أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 16 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
آيزنكوت : أضعف أعداء إسرائيل كبدها أفدح الأضرار يحتوي على ملجأ نووي:اتهامات لنتنياهو بتلقي "هبة محظورة" باقامته بقصر ملياردير امريكي السفير الروسي لدى واشنطن:امريكا حولت أوكرانيا إلى ساحة اختبار لتنفيذ البرامج العسكرية البيولوجية حماس: لا صفقة دون انسحاب الاحتلال من غزة وعودة النازحين البنك الدولي: الاقتصاد الاردني أظهر مرونة وسط صدمات خارجية متتالية المنتخب الأولمبي يتعادل سلبيًا مع أستراليا في افتتاح كأس آسيا الملك يحذر من خطورة الدخول بدوامات عنف جديدة تهدد الأمن الدولي الملك يتلقى رسالة من سلطان عُمان فيضانات جنوب روسيا.. حاكم مقاطعة كورغان يهيب بالسكان النزوح إلى مراكز الإيواء "تايمز": لندن تتفاوض مع 4 دول لترحيل اللاجئين من بريطانيا إليها بلاغ رسمي : الخميس 2 أيار عطلة عيد العمال الملك: ما تشهده المنطقة قد يدفع للتصعيد ويهدد أمنها واستقرارها العمل: العفو العام لا يشمل غرامات تأخير تجديد التصاريح إتلاف نحو نصف طن مواد غذائية بينها لحوم في إربد القوات المسلحة الأردنية تنفذ 3 إنزالات جوية على غزة بمشاركة دولية - صور
بحث
الثلاثاء , 16 نيسان/أبريل 2024


العراق: ماذا يخبيء المالكي للجميع؟

13-11-2010 03:21 PM
كل الاردن -

سمير عادل* - المعطيات السياسية الاخيرة تكشف عن انحدار الاوضاع السياسية بشكل عميق وسريع الى طريق هاوية لا قرار لها، الى طريق الحرب الاهلية.

اتفقت اطراف العملية السياسية على تسمية الرئاسات الثلاثة وهي رئيس الجمهورية ورئيس الورزاء ورئيس البرلمان بعد ان وصلت ذروة الصراع الى تهشيم العظام التي دفع ويدفع ثمنها يوميا المئات من الابرياء في انحاء المدن العراقية. وحيث يتفق الجميع بما فيهم اطراف العملية السياسية ان تصاعد حدة العنف التي وصلت الى قتل عشرات الصاغة في مدينة كركوك وابادة المسيحين في كنيسة النجاة في بغداد وتفجير ثلاثة عشرة سيارة مفخخة بعد يومين من تلك الحادثة المريعة في بغداد صاحبها عدد من المقبلات مثل العبوات الناسفة والقصف بقذائف الهاون لتكملها سلسلة من التفجيرات المروعة في مدن كربلاء والنجف والبصرة، بأنه مسيسة والهدف منه انتزاع تنازلات وامتيازات سياسية.

ماذا يخبئ المالكي للجميع:

وعشية تسمية الرئاسات الثلاث بشكل رسمي بيوم واحد فقط، القى المالكي كلمة نارية من موقع قوة واطئنان في اجتماع التحالف الوطني وهو الائتلاف الشيعي بعنوان جديد والذي سماه كي يكون مرشحه لرئاسة الوزراء، بأنه لا يقبل شريكا يدعي المقاومة والجهاد، ولا يقبل بشريك من يسمح بدخول الارهاب ورجالات البعث والعصابات على حد تعبيره. وايضا قال في نفس الكلمة بأنه احبط مؤامرة احيكت ضده وضد تحالفه نسجت خيوطها عشية الانتخابات. كذلك طعن ضمنا في نزاهة الانتخابات، وطالب رفاقه في الائتلاف المذكور بالصبر والصلابة خلال المرحلة المقبلة.

واذا ما توقفنا عند هذا الخطاب، فهو يميط اللثام عن اي مستقبل قريب ينتظره العراقيون على يد رئيس الوزراء  . فهو يعلن بصراحة وبشكل علني انه معاد لكل من يقف ضد بقاء الاحتلال وقواعده وسياساته المجرمة والتي تعبر عن رسالة غزل وامتنان للادارة الامريكية التي دعمت التجديد لرئاسته، وساوى في نفس الوقت بأن كل مخالف له ولسياسة الاحتلال، بأنه ارهابي او مؤيد للارهاب وللبعث، لكنه لم يوضح هل يعتبر جيش المهدي من اولئك العصابات عندما سماهم في ربيع 2008 بالعصابات ونكل بهم شر تنكيل او أنه مستثنى واعطى لهم حصانة سياسية وامنية وطائفية لان جناحه السياسي ايده في توليه لرئاسة الورزاء؟

وقد افصح ايضا عن رؤيته للمصالحة الوطنية التي لم تتغير قيد انمله خلال ولايته المنصرمة بل ذهب ابعد من ذلك ليتهم الذين من المفروض ان يتصالح معهم، بحياكتهم مؤامرة لاقصائه من دفة السلطة، ليطالب رفاقه بالصلابة والصبر، والذي يعني الاعداد للانتقام منهم.

وقد استطاع بحق ان يمرر على الجميع اكبر لعبة وبالاخص على القوميين بقسميهم الكردي  والعروبي من اجل بقائه في السلطة. فهو وعد بتنفيذ جميع مطالب القوميين الاكراد والتي جاءت على شكل ورقة تضمنت 19 نقطة في الوقت الذي يدرك الجميع ان اهم المطالب هي مسألة كركوك ومناطق في الموصل، لن يحسمها الا الموجودون في القائمة العراقية حيث حصدوا اغلبية المقاعد في الموصل وتناصفوا مع التحالف الكردستاني في كركوك. لقد اعطى المالكي للقوميين الاكراد ما لا يملكه، على الرغم بأن الرئيس الامريكي ونائبه بايدن بعثا برسالة مشتركة الى البرزاني قبل اسبوعين لتطمينه بأنهما يتكفلان حقوق الشعب الكردي حسب تعبيرهما في مقابل المضي قدما نحو التجديد للمالكي. وكذلك استطاع ان يخدع العراقية ورئيسها اياد علاوي عندما وقع معه والبرزاني على شطب اسم المطلك وضافر العاني وراسم العوادي وعدد من المعتقلين البعثيين من قائمة اجتثاث البعث في مقابل مشاركة علاوي وقائمته في حكومته. وقد فاجأ الجميع في اجتماع البرلمان بأن جماعته صوتوا ضد شطب تلك الاسماء وهو اعلان بشكل صريح عن تنصله عن وعوده.

الرابح الاكبر هو الخاسر الاكبر:

وكما قلنا سابقا هذا هو (العراق الجديد)، عراق (الديمقراطية)، فالعراقية التي حصدت اكثر مقاعد البرلمان لم تحصل الا على منصب صنع من نسج الخيال العلمي ليس لاستحقاقها الانتخابي كما ادع ممثليهم طيلة ما يقارب ثمانية اشهر، ولا لانهم مكون (سني) حسب تعبير ابراهيم الجعفري رئيس الاصلاح الوطني واحد الطائفيين العتاة في القائمة الشيعية (التحالف الوطني)، بل لنفخ الروح بالعملية السياسية التي لا تختلف وضعها عن وضع شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق الذي مات سريريا قبل اكثر من ثلاث سنوات لكن لم يعلن موته النهائي الى الان.

الخاسر الاكبر في هذه العملية هو التيار القومي العروبي الذي راهن بكل امكاناته وسمعته واعتباره من خلال مهادنة سياسة الاحتلال والقبول بقواعد العملية السياسية التي استندت على المحاصصة الطائفية والاثنية. ان القراءة التشاؤمية لعدم تغيير الوقائع السياسية في العراق من قبل هذا التيار والرهان على مكانة الولايات المتحدة الامريكية وقدرتها العسكرية والسياسية ووجودها في العراق ودعم دول العربية مثل السعودية ومصر وسوريا في مقابل وبالضد من نفوذ الجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق، وغياب الانسجام السياسي في صفوف هذا التيار وانعدام الافق والرؤية السياسية لديه اثر الهزائم السياسية التي تلاقها واتخاذ القادة الجدد لهذا التيار مصالحهم الشخصية من امتيازات ومناصب فوق كل الاعتبارات، اوقعت هذه العوامل التيار القومي العروبي في اوضاع لا يقل حسدا عن اوضاعها بعد اطاحة الاحتلال بالنظام البعثي في 2003.

تشكيل الحكومة والمسار السياسي:

لا بد ان نسجل هنا بأن ايران ربحت المعركة السياسية في العراق في هذه المرحلة ايضا واستطاعت ان تفرض الحكومة التي ارادتها رغما على انف جون ماكين  السناتور والمرشح السابق للرئاسة الامريكية الذي قال: لم نعط كل هذه التضحيات التي قدمها الجنود الامريكان في العراق كي تفرض ايران الحكومة التي تريدها ، وجاءت هذه الكلمات على لسان وفد من الكونغرس الامريكي الذي التقى ممثلين عن القائمة العراقية.

وايضا ومرة اخرى يهزم الاسلام السياسي الشيعي التيار القومي العروبي في العراق على مدى ثماني سنوات منذ الاحتلال الامريكي، ويحافظ القوميون الاكراد على مكانتهم في المعادلة السياسية وامتيازتهم التي حصلوا عليها سابقا دون اية زيادة تذكر على الاقل في هذه المرحلة.

 

 

لقد احتفلت اطراف العملية السياسية عشية الانتخابات بمناسبة اعلانهم لتشكيل الحكومة بسلسلة من التفجيرات والعمليات المروعة التي ادت بحياة المئات من المدنيين. وهذا الاحتفال هو ايذانا على ما سيسر عليه الصراع السياسي الاقليمي والمحلي في العراق.

فالبنسبة الى الاسلام السياسي الشيعي بقيادة المالكي، سيحاول بكل جهده وطاقاته اكمال ما بدأه عشية الانتخابات بالحاق الهزمية النهائية بالتيار القومي العروبي وعدم افساح المجال له   حتى التفكير بالعودة الى السلطة  او الحصول على امتيازات كبيرة. وما كشف عنه المالكي في الكلمة التي اشرنا اليها في بداية مقالنا وهي السياسة التي سيواصلها ضد القوميين العروبيين والذي سماهم (بالارهاب ورجالات البعث والعصابات). وان كل احاديثه عن المصالحة الوطنية والشراكة الوطنية ليس الا ضربا من النفاق السياسي في اقصى حالاته.

اما فيما يخص التيار القومي العروبي الذي شعر أنه قد انطلت عليه اكبر لعبة شهدها تاريخهم السياسي، فبعد ما انجروا الى مستنقع العملية السياسية وايدوا كل قوانينها وسياستها القذرة، لم يحصلوا منها الا على خفي حنين كما يقولون في المثل العربي. وحاولوا بكل جهدم بأنتزاع تنازلات من التحالف الكردستاني، تارة بالتلويح بأنهم ينظرون الى الورقة الكردية المذكورة بأيجابية، وتارة اخرى بمجاملات اعلامية، واخرى بالعنف من خلال شن سلسلة من العمليات والتفجيرات في مدينة كركوك، الا انهم لم يحصلوا الا على ما قَسَمَ لهم  من قبل ايران وحلفائها من الائتلاف الشيعي في العراق الى جانب رضى وموافقة الادارة الامريكية التي ترى بالمالكي افضل شخص موال لايران، بأمكانه تمرير المعاهدة الامنية العراقية-الامريكية والمحافظة على الحد الادنى على الاقل للمصالح الامريكية في العراق.

اما الطرف القومي الكردي، فكان وضعه لا يحسد عليه. فلقد وضع بين فكي كماشة، بين ايران التي هددت تارة بأرسال عناصر انصار الاسلام اليهم لكسر صفو امنهم ومرة بقصف المناطق الحدودية وتوغل جيشها الى عمق اراضي كردستان العراق بذريعة مطاردة المتمردين على الجمهورية الاسلامية واخرى بشن حملة اعلامية ودعائية ضد البرزاني الاب واتهامه بأن كان له علاقات مع اسرائيل..الخ. والفك الاخر لتلك الكماشة هي الادارة الامريكية التي ضغطت بكل ما لديها على التحالف الكردستاني الذي ارتبط استراتيجته بالاستراتيجة الامريكية في العراق، لتأييد المالكي حيث نوهنا الى رسالة اوباما وبايدن الى مسعود البرزاني بهذا الصدد.

وبين ايران الجمهورية الاسلامية التي تعد حلفائها وتنفذ وبين ادارة اوباما التي تعد انصارها من دون ان ترى وعودها النور مثلما حدث مع المفاوضات المباشرة الفلسيطينة –الاسرائيلة التي لم تستطع الى الان ان تثني نتانياهو وحكومته عن الاستمرار بسياسة الاستطيان من اجل المضي قدما في انجاح مفاوضات السلام وتاسيس الدولة الفلسطينة المستقلة.ولكن القوميين الاكراد وممثلي التيار القومي العروبي في القائمة العراقية تصبرهم وعود اوباما إلى الايام القادمة بتحقيق مطالب التحالف الكردستاني التي نوهنا عنها، ومطالب القائمة العراقية حول قوانيين المسائلة والعدالة مقابل تايدهم للمالكي في تشكيل الحكومة، اكثر من ان يجدوا ضالتهم بتحقيق تلك الوعود. ونقول بين ايران وبين الادارة الامريكية تضيع المبادرة السعودية التي حاولت ان تسجل اختراقا وحضورا في المشهد السياسي العراقي الذي اضفت ايران بظلالها عليه خلال السنوات المنصرمة. تلك المبادرة التي ارادت اعادة اتفاقية الطائف للذاكرة ولكن هذه المرة بنكهة عراقية ناسين اولئك الذي وضعوا المملكة في موقف سياسي محرج وخاسر بأن استساخ اتفاقية طائف جديد ليس الا ضربا من الاوهام وعدم فهم سياسي للظروف الحالية. ففي ذلك الوقت كانت تمر ايران بظروف سياسية واقتصادية و عسكرية عسيرة جراء خروجها من حرب دامية مع العراق، وكانت الولايات المتحدة الامريكية تدشن نظامها العالمي الجديد بعد انهيار الكتلة الشرقية وبوش الاب يلوح بانتصاراته في حرب الخليج الثانية ويعلن تحرير الكويت، وكانت سورية هي الاخرى تخشى على نفسها بعد غياب الاتحاد السوفيتي واختلال التوازن العالمي ومحاولة انفراد الولايات المتحدة بالعالم دون ان يكون هناك رادع لها، فراحت اي سورية ترسل قواتها لتنظم الى الحلف العسكري بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لتحرير الكويت من الجيوش العراقية عسى ولعل تمر العاصفة التي هبت مع بزوغ النظام العالمي الجديد ببرد وسلام عليها. في ذلك الوقت بالذات نضجت الظروف كي تقوم المملكة السعودية بدور اقليمي و دور راعية للسلام في لبنان لتجمع جميع القوى السياسية الطائفية المتصارعة وتدفعها للتوقيع على اتفاقية الطائف. اما اليوم فاللاعب الاقليمي هو ايران الذي تملك امكانات عسكرية كبيرة واذرع سياسية عسكرية في لبنان وفلسطين والعراق واليمن واصبح النظام العالمي الجديد في خبر كان وجاء انتخاب اوباما كتعبير عن الازمة السياسية والاقتصادية والاخلاقية التي تمر بها الولايات المتحدة الامريكية وتراجع مكانتها وتلقي سياستها ومشاريعها  الضربات الموجعة في العراق وافغانستان.

ما يهمنا من هذا العرض هو ان فشل المبادرة السعودية لن تمر بسلام بالرغم من تتويج ملكها الاوسمة والنياشين لقادة الكتل العراقية قبل اشهر قليلة. وان غياب نفوذها في العراق الذي قبلت به على مضض اكراما وتحسبا لدور الولايات المتحدة الامريكية دفعت ايران الملالي للهيمنة السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية على العراق. وقد راهنت في الوقت الضائع على القائمة العراقية كي تكون حليفها الا ان الاخيرة فشلت حتى في الحفاظ على هيبتها واعتبارها داخل مؤيديها.

 ان مسار الصراع السياسي في العراق يسير نحو انحدار شديد اسرع من لو ان الحكومة ايا كان رئيسها تشكلت قبل اشهر عديدة. فالصراع الاقليمي والمحلي وصل الى مكان لا يمكن لاي طرف اي يوقفه. وقد بينت احداث العنف التي ضربت جميع المدن العراقية منذ نيسان 2009 وحتى الان بأن عجلة انفلات الحرب الاهلية باتت مسألة وقت. ان الاوضاع التي امامنا هي عبارة عن نسخة سيئة عن لبنان ونسخة محسنة عن الصومال. فقلب هذه الاوضاع مرهون بدخول قوى سياسية جديدة الى حلبة الصراع السياسي. فكل العبث والفوضى والدمار الذي ألحقتها الادارة الامريكية بالعراق والرهانات العربية على قوى تلهث انفاسها لم تنتج الا   سيطرة الاسلام السياسي الشيعي على العراق لتنظم الى الحلف المقدس في المنطقة بقيادة الجمهورية الاسلامية.

 

*رئيس مؤتمر حرية العراق

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012