أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 24 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
400 جثة و2000 مفقود ومقابر جماعية.. شهادات من داخل خان يونس بيلوسي تشن هجومًا حادًا على نتنياهو لسياساته وتعتبره “عقبة” أمام حل الدولتين وتطالبه بالاستقالة الفايز يتفقد واقع الخدمات للمواطنين في العقبة زراعة لواء الوسطية تحذر مربي الثروة الحيوانية من ارتفاع درجات الحرارة تقارير: زيادة كبيرة في معدلات هجرة الإسرائيليين العكسية طائرة منتجات زراعية أردنية تغادر إلى أوروبا البنك المناخي الأردني سجل قيم جديدة لدرجات الحرارة العظمى في 2023 الملك وأمير الكويت يبحثان توسيع التعاون الثنائي الاقتصادي والاستثماري - صور مي كساب تعتذر من صلاح عبدالله.. ما السبب؟ تعرف على أشهر توائم النجوم بالوسط الفني هشام ماجد يكشف كواليس"أشغال شقة" وسر انفصاله عن شيكو نيللي كريم تحسم حقيقة جزء ثانٍ من مسلسل بـ 100 وش محمد سامي يكشف تفاصيل مسلسله الجديد مع مي عمر إجراء جديد لهنا الزاهد بشأن طليقها أحمد فهمي المفتي الحراسيس: 5 فتاوى تفيد بحرمة التسول
بحث
الأربعاء , 24 نيسان/أبريل 2024


أمة تتشظى وعدو يتحدى

بقلم : فريق ركن متقاعد موسى العدوان
08-07-2014 11:59 AM
منذ أربع سنوات على الأقل والأمة العربية تعيش دوامة القتل والتدمير ، وتفتيت كياناتها المفتتة أساسا منذ اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 وحتى الآن . ولكن في خمسينات القرن الماضي ظهر المد القوي وقامت خلاله وحدة بين بعض الدول العربية . فاستبشرنا بها خيرا كبارقة أمل نبتغيه لوحدة الأمة العربية الشاملة . إلاّ أن شعلة الأمل تلك ما لبثت ـ مع الأسف ـ أن انطفأت ، وعادت دول الوحدة إلى التمزق والانفصام ، وبرز شعور القُطْرية يطفو على السطح ، وسيطرت نزعته على عقول الشعوب العربية أفرادا ومسئولين .

انشغلت تلك الدول فيما بعد بقضاياها الداخلية ليس من أجل تطوير حياة شعوبها ، بل من أجل السيطرة والاستبداد والاقتتال الداخلي وتدمير مقومات الأمة كل في موقعه خدمة للعدو الصهيوني . فكانت النتيجة أن تحطمت قواها العسكرية والاقتصادية والنفسية ، وأكرهت أنظمة الحكم العربية شعوبها على تناسي عدوها الحقيقي ، واستبدلته بأعداء آخرين وصفتهم بالإرهابيين والخارجين على القانون .

لقد تناست تلك الدول أن التوجه نحو العدو الحقيقي المشترك يوحد جهود الأمة ويجمع صفوفها ويبعدها عن الشرذمة التي تصب في صالح العدو . فها هو العدو يراقب بارتياح هذه الأيام ما يجري من اقتتال داخلي وعدم استقرار في سوريا والعراق ولبنان ومصر وليبيا واليمن والسودان . أما في الأردن فينشغل الشعب بمواجهة الفقر والبطالة والبحث عن لقمة العيش ، وإطفاء المشاجرات الطلابية في الجامعات ، وكذلك بين أفراد الشعب ، وما يتبعها من توترات إثر إجراءات القوى الأمنية في مناطق مختلفة من المملكة . فشكلت هذه الأوضاع سببا ضاغطا في توجيه انظار المواطنين إلى خصومهم المحليين بعيدا عن عدوهم التقليدي .

من الواضح أن القوى الأمنية أصبحت تحتل المرتبة الأولى في اهتمامات الدول العربية ، بينما تراجع الاهتمام بالقوى العسكرية لتحتل المرتبة الثانية في سلم الأولويات الوطنية . وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن استراتيجية استخدام الجيوش العربية بصورة مشتركة ، للدفاع عن أراضيها وتحرير الأراضي المغتصبة ، أصبحت تحتل مرتبة متأخرة في حسبان مسئوليها . وبدلا من ذلك أخذ الاهتمام يوجه إلى قضايا الارهاب المفترض ، باعتباره العدو الأول لأنظمة الحكم والشعوب .

وتحت هذا العنوان الفضفاض سُنّت قوانين الارهاب بما يحد من الحريات العامة ، وقد يسهّل توجيه هذه التهمة لأي ناشط يبدي رأيا لا يعجب صاحب القرار . وعلى هذا الأساس أخذت أجهزة الأمن العام والدرك بالتضخم على حساب القوات المسلحة ، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب المزعوم . نحن نؤمن بأهمية حفظ الأمن والاستقرار في البلاد ، ونؤكد على محاربة الإرهاب الحقيقي ، على أن لا تكون تلك الذريعة كلمة حق أريد بها باطل . فمعالجة القضايا الأمنية المحلية يعتمد أساسا على تقصي أسباب الشكوى ، ومحاولة حلها من قبل الحاكم الإداري قبل أن تستفحل ، وقبل اللجوء للقوة المسلحة التي ستزيد الأمر تعقيدا.

ونتيجة للاهتمام بالقضايا الأمنية الداخلية للحفاظ على أنظمة الحكم القائمة ، فقد أٌهمل التسليح الحديث في القوات المسلحة ، وبيعت أسراب من الطائرات المقاتلة دون توفر بديل فاعل لها ، واستمر التوقف عن تفعيل خدمة العلم ، التي تغرس قيما عليا في سلوك الشباب ، وتهيئهم لدورهم المنتظر في حماية الوطن .

إن الاعتماد على قوى أجنبية لحماية البلاد ، أدى إلى تراخي الأمة وميوعة الأجيال الناشئة ، وأصبح الاهتمام المادي يطغى على كل ما سواه . والمثال على ذلك لاحظناه قبل اسبوعين عندما تسرب خبر إمكانية تفعيل خدمة العلم ، فثارت المخاوف والانتقادات من قبل المواطنين . الأمر الذي دفع وزير الإعلام لنفي الخبر وتهدئة النفوس ، والتأكيد بأنه لو تم هذا القرار فلن يطبق قبل سنتين قادمتين . وإذا ما نظرنا بالمقابل إلى العدو الإسرائيلي فسنجد أن الخدمة الإلزامية تطبق ليس على الرجال فحسب بل حتى على النساء .

أما فيما يخص العسكريين في بلادي ، فأعتقد أن لديهم معضلة سيكولوجية غير ظاهرة للعيان ، تتعلق بما يطلق عليه عسكريا ' العقيدة العسكرية ' . وهذا المصطلح العسكري يشمل بصورة عامة ، التعاليم وأساليب القتال التي تعتمدها القوات المسلحة في صراعها مع العدو . تلك التعاليم يجب أن تغرس في ضمير ونفسية كل جندي وضابط ، لكي تعيش في أعماقه خلال خدمته الفعلية ، وتمتد معه حتى بعد تقاعده ، لأنه سيشكل جزءا من القوة الاحتياطية الرديفة للقوات المسلحة وقت الحرب .

والعقيدة العسكرية تُبنى على تحديد من هو العدو وما هي أهدافه وإمكانياته وأساليبه القتالية ، فيجري التدريب عليها في وقت السلم لمعرفة كيفية التغلب عليها عند مواجهة العدو في معركة المستقبل ، تطبيقا للقاعدة العسكرية الهامة ' تدرب كما تقاتل وقاتل كما تدربت ' . ويطبق هذا عمليا من خلال التمارين الميدانية المشتركة سواء كانت صغيرة أو كبيرة ، ويجري التركيز بها على التعاون بين مختلف صنوف الأسلحة البرية والجوية والبحرية .

وفي وضعنا الراهن لابد وأن يطرح الجندي في القوات المسلحة على قائده السؤال التالي : من هو العدو الذي سنقاتله ؟ ولا أعرف إن كانت إجابة قائده ستكون صريحة وواضحة بأن ' عدونا الذي سنقاتله هو إسرائيل ' أم أن إجابته ستكون غامضة وتبتعد عن الحقيقة ، اعتمادا على معاهدة السلام المعقودة بين الحكومتين الأردنية والإسرائيلية . أما إذا جرى الافتراض بأن العدو يمثل دولة وهمية بمعطيات تختلف عن معطيات العدو الحقيقي ، فإن ذلك سيكون مظللا للمقاتلين ولن يغرس في قلوبهم إرادة القتال المطلوبة .

صحيح أننا نرمز لقوات العدو في التمارين العسكرية بالدولة الحمراء وللقوات الصديقة بالدولة الزرقاء ، ولكن لابد عند الدخول في المعلومات عن العدو المفترض في التمرين ، من بيان تسليحه ونواياه ونظام معركته وأهدافه المحتمله . وإذا كان التمرين يجري على نطاق واسع ويحضره عسكريون من دول شقيقة وصديقة من بينها إسرائيل ، فهل يجرؤ مدير التمرين الإشارة إلى العدو الحقيقي بصراحة مطلقة ؟

قد يقول بعض المتحذلقين أن بيننا وبين إسرائيل معاهدة سلام تلغي حالة الحرب بين الطرفين ، ولا حاجة للاحتفاظ بقوات مسلحة كبيرة ومتطورة ، لاسيما وأننا لا نستطيع التفوق على إسرائيل بالقوة العسكرية ، وتكفينا التعهدات الدولية بتقديم الحماية اللازمة لنا . وجوابي على ذلك أن إسرائيل لم ولن تتخلَ عن أهدافها التوسعية ، ولم تخفض قواتها المسلحة رغم توقيع معاهدتي السلام مع الأردن ومصر ، وما زالت تطور قدراتها التسليحية والتكنولوجية بصورة مستمرة .

وبناء عليه فلا يجوز أن نشحن جنودنا بالروح الانهزامية والاستسلام للعدو ، اعتمادا على تقديم الحماية لنا من دول أجنبية ، بل سنقاتل دفاعا عن وطننا بكل شراسة وبما يتوفر لدينا من سلاح . وإذا ما غرس الإيمان والتصميم وإرادة القتال في قلوب المقاتلين ، فإنهم سيحققون النصر على العدو في حروب المستقبل ، إقتداء بقوله تعالى في محكم كتابه : ' كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ' .

وقبل أيام صرح نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل ، بأنه يتعين على إسرائيل دعم الأردن أمام تهديدات داعش ، ودعم طموح الأكراد في العراق للاستقلال ، والاحتفاظ بغور الأردن لوقت طويل ، والحاجة لإقامة سياج على حدود إسرائيل الشرقية ، وكأنه الحاكم الأوحد في منطقة الشرق الأوسط .

كل هذا الصلف والتحدي للأمة العربية من قبل رئيس وزراء العدو ، لم يقابله من دولنا العربية إلا تصريح خجول أصدرته الحكومة الأردنية ، أعلنت به بأن الأردن لم يطلب الحماية من أحد . وهذا الموقف المحزن الذي نعيشه حاليا يعبّر عن حالة الضعف والهوان الذي وصلت إليه الأمة العربية ، نتيجة لتشضيها كقطع متناثرة على خارطة المنطقة ، فعجزت عن بناء قدراتها العسكرية والحفاظ على وحدتها كقوة فاعلة على الساحة الدولية . ومع كل هذا فإن لي وطيد الأمل بأن تنهض أمتنا من كبوتها في يوم قادم ، وتستعيد وحدتها لتحرر أرضها المغتصبة وتثأر لكرامتها المستباحة .

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012