أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


جراح غزة...تغذي نرجسيتنا المزمنة

بقلم : جمال الدويري
26-07-2014 09:39 AM
عاجل: وصلني اليوم طلب صداقة من (المركز العربي والسلام العالمي).
ولما كان الاسم غريبا وملتبس اللغة والفحوى أولا, ولأنني معتاد على تحري المعلومة قبل رفض او قبول مثل هذه الطلبات, فقد قمت بفتح صفحة صاحب طلب الصداقة هذا, لأجد بأنه ( المركز العربي لحقوق الإنسان والسلام العالمي) بشعار رنان بسنبلتين وحمامة, استبشرت خيرا وقلت لنفسي: رسالة نبيلة وسعي محمود لا بد من مناصرته ومحاولة دعمه بما أمكن.
ومن ثم, ولم يطل الإنتظار للوقوع على الخبر الأول والنشاط الأبرز لهذا المركز ممثلا برئيسه على رأس وفد رفيع من أعضاء المركز بعنوان: (رئيس المركز العربي يواصل تفقده لجرحى غزة في المدينة الطبية/عمان).
وقد لفت انتباهي تعبير (يواصل), وهذا يعني انه بدأ تفقد جرحى غزة بالمدينة الطبية من فترة ما وهو الآن يستمر بالمرابطة على تخوم المدينة الطبية المكيفة, يرافقه ويشاركه الجهاد المقدس هذا, عدد من محترفي التصوير والتوثيق والإعلان.
ارتفع ضغط فضولي وسكر روح التحقيق والاستقصاء المتجذرة بي أصلا بحكم مهنة سابقة مارستها لعقود, وولجت باب التصوير والتوثيق, لأعدّ أكثر من مائة صورة مرافقة للتقرير وخبر الزيارة الميمونة لرئيس المركز وأعضائه لجرحى العدوان الإسرائيلي. وحتى أكون منصفا ودقيقا, فقد كانت مائة وستة صور بالتمام والكمال.
والفظيع فيما شاهدت, أن جزءا يسيرا فقط من هذا السيل من التوثيق المصور للزيارة الكريمة, كان لإظهار بشاعة العدوان ومعاناة ضحاياه, أما الكم الأكبر ونصيب الاسد فكان 'لبروزة' رئيس المركز وصحبته أمام العدسة التي لم تغفل حركة ولا سكونا ولا بنت نفس للرئيس والأعضاء, طغت في الكثير من الوقت على المهمة والرسالة, فظننت أنني اتصفح معرضا للصور من عرض للأزياء او مشاهير الرياضة والفن والسياسة وتسليم الأوسكارات.
عشرات الصور في مكتب نائب مدير المدينة الطبية, عشرات الصور في ممرات المستشفى في الطريق الى غرف الجرحى, عشرات الصور مجددا لاستقبال الوفد ووداعه, عشرات الصور لأعضاء الوفد مع موبايلاتهم المشرعة هي الأخرى للتصوير والتوثيق وربما بخاصية: صور نفسك.
وعشرات الصور أخيرا أمام المدخل الرئيس للمدينة الطبية والبسمات تشق الشدوق وتنسينا سبب الزيارة المؤلم والحزين.
وللحقيقة والموضوعية, فقد تخلل هذا السيل الفني الغادق, ظهور بعض الصور للجرحى, طبعا مع الرئيس والأعضاء, وبعض عبوات الحلوى والعصير بحضن طفل جريح ملئ بالأسياخ والجبائر, لا أعتقد أنه يعي حسّيا مدى معاناته او حتى يفرق لوجعه بين العصير والحلوى.
لا...وقد ختم التقرير بأم المعلومات وجملة الجمل والإبتذال:
(وتفهم رئيس المركز العربي لحقوق الانسان والسلام الدولي مطالبهم الاتصال مع أهاليهم والاطمئنان عليهم ومساعدتهم ووعدهم بتكرار زيارتهم وتقديم المساعده لهم),
وكأن هناك في المدينة الطبية ما يمنع الأخوة الجرحى وذويهم من التواصل مع أهاليهم والإطمئنان عليهم.
أما الوعد بتكرار الزيارة, من عطوفته ومن معه, فقد كان الترياق الشافي للجروح والبلسم المداوي للألم والمعاناة, وكان له صدى عميق سحيق, وصل حتى الأهل في غزة.
ورحمة أمّي...انه اللي اختشوا ماتوا, وهذا ليس عند الصهاينة فقط, بل عندنا أيضا.
أخجلوا بالله من أنفسكم يا زوار الإعلان والإعلام, واختبئوا من نرجسيتكم وعشقكم لصورة المرآة ونفخ الذات, وارحموا عذابات الجرحى وألم غزة ومصابها ولا تجعلوها جسرا للنجومية. اتقوا الله واتركوا مصوريكم خلف الأسوار.
أما وإن بليتم فاستتروا, ويكفيكم بالله عليكم, كم صورة يتيمة, غذاء للنرجسية وحب الظهور لديكم, ويا ريت بعد شفاء الجرحى بإذن الله او حتى خروجهم من الحالة الصحية الحرجة.
على فكرة, كنا في التيار الأردني 36 (أحرار وطن) نخطط لعيادة الجرحى الغزيين وزيارتهم معنويا وقوميا وإنسانيا وليس إعلاميا, الا أننا قررنا بعد ما شاهدنا من إعلام وإعلان على حساب جراحهم النازفة, أن نتريث قليلا, وأن نترك عند الزيارة, آلات التصوير والموبايلات الذكية على كاونتر الإستقبال في المدينة الطبية وطلقناها ثلاثا, بطلاق بائن بينونة كبرى كما في امتحانات الثانوية الاردنية العامة.
وعلى فكرة, طلب الصداقة المذكور, لم يجد القبول عندي لأن اوراق اعتماده مضروبة بقوة.
النصر لغزة العزة, والشفاء العاجل لجرحاها والشفاء الأعجل لمرضى العرب من داء 'البزونك' المزمن.
وان جيت تكذب قرب شاهدك:
https://www.facebook.com/mike.saba1/media_set?set=a.682226528517517.1073741876.100001905273133&type=1

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012