عبد الهادي الراجح

في الثاني عشر من ديسمبر الجاري مرت الذكرى الثامنة لرحيل الفارس الوطني الكبير الدكتور طراد سعود القاضي بعد حياة حافلة بالعطاء الوطني والإنساني والحقيقة أن مآثر ذلك الرجل الذي أصبح في ذمة الله ليس حديثا سهلا ولا ذكراه العطرة مجرد مناسبة لمحبيه وأصدقاءه لأن الحديث عن طراد الإنسان طويلا وعميق ويحتاج لصفحات كثيرة فهو من الأطباء القلائل الذين دمجوا بشكل حقيقي ما بين الإنسانية ومهنة الطب .

وقد كان الدكتور طراد الإنسان قبل الطبيب الذي تشعر عندما تذهب إليه أنك ذاهب لزيارة صديق وليس طبيب لأجل المعالجة ، ومن زار عيادته البسيطة في محافظة اربد سوق البخارية القديم يشعر بمدى البساطة والتواضع لرجل تقلد ذات يوم منصب وزير الصحة ولكن ذلك لم يزده إلا تواضعا على تواضع ، وكان الدكتور طراد رحمه الله لجانب الدكتور عبد الرحيم ملحس أطال الله في عمره من الوزراء الذين تركوا بصمات ولم يغريهم بريق السلطة وتحدث كل واحد منهم في زمانه وعصره عن التجاوزات والأخطاء في تلك الوزارة المهمة لأنهم كانوا رجال وطن ودولة وليس رجال حكومات وكانت خدمة الوطن والمواطن هي غايتهم ، رحم الله الدكتور طراد ومتع الله الدكتور عبد الرحيم ملحس بالصحة وطول العمر .

ونتذكر اليوم الدكتور طراد القاضي في ذكرى رحيله نتذكر به فروسية الرجال والأخلاق الحميدة وحب العمل الإنساني بلا كلل وخدمة البسطاء من المواطنين ولعل ذلك يتذكره كل من زار عيادته حيث كانت تعج دائما بالمواطنين والمواطنات خاصة كبار السن ولو حمل الدكتور طراد أيديولوجية دينية أو سياسية لأستطاع تجنيد أعداد كبيرة جدا من الناس البسطاء الذي يتحدث الجميع باسمهم ولكن كان عمل الدكتور طراد من أجل الله والوطن لا من أجل شيء آخر .

كثيرة جدا مواقف الراحل الكبير لخدمة المواطنين ولكن أتذكر سؤاله الذي لم ينقطع عني شخصيا أثناء اعتقالي في انتفاضة الخبز الشهيرة عام 1996 م ،    وحتى خرجت من الاعتقال  ولن أنسى عندما ذهبت إليه في عيادته لأجل شكره كيف كان استقباله لي والكلمات التي شد بها أزري ولا زالت صداها في أذني حتى اليوم والله .

نعم نتذكر الدكتور طراد سعود القاضي الذي رحل عن عالمنا منذ ثمانية أعوام في الوقت الذي نلف الكثير من الأحياء في أكفان النسيان ، رحم الله الدكتور الإنسان طراد سعود القاضي بقدر ما أعطى وقدم لوطنه وأمته ، فقد كان رجلا في عصر الذكور ونائب لا في عصر الماع ماع .

رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه وطول العمر لأهله وأسرته وعشيرته ولكل محبيه وأصدقاءه.


عبد الهادي الراجح
alrajeh66@yahoo.com