أضف إلى المفضلة
الخميس , 18 نيسان/أبريل 2024
الخميس , 18 نيسان/أبريل 2024


القوى الجيوسياسية والوحدة القومية

بقلم : ابراهيم النوايسه
25-03-2014 10:37 AM
لقد عاشت المنطقة العربية على مدار القرن العشرين تجاربَ عديدة و متنوّعة تصارعت وتجاذبت السياسة و الاجتماع و العمل الثوري و الانقلابات، و هذه التيارات في العموم لم تخرج عن إطار المشاريع الثلاثة المعروفة : المشروع الإسلامي الحركي ، و المشروع القومي العربي و المشروع العلماني بتحوّلاته اليسارية و الليبرالية و تقاطعاته مع المشاريع الأخرى.
لقد فشلت العقلية الأيديولوجية، بما فيها الإسلامية ، في تغيير الواقع العربي، وعلى الرغم من تراجع الأيديولوجيا القومية التقليدية و العلمانية، و الانتشار الأفقي للتيار الإسلامي الذي ينمو في ظل واقع الاشتباك المباشر و الميداني، هذا التيار لم يتقدم على مستوى إنتاج الرّؤى و التصورات و المشاريع السياسية.
إنّ استمرار الحركات الإسلامية و فاعليتها وبروزها -و هي مرشّحة أكثر من غيرها لذلك مرتبط أشدّ الارتباط بحقيقة أن المجتمع العربي هو مجتمع مسلم، يتفاعل مع الإسلام و الخطاب الإسلامي، لكن هذا التفاعل والفاعلية و القدرة على الفوز في الانتخابات الديمقراطية ليست غطاء و لا مبرراً لفقدان هذا التيار الإسلامي لرؤيته الجيوسياسية و بالتالي عدم القدرة على تحقيق هذه الرؤية في الواقع.
إنّ قدرة هذا التيار على لعب دور مباشر و عملي في صنع مستقبل المنطقة مرهونة بقدرته على تقديم هذه التصورات السياسية لمستقبل المنطقة و مرهونة بقدرته على فكّ الترابط المتكلّف بينه و بين الدّين، فالإسلام هو دين المجتمع وهو شأن العلماء و الفقهاء و من ثَمَّ أفراد المسلمين، أمّا شأن الأحزاب فهو السياسة.
إننا نتفهم الظروف التاريخية التي أدّت إلى هذه الظاهرة الإسلام السياسي و نقدّر عالياً الدور الذي قامت به الحركات و الأحزاب الإسلامية في الحفاظ على هويّة الأمة، كما نقدّر التضحيات الجسام التي قدّمتها ، لكن فهمنا للمبرّرات التاريخية لهذه الظاهرة لا يبرّر استمرار عملها بالعقلية ذاتها و مستوى الأداء السياسي نفسه.
على القوى الإسلامية السياسية أن تحسم خياراتها بين كونها جماعة دينية أو حزباً سياسياً فالجماعة الدينية هي المجتمع المسلم و لا يمكن لفئة قليلة مهْما عظمت أن تستبدل نفسها بهذه الجماعة، خاصّة و أنّ ظاهرة العداء للدين قد تراجعت و لم يعد حتى ممثّلو التيارات الأيديولوجية الأخرى يجادلون في هوية المجتمع العربي، إنّما يكتفون بطرح بعض الإشكاليات الحقوقية و المدنية و الاجتماعية المترتّبة على ذلك في الظروف المعاصرة وعلى ممثلي التيار الإسلامي أن يقدّموا الأجوبة عن هذه الإشكاليات.
بالعودة إلى قضية الدولة و التي هي برأي أساس المشروع الجيوبوليتيكي المرتقب، فإن الواقع العربي المعاصر و في نظرة تحليلية معمّقة يشير إلى غياب هذه الدولة، هذا الغياب الذي بدأ منذ انهيار الدولة العثمانية و يستمرّ حتى يومنا هذا.
يختلف الآن عن واقع الحكومات العربية ، فما هو موجود في الواقع العربي حقيقةً، هو حكومات تقوم بهذه النسبة أو تلك من الكفاءة أو نقصها في تسيير شؤون مجموعات بشرية وتحقيق مصالح شرائح و طبقات اجتماعية و قوى صاعدة عائلية أو عشائرية أو اجتماعية أو غيرها، هذا هو واقع الدولة اليوم في كلّ البلدان العربية.


أعتقد بأنّ النظرة السريعة إلى العالم الذي يحيط بنا تشير إلى توجّه العالم إلى بناء كتل سياسية واقتصادية كبيرة لضمان حضورها في المسرح الدولي، و إنّ النظرة إلى الإقليم الذي نعيش فيه تشير إلى تبلور قوى جيوسياسية على أساس من الوحدة القومية، و نعني هنا بالدرجة الأولى إيران و تركيا، و بالتالي ما هو المانع من قيام كيان عربي و دولة عربية بالمعنى الجيوسياسي بعيداً عن الأيديولوجية القومية و حالة التصارع المفتعل بين العروبة و الإسلام، فالدّولة في الامتداد العربي أو في بعض أقاليمه لن تكون إلاّ دولة للمسلمين طالما أنّ الغالبية العظمى من مواطنيها مسلمون و بالتالي فإنّ مؤسّسات الدولة التشريعية و التنفيذية و القضائية ستأخذ بعين الاعتبار هذه القضية المركزية و المحورية في حياة الشعوب العربية و تُراعيها ،وهذا بدوره سيعزّز حالة الانسجام و القبول بين الشعب العربي و حكّامه.
ليس المطلوب الآن و لا من المحتّم أن تقوم دولة عربية واحدة على كلّ الامتداد العربي الآن في ظل التعقيدات الدولية و الإقليمية ، لكن لا شيءَ يمنع من قيام تكتّلات سياسية واقتصادية على أسس حضارية معاصرة في إطار دولة أو مجموعة دول، في أقاليم جغرافية مشرقية أو مغربية تؤُسّس لقيام كتل جيوسياسية فاعلة و قادرة على الوقوف جنبًا إلى جنب مع الدول المحيطة التي يزداد نفوذها في الإقليم و تقف حائرة تجاه العجز العربي بين أن تتبنّى هذا الامتداد العربي القاصر أو تبتلعه.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
25-03-2014 11:36 AM

ما في شي اسمه " القوى الجيوسياسيه " يا مفكر !! الحيوسياسي مصطلح يدمج المكان الجغرافي بالمكانه السياسيه للدول .

2) تعليق بواسطة :
26-03-2014 07:15 AM

كلامك فيه من العقل والحكمه ،لكنه يصطدم بواقع هو أن تلك الكينونات الضعيفه التي أردت لها أن تتوائم ما زالت مهووسه ومدعوسه من قوى الاستعمار، والتشبث به يزداد كل يوم .

3) تعليق بواسطة :
26-03-2014 08:10 AM

والله مادمرنا غير هالمصضلحات الفارغه ما الها طعم بتهبلوا فيها على الناس وكله كلام فارغ

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012