للصحافة حيث خدمت كمراسلة، ولاحقا رئيسة قسم البيت الأبيض في وكالة يونايتد برس (UPI).

 

توماس قامت بالتغطية الصحفية لرؤساء الولايات المتحدة جميعا بدأ من جون اف كندي، كانت أول امرأة كعضو في نادي الصحافة القومي، وأول امرأة عضو ورئيس لجمعية مراسلي البيت الأبيض (WHCA)، وأول امرأة عضو في "نادي غريديرون" وهو أقدم وأهم نادي للصحفيين في واشنطن دي سي. كتبت أربعة كتب آخرها: "كلاب حراسة الديمقراطية؟" "Watchdogs of Democracy?" والذي تنتقد فيه دور وسائل وشبكات الإعلام الأمريكية في فترة رئاسة جورج بوش، حيث وصفت وسائل الإعلام الكبرى منها على وجه الخصوص بأنها تحولت من "سلطة رابعة وكلاب تحرس الديمقراطية ومراقب على الديمقراطية" إلى "كلاب أليفة".

 

حياتها المبكرة

ولدت هيلين في وينشيستر، كنتاكي لوالدين مهاجرين من طرابلس لبنان قبل استقلال لبنان عن سوريا. تربت في ديترويت، ميتشيغن، وقد فاخرت بانتمائها العربي فقالت:"أشعر بانتماء إلى لبنان. أحس بانتمائي إلى ثقافتين". والتحقت هيلين توماس بجامعة واين (حاليا جامعة واين الحكومية)، حصلت منها على البكالوريوس في 1942. عملت بعدها في أول وظيفة لها كموظفة طباعة في جريدة واشنطن ديلي نيوز (متوقفة حاليا).

انضمت توماس إلى وكالة يونايتد برس انترناشونال في العام 1943 حيث قامت بإعداد تقارير عن المرأة لوكالة الأنباء تلك. لاحقا وبعد عقد كتبت في عمود لصحف المؤسسة تحت عنوان "Names in the News". وبعد العام 1955 قامت بتغطية نشاطات الوكالات الفيدرالية الأمريكية مثل وزارة العدل الأمريكية، مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية (وزارة سابقة). كما خدمت توماس كرئيس لنادي المرأة القومي للصحافة بين عامي (1959 - 1960).

 

المراسلة الرئاسية

الرئيس جورج دبليو بوش يقدم التهنئة لهيلين توماس بمناسبة عيد ميلادها، وهي الجالسة في الوسط بغرفة جيمس اس. برادلي للملخصات الصحفية بالبيت الأبيض.في 1960 بدأت هيلين تغطي أنشطة الرئيس المنتخب لاحقا جون اف كندي لتلحق به في البيت الأبيض في يناير 1961 كمراسلة لوكالة يونايتد برس. اشتهرت توماس بلقب "بوذا الجالس"، و"ظِل الرؤساء الاميركيين"وابتداء من فترة الرئيس كندي أصبحت هي من يطرح السؤال الاول على الرئيس لانها عميدة المراسلين، وهي من ينهي اللقاء بالقول: "شكرا السيد الرئيس"Thank you, Mr. President" لكن بوش الابن حرمها ذلك الامتياز،

 

تغطية رئاسة بوش

توجه هيلين توماس نقدا لفترة رئاسة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش للولايات المتحدة الأمريكية حيث تقول أن الرئيس الأمريكي بات ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية على الولايات المتحدة ينظر إلى كل من يعترض على سياساته، وخاصة في العراق "على أنه يقف مع الإرهابيين، وإذا كان أمريكيا فإنه غير وطني" كما تقول، وتضيف في حوار صحفي لها أجرته في 2004 "إن ذلك المنطق العجيب سرعان ما أفقد أمريكا احترامها وهيبتها في العالم، وبدد الصورة الديمقراطية للولايات المتحدة". وحول كون بوش قدم نفسه كرجل محافظ وأنه سيجلب السياسة الرحيمة للولايات المتحدة" تعترف توماس بأنه محافظ لكنها لا تظنه رحيماً كما أنها تذكر أنها منعت من طرح أسئلة على الرئيس بوش حين سألته: "لماذا لم يحترم الفصل بين الدين والدولة بإنشاء مكتب ديني في البيت الأبيض؟" ولم تتردد في القول أمام مركز الحوار العربي في واشنطن ان بوش الابن هو أسوأ الرؤساء الاميركيين على الاطلاق، لأنه أدخل العالم في مرحلة من الحروب الابدية المستديمة، وهو ما يكرر أهوال الماضي. وفي عهده خسرت اميركا معظم أصدقائها في العالم. وفيما يتعلق بموضوع محاولة الاسرائيليين التجسس على اميركا علقت ضاحكة: "انهم موجودون هنا في كل مكان، فما حاجتهم الى التجسس؟". قدمت هيلين استقالتها في يوم 8 حزيران 2010 على إثر إدلائها بتصريح قالت فيه عن اسرائيل:«هؤلاء الناس محتلون وهذه ليست ألمانيا أو بولندا...أخبِرْهم أن يخرجوا من فلسطين» وقد اعتبر المتحدِّث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس تصريحاتها «عدائية وغير مسؤولة، وتستدعي التوبيخ» وطالبها بالاعتذار فاعتذرت وتقاعدت بعد مسيرة مهنية حافلة امتدت ستة عقودغطت خلالها أنباء عشرة من رؤساء الولايات المتحدة.

(الاخبار)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012