أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


"قل عسى أن يكون قريباً"

بقلم : د.محمد ابو رمان
28-07-2014 02:07 AM
مثل أعيادٍ سابقة خلال العقود الماضية، يأتي عيد الفطر بحلّة الحزن تحيط بالمجتمعات العربية قاطبةً، سواء تلك التي تعيش في ابتلاء وبلاء، مثل غزة وسورية والعراق وليبيا ومصر، أو تلك التي تخشى من الانزلاق إلى هذه المرحلة، مثل اليمن، أو المجتمعات العربية والمسلمة التي تعاني من أزمات أخرى خانقة، ومن غياب الديمقراطية والحرية، وتعايش ألم المجتمعات الشقيقة!
عيد الفطر اليوم لن يكون سعيداً والناس ما يزالون ينتشلون أشلاء وجثث أطفال حيّ الشجاعية في غزة، من بيوت وأحياء مهدّمة بالكامل. ولن يكون سعيداً وهنالك ملايين المشرّدين واللاجئين السوريين، أغلبهم أطفال ونساء يعانون من الجوع والبرد والفقر في ظروف غير إنسانية، بينما المجتمع السوري يواجه براميل المتفجرات وصواريخ الطائرات ويتعرّض لأبشع الجرائم الإنسانية!
هيهات أن يكون فطرنا سعيداً، ونحن نشاهد تنظيماتٍ دموية عدمية تشق طريقها نحو الصعود والسيطرة على الأراضي، وتشويه الإسلام، وتأجيج الصراعات الداخلية، سواء كانت هذه التنظيمات مثل تنظيم الخلافة أو تنظيمات الصدر وعصائب أهل الحق!
أيّ سعادة تلك ونحن نشاهد تهجير المسيحيين في الموصل، والقتل على الهوية في العراق وسورية؟ وعشرات الآلاف من الشباب العربي ينضمون إلى تلك التنظيمات تحت وطأة الشعور بالظلم والخوف والتهميش واليأس والإحباط إزاء أيّ أفقٍ سياسي يفتح باب الأمل والرجاء لهذه المجتمعات لكي تنتقل إلى مرحلة الإنسانية!
كيف لا يكون فطرنا حزيناً مؤلماً، وهناك عشرات الآلاف من الشباب المعتقلين في مصر، بينما يعيد نظام مبارك ترميم نفسه، برائحةٍ فاشية وعنصرية وروحٍ دكتاتورية سافرة!
وكيف لا تنفطّر قلوبنا في هذا الفطر، ونحن نرى بذهولٍ كيف تتآمر وتتواطأ حكوماتٌ عربية ضد 'غزة العزّة'، وتشارك في دعم العدوان الصهيوني، إمّا سياسياً أو إعلامياً أو حتى دبلوماسياً!
كيف لا نحزن ونحن نشاهد انهياراتٍ أخلاقية كبيرة في مجتمعاتنا، سواء بانتشار العنف الاجتماعي أو المخدّرات والجريمة، أو حتى حوادث التحرش، أو القتل على الهوية أو الفساد، أو قطع الرؤوس والأطراف، أو التهجير والتطهير الديني والطائفي، أليست هذه من علامات قيام ساعة المجتمعات، أي انهيارها وتفكّكها ودمارها؟!
***
ليس المطلوب، هنا، أن يشعر الجميع باليأس والإحباط والقنوط، بل هو رسم للتحدّي التاريخي والمهمة الكبرى أمام المجتمعات، من خلال رصد للمشهد العربي ولمشاعر أغلبية الناس المغلّفة بالقلق والخوف من المستقبل القريب، بعدما كان الأمل يداعب مخيّلة شعوبنا ومجتمعاتنا قبل أعوامٍ قليلة مع نجاح الثورتين المصرية والتونسية، بأنّ الحلم المؤجّل البعيد بالولوج إلى العصر الديمقراطي بات قريباً، قبل أن ندخل في هذا النفق المظلم المقلق، وتنجح أجندة أعداء 'الربيع' في حرف المسار نحو ما نراه حالياً!
مع ذلك، وبالرغم من أنّ أغلب التحليلات والنبوءات والتوقعات تفتح على نافذة سوداء؛ إلاّ أنّ هناك المؤشرات والعلامات والدلالات التي تدفع إلى التفاؤل بأنّ 'نقطة تحول' أخرى ستعيد ترسيم المشهد العربي، كما حدث مع الثورة التونسية. ذلك أنّ هنالك شريحة اجتماعية واسعة من المجتمعات العربية، ما تزال مؤمنة بالمستقبل وتصارع من أجل غدٍ أفضل، ولديها الحسّ الأخلاقي والتاريخي بأنّ كل ما حدث بعد 'الربيع العربي' كان طبيعياً، فالمعركة مع قرون من التخلف والدكتاتورية والفساد والتخلف لن تنتهي بضربةٍ واحدة، وأنّ الشعوب ما تزال أمام مسافاتٍ أخرى لتقطعها، وأنّ البدائل المطروحة، سواء في مصر أو العراق أو حتى سورية، هي الدافع الأكبر أمام المخلصين لإعادة ترسيم الطريق مرّة أخرى للوقوف ثانية، ورفض الاستسلام للإحباط واليأس!

(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-07-2014 03:52 AM

بعد كل هذا الشرح المستفيض في المقال يدعونا الكاتب لرفض الاستسلام للإحباط واليأس ! اي امل تركته امامنا لنتمسك به ؟؟ !! مسكين والله الشعب الاردني !! مسكين بنظامه ومؤسساته مسكين بنوابة وسياسييه مسكين باعلامه وكتابه مسكين بفقره وغلاء معيشته مسكين بعدد الضرائب ومسمياتها مسكين بنقص مائه وغذائة ، مسكين بسرقة اراضية ومقدراته مسكين بعدالة قضائه مسكين بتهميشه واستغفالة ...!!.
حدوده الشمالية صراع ملتهب ، والشرقيه داعشية وقطغ الرؤوس ، وغربيه غطرسه ونار ودمار ، وجنوبيه تهريب اسلحة وحبوب هلوسة وفي الداخل شرحنا جزأ يسيرا لمعاناته باعلاه ، الاردني يسبح بشوارع مدنه وقراه بين النازحين والاجئين والمشرين عن اوطانهم ، يشاهد الجرحى ويتابع الشهداء و يراقب دموع الثكلى وصيحات اليتامى .
والجميع يحسدنا على الامن والامان ، لكن من يكفل الامن والامان لاستيعاب عقلنا لهذه المشاهد . فعلا اربعة مقالات مختاره ، قرأناها لن ولن تصيبنا باي احباط ، فكل عام والشعب الاردني والعربي بالف خير .
الشمس دائما بكل صباح تشرق . فالامل يداعبنا !! توكلنا علَى اللَّه، لَا حول ولَا قوةَ إِلَّا بِاللَّهِ .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012