09-12-2010 11:48 PM
كل الاردن -
كل الاردن – خاص - وصف رئيس الوزراء السابق الدكتور معروف البخيت 'الليبراليين الجدد' بـ 'شريحة الاقتصاديين الجدد' ،وهم بحسب مفهومه معظم القيادات الاقتصادية والادارية الاردنية الحالية التي كانت تتابع دراساتها في الغرب نهاية ثمانينات القرن الماضي حيث تشرب هؤلاء النظريات الاقتصادية الجديدة وبدأوا بتبنيها واسقاطها على الاردن (شريحة الاقتصاديين الجدد).
وتابع البخيت في كلمة هامة ننشرها حرفيا في مؤتمر مكافحة الفساد امس الخميس انه ولتسهيل المهمة كان لا بد لهذه الشريحة من خلق الانطباع بعدم كفاءة الادارة العامة مقابل نشاط وكفاءة القطاع الخاص وكثر توجيه الاتهام للقطاع العام بالروتين والبطء وقلة الفعالية وقد يكون هناك قدر من الصحة في هذه الاتهامات ولكنهم كانوا قد حسموا امرهم بتجاوز القطاع العام, ورافق ذلك ونتيجة للاوضاع المالية للدولة والخزينة ان ساءت احوال الموظفين المعيشية.
وبين انه في ذلك الوقت, لم يكن في الاردن قطاع خاص وطني قادر على امتلاك وادارة القطاعات التي تقرر خروج الدولة منها, فتم استقطاب الاستثمار الاجنبي اما بشكل منفرد او بشراكة مع استثمار محلي وهذا فتح المجال لشبهات الفساد المالي والاداري
وقال رئيس الوزراء السابق د. معروف البخيت 'اننا في الاردن قد استكملنا بناء منظومة قوانين النزاهة الوطنية ( قانون مكافحة الفساد, قانون اشهار الذمة المالية, قانون ديوان المظالم, قانون حق الحصول على المعلومة), الا ان الاحساس العام بان الثقة بالدولة ومؤسساتها لا تزال بحاجة لتعزيز ما يوحي به عنوان الحلسة.
واضاف: قبل محاولة التصدي للاجابة عما يجب عمله لتعزيز ثقة المواطن بالدولة,اقول انني امنت دوما بان التشخيص الصحيح والدقيق يؤشر الى الحل,والبداية الصحيحة هي ان نعرف ماذا حصل للادارة الاردنية ومؤسساتها.
واشار البخيت ان التطور والانجازات الهائلة التي شهدها الاردن في العقود القليلة السابقة لم تكن ممكنة بدون وجود ادارة اردنية ذات كفاءة وفعالية, فاجهزة الدولة المختلفة هي التي انشات البنية التحتية ومرافق الخدمات المختلفة,مدارس,مستشفيات,طرق كهرباء,مياه واتصالات, مطارات وميناء وشركات كبرى وخاصة التعدين.
وسرد البخيت تاريخ الادارة الاردنية وتطورها وقال 'اتسمت الادارة منذ نشاة الدولة وحتى نهاية السبعينات بالكفاءة والنزاهة والجدية والاستقلالية ولولا خشية الانسان من السهو لقام بذكر امثلة لموظفين وقادة سياسيين واداريين افنوا عمرهم بالخدمة الجادة النظيفة, وقدموا نماذج راقية في الاداء العام, فكانوا رموزا تستحق الاشادة, ولم نكن في ذلك الوقت بحاجة لمنظومة قوانين النزاهة الوطنية.
وقال لقد تعرضت الادارة الاردنية في العقود الثلاثة الماضية لضغوط داخلية وخارجية اثرت بشكل ملموس على ادائها,فمنظومة القيم تبدلت,ومفاهيم واساليب العمل طرا عليها تغييرات كبيرة والبيئة العامة المحيطة اختلفت.
وتابع البخيت بالعودة الى ما جرى يمكن القول ان الادراة الاردنية في الاربعينات والخمسينات وصولا الى السبعينات, تأثرت بالنموذج البريطاني الذي كان سائدا وهو النموذج الاقتصادي الذي كان يسمى باشتراكية الدولة اي ان الحكومة هي التي ملكت وادارت جميع المشاريع الكبرى الانتاجية والخدمية وبقي هذا النموذج سائدا لغاية الثمانينات حين حدث امران الاول تغيير النهج البريطاني الى النهج اقتصاد السوق النهج الليبرالي وخروج الدولة من النشاطات الاقتصادية لصالح القطاع الخاص بتبني مفهوم التخاصية,نفذت تاتشر هذا البرنامج الواسع.
اما الامر الثاني فهو الازمة الاقتصادية التي مر بها الاردن في النصف الثاني من الثمانينات (ازمة المديوينة) والتي ادت الى انهيار الدينار الاردني عام 1988 والتي ادت هذه الازمة الى دخول البنك الدولي وصندوق النقد لمساعدة الاردن فارضا شروطه للاصلاح ببرنامج استمر 15 عاما ولكن هذا البرنامج والنظريات الاقتصادية المستجدة واهم عناصر البرنامج خروج الدولة من قطاعات الانتاج والخدمات.
وقال البخيت ان برنامج التخاصية اتاح وفتح المجال للقطاع الخاص لتقديم الخدمات وقدمت فرصة للعديد من رجال الاعمال للاستفادة والاثراء وخاصة اولئك الذين قرأوا التحول الذي حدث في نهج الدولة بشكل صحيح وهم في الاغلب خريجو المعاهد والجامعات الغربية, وقريبون من شريحة الاقتصاديين الجدد, عن طريق تأسيس شركات خاصة في مجالات الاتصالات والنقل غيرها.
واضاف اصبحت هذه الطبقة الثرية مؤثرة في القرار الاقتصادي للبلاد واثراء هذه الطبقة الجديدة غير المعروفة في المجتمع في وقت قصير خلق انطباع بانه لا بد وان رافق ذلك اعمال غير مشروعة.
ولفت الى ان هذه الشريحة المتأثرة بالنموذج الغربي لم تعط اهتماما كافيا لظروف المجتمع الاردني وخاصة العامل الاجتماعي, فكانوا بحق يمثلون مدرسة الارقام اي يهتمون بالنتائج المالية لقراراتهم على حساب مدرسة الانسان.
وعلى صعيد اخر قال البخيت ان الخصخصة وفتح باب المنافسة امام القطاع الخاص للدخول في تقديم الخدمات, استدعى منطقيا ايجاد جهات منظمة لكل من هذه القطاعات.
ولفت الى ان القطاع الخاص والمستثمرين الاجانب ارادوا ان تكون هذه الهيئات مستقلة بحجة التخصص والحياد وساندهم في ذلك شريحة الاقتصاديين الجدد, فتشكل تيار مؤثر يدعم قيام هيئات تنظيمية ومؤسسات مستقلة سحبت صلاحياتها من الوزارات.
وقال انه حدثت تجاوزات كبيرة على الادارة العامة, فاختلت اسس التعيين في الوظائف العامة وبدأت المؤسسات المستقلة التعيين بعقود ورواتب خيالية خارج اطار الخدمة المدنية.
وزاد ان ظاهرة البطالة والظروف المرافقة ضغطت على الادارة العامة فزاد التوظيف في القطاع العام وتم ابتداع انظمة مثل نظام المياومة والمقطوع بين عام 2001-2005 بلغ 16 الف موظف.
وقال لقد اضافت هذه التشوهات التي حدثت في الادارة الام دليلا جديدا لدى شريحة الاقتصاديين الجدد بفقدان الامل في اصلاح الادارة واشاعوا روح الياس, وفي هذه الاثناء كان من الطبيعي ان تخفت الاصوات التي تؤمن باصلاح الادراة العام, اكتفت الجهود في نواج محددة مثل تحسين الاداء وتبسيط الاجراءات.
واكد البخيت ان مجمل هذه الاوضاع وما آلت اليه الادارة العامة هزت ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها,
وقال على ضوء الرغبة الملكية باجراء مراجعة شاملة فهي فرصة للالتقات للادارة العام وتبني برنامج اصلاحي حقيقي يشمل اعادة الهيكلة والتاهيل والتدريب والحوافز, والاهم اعادة بناء منظومة القيم والتركيز على اخلاقيات العمل العام بمواجهة قيم الفهلوة والشطارة بعيدا عن قيم الانجاز والايثار.
واشار البخيت الى ان كتاب التكليف السامي لدولة سمير الرفاعي رسم الطريق حيث قال (فشعبنا الوفي مستعد لتحمل الصعاب ومواجهة كل التحديات اذا ما اقتنع ان القائمين على خدمته في مؤسسات الدولة يقومون بواجباتهم في اطر مؤسسيه خاضعة للرقابة القانونية ومحصنة ضد جميع اشكال الفساد واستغلاله الوظيفة والتحايل على القانون).
ولخص البخيت عناوين لسياسات من شأنها اعادة الثقة كتطبيق القانون بعدالة على الجميع وبدون اية استثناءات. العدالة في التعيين وخاصة في المواقع المتقدمة ودمج المؤسسات المستقلة المتشابهة ووقف الهدر وبذل جهد حقيقي لوقف الانفاق الحكومي غير المبرر وتعديل قوانين منظومة النزاهة الوطنية بحيث يضمن حرية عمل اكبر لها والسماح في بعض الحالات بالطلب من البعض باثبات مصدر الثروة
كما لفت الى اهمية تفعيل قانون حق الحصول على المعلومات والبدء بخدمة العلم التي اقرت سابقا في عام 2007.