أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 24 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
400 جثة و2000 مفقود ومقابر جماعية.. شهادات من داخل خان يونس بيلوسي تشن هجومًا حادًا على نتنياهو لسياساته وتعتبره “عقبة” أمام حل الدولتين وتطالبه بالاستقالة الفايز يتفقد واقع الخدمات للمواطنين في العقبة زراعة لواء الوسطية تحذر مربي الثروة الحيوانية من ارتفاع درجات الحرارة تقارير: زيادة كبيرة في معدلات هجرة الإسرائيليين العكسية طائرة منتجات زراعية أردنية تغادر إلى أوروبا البنك المناخي الأردني سجل قيم جديدة لدرجات الحرارة العظمى في 2023 الملك وأمير الكويت يبحثان توسيع التعاون الثنائي الاقتصادي والاستثماري - صور مي كساب تعتذر من صلاح عبدالله.. ما السبب؟ تعرف على أشهر توائم النجوم بالوسط الفني هشام ماجد يكشف كواليس"أشغال شقة" وسر انفصاله عن شيكو نيللي كريم تحسم حقيقة جزء ثانٍ من مسلسل بـ 100 وش محمد سامي يكشف تفاصيل مسلسله الجديد مع مي عمر إجراء جديد لهنا الزاهد بشأن طليقها أحمد فهمي المفتي الحراسيس: 5 فتاوى تفيد بحرمة التسول
بحث
الأربعاء , 24 نيسان/أبريل 2024


اسئلة تثيرها انتفاضة العاطلين عن العمل في تونس

03-01-2011 01:30 AM
كل الاردن -

نقولا ناصر

 

 

هل توجد علاقة بين السياسة الخارجية الامريكية وبين الانتفاضة المتواصلة للعاطلين عن العمل والمهمشين المتضررين من سوء توزيع مشاريع التنمية والثروة في تونس? ربما يوجد جزء من الجواب على هذا السؤال في ما قاله مؤسس موقع ويكيليكس, جولين أسانج, الأسبوع الماضي في مقابلته مع فضائية الجزيرة القطرية, فالوثائق السرية التي بحوزة الموقع تكشف بأن العمال ونقاباتهم واتحاداتها هم أحد ثلاثة مواضيع تحظى باهتمام الولايات المتحدة الامريكية بعد 'إسرائيل وإيران' في الشرق الأوسط. ولا يسع المراقب إلا أن يتساءل مع أسانج عن سر هذا الاهتمام الامريكي بالعمال ونقاباتهم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق ومنظومة الدول الاشتراكية التي كان يقودها, ليخلص إلى استنتاج بأن مركز القيادة الامريكي للنظام الرأسمالي العالمي ما زال يرى في الطبقات الاجتماعية المتضررة من هذا النظام خطرا عليه يهدد 'مصالحه الحيوية' والأنظمة السياسية التي تدور في فلكه طوعا أو كرها كجزء من استراتيجيته الدفاعية للحفاظ على هذه المصالح في منطقة استراتيجية مثل الوطن العربي ومحيطه الاسلامي الشرق أوسطي.

وهل توجد علاقة بين الانتفاضة التونسية وبين القمة الاقتصادية العربية الثانية التي سوف تستضيفها مصر في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر في التاسع عشر من الشهر الحالي? ربما يوجد الجواب كاملا على هذا السؤال في الأرقام التي أعلنتها مؤخرا المدير الاقليمي لمبادرة 'إنجاز' العرب, السيدة ثريا السلطي, ونشرتها عدة وسائل إعلام عربية مطبوعة ومسموعة ومرئية: إن أكثر من (100) مليون شاب عربي سوف يتنافسون دون تأهيل كاف على الوظائف في سوق العمل خلال السنوات العشر المقبلة في اقتصاديات عاجزة عن خلق المزيد من هذه الوظائف, وأكثر من ربع العرب دون سن التاسعة والعشرين هم عاطلون عن العمل في الوقت الحاضر, بينما تبلغ البطالة في صفوف الشباب (21%) في الأردن و(29%) في السعودية و(12%) في قطر و(27%) في البحرين و(13%) في لبنان و(24%) في سورية و(38.5%) في فلسطين و(36%) في تونس و(30%) في العراق و(33%) في مصر و(12%) في الامارات العربية المتحدة ضمن 12 قطرا عربيا تعمل المبادرة فيها. وتستشري البطالة خاصة في أوساط الجامعيين, فمعدل البطالة بين خريجي الجامعات يزيد على عشرة اضعاف معدل البطالة بين خريجي الثانوية العامة في مصر, وخمسة أضعافه في سورية, وثلاثة أضعافه في الجزائر.. إلخ. وفي تونس, التي سلطت انتفاضتها الأضواء على هذه المشكلة, أكثر من نصف الباحثين عن عمل هم من خريجي الجامعات, في بلد يقل متوسط سن سكانه عن الخامسة والعشرين. فما هي الرسالة ? هل ينبغي إغلاق الجامعات العربية أم هل ينبغي الحد من أعداد خريجيها? وفي هذه الحالة, اي تنمية مأمول فيها يمكن أن تنجح دون جامعات? 

وبغض النظر عن مدى دقة هذه الأرقام فإن الحقيقة الأهم فيها أن البطالة متفشية في أوساط الشباب والمتعلم منهم خاصة وهم عماد الطبقة الوسطى التي تتآكل في تسارع يهدد أمن واستقرار أنظمة الحكم التي تعتمد عليها بيروقراطية هذه الأنظمة في إدارة الحكم, وإلى هؤلاء ينتمي الشاب التونسي الذي فجر إحراق نفسه احتجاجا على البطالة انتفاضة شعبية للعاطلين عن العمل والمهمشين في مدينة سيدي بوزيد التونسية سرعان ما انتشرت انتشار النار في الهشيم لتعم تونس كاملها, ولم تتوقف حتى الآن, والتي يتساءل المراقبون عما إذا كان النظام سوف يتمكن من إخمادها قبل انعقاد القمة الاقتصادية العربية الثانية, وإن كان الأخوة العرب للمنتفضين التونسيين في 'هم البطالة' يأملون في استمرارها حتى ذلك الحين حتى تفرض البطالة نفسها كبند واحد وحيد على جدول أعمال القمة.

في الثامن والعشرين من الشهر الماضي, كتب عبد الرحمن الراشد في 'الشرق الأوسط' الدولية, أن الانتفاضة التونسية هي 'رسالة للغير' أيضا - دون أن يوضح الراشد ماهية هذا 'الغير' - وهي تعبر عن مشكلة 'سياسية, ابعد من الاقتصاد, واوسع من مشاعر العاطلين عن العمل', فمشكلة تونس تكمن 'في انعدام الثقة بحكومتها, وفقدان المصداقية'. وتكمن أهمية توصيف الراشد للـ 'مشكلة' في تونس وفي كونها 'رسالة للغير' في حقيقة صدوره عن كاتب ووسيلة إعلام لا يمكن لأحد أن يعتبرهما محسوبين لا على الطبقة العاملة ولا حتى على الطبقة الوسطى, وهو توصيف كان بمثابة تحذير, ففقدان مصداقية الحكومات وانعدام الثقة فيها ليسا مشكلة تونسية فحسب بل هي مشكلة عربية مزمنة عامة, وهي مشكلة 'سياسية' بامتياز, لها علاقة مباشرة بكثير من القضايا العربية الساخنة من الديمقراطية إلى التنمية إلى هجرة الشباب والأدمغة العربية, وللولايات المتحدة الامريكية دور حاسم في تحولها إلى مشكلة مزمنة, بسبب دعمها المزمن لحكومات عربية بهذه المواصفات, وبسبب لجوئها إلى الغزو والاحتلال العسكري المباشر على طريقة الاستعمار الأوروبي لدول 'العالم الثالث' للتخلص من حكومات بغير هذه المواصفات واستبدالها بأخرى هذه هي مواصفاتها على وجه التحديد, والمثال العراقي ما زال حيا ونازفا.

ولا يستطيع أحد طبعا توجيه اللوم كاملا إلى الولايات المتحدة, فالنظام السياسي - الاقتصادي فيها الذي يحول الآن 'الطبقة الوسطى إلى طبقة عبيد', كما كتبت الناشطة الامريكية ليلا يورك في السابع والعشرين من الشهر الماضي, لا يمكن أن يكون معنيا بالطبقتين الوسطى والعاملة العربيتين, بعد أن القى بالملايين من الامريكيين أنفسهم إلى قارعة البطالة. 

واللافت للنظر تنامي وعي الامريكيين بطبيعة النظام الذي يحكمهم, فقد انتبهت ليلا يورك إلى حقيقة أن بنك الاحتياطي 'الفدرالي' الامريكي الذي تأسس عام 1913 ليس 'فدراليا' بل يمثل مجموعة من البنوك الخاصة تقرض المال للحكومة الفدرالية وتتقاضى منها فوائد عليها حتى حولتها إلى أكبر دولة مدينة في عالم اليوم, واقتبست من خبراء مثل مؤسس ومحرر 'ذا وول ستريت إيكزامينر', لي أدلر, قوله إن الاحتياط الفدرالي الامريكي هو المسؤول عن الأزمة المالية التي تعصف بالولايات المتحدة والعالم الآن لأنه 'سحب السيولة في اللحظة نفسها' التي كان السوق الامريكي 'بحاجة إليها', لتخلص يورك إلى المطالبة 'بإنهاء الاحتياط الامريكي تماما وإعادة عمليات العملة إلى الحكومة الفدرالية'. والدرس الذي ينبغي استخلاصه من هذا الواقع الامريكي لكل المعنيين العرب بالعلاقات العربية - الامريكية وبالدعم الامريكي للحكومات العربية, حتى لو تناقض هذا الدعم مع المبادئ الديمقراطية التي ينص الدستور الامريكي عليها, هو أن الحكومة الامريكية مجرد إدارة عامة لأصحاب القرار الحقيقيين في الاحتياط الفدرالي وأن هؤلاء غير معنيين على الإطلاق بكل الرطانة الرسمية الامريكية عن الديمقراطية, وغير معنيين حتى لو 'انتحر' كل العاطلين العرب عن العمل.

إن تحذير عبد الرحمن الراشد الخجول 'للغير' مثال الانتفاضة التونسية ليس جديدا بل إنه جاء متأخرا كثيرا. فقد حذرت منظمة العمل الدولية, إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة, منذ عام 2005 من أن معدل البطالة في الأقطار العربية من أعلى معدلات البطالة في العالم ويبلغ ضعفي المعدل الدولي ويهدد بانتشار الفقر في الوطن العربي, مما يسوغ ما تناقلته وكالات الأنباء عن أوضاع الدول العربية بنهاية عام ,2010 ففي مصر, على سبيل المثال, بين شهري أيار/ مايو 2009 وحزيران/ يونيو العام الماضي انتحر (57) عاملا مصريا وفصل أكثر من (57) الفا من أعمالهم وقتل وجرح (673) آخرين. ومثال آخر, تنافس العام الماضي خمسة آلاف عامل سعودي على (54) وظيفة في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرقي المملكة. ومن الواضح أن أزمة البطالة والتشغيل وسوء توزيع الثروة ومشاريع التنمية هي قاسم عربي مشترك لا يفرق بين دولة عربية نفطية وأخرى غير نفطية أو بين دولة غنية وبين أخرى فقيرة, وهي أزمة جديرة بتوحيد الحكومات العربية في مواجهة حلها وجديرة بتوحيد جماهير الأمة في النضال من أجل حلها بطريقة عادلة, لكن رغم الخطر الأمني الذي تمثله هذه الأزمة على السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي العربي فإن أسئلة كثيرة تطرح حول من يحركون النافخين في نار الفتن الطائفية والاقليمية الذين كانوا أكثر نجاحا في توحيد صفوفهم لصرف الأنظار بعيدا عن هذه الأزمة المتفاقمة من نجاح كل المهددين بأخطار مضاعفاتها في توحيد صفوفهم لحلها. وفي هذا الإطار يبحث المراقب عن أجوبة على سؤال من المستفيد, مثلا, من تفجير كنيسة في الاسكندرية المصرية فجر السبت الماضي, والعشرات من الحوادث المماثلة المفجعة في مصر وغير مصر, ومن المستفيد من تأليب المتضررين من أزمة البطالة على بعضهم البعض بدلا من توحيد صفوفهم في مواجهتها. 

استجابة لتحدي الأزمة الاقتصادية - الاجتماعية التي تهدد بالتحول إلى أزمة سياسية في تونس, سارع الزعيم الليبي معمر القذافي إلى إلغاء كل القيود على دخول العمالة التونسية إلى ليبيا. وهو إجراء مرحب به, فأن يأتي متأخرا خير من أن لا يأتي أبدا كما يقول المثل الغربي. كن هل ينبغي أن تنفجر انتفاضة مماثلة في اليمن أو في الأردن, على سبيل المثال, كي تسارع أسواق العمل في دول الخليج العربية إلى إجراء مماثل? أم هل ينبغي من أجل اتخاذ إجراء كهذا أن تقع المحاذير الذي حذر منها مؤخرا الفريق ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي بالامارات العربية بشأن المخاطر الأمنية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها على 'الهوية الوطنية' من العمالة الوافدة غير العربية التي تجعل المواطن العربي الخليجي 'يشعر بالغربة في وطنه ويفتقد الأمن النفسي'? لقد آن الأوان لكي يدرك الحاكم العربي بأنه لا يستطيع أن يستقطع (21%) من ميزانية الدولة العراقية لعام ,2011 مثلا, لرواتب الرئاسات الثلاث - على ذمة مصادر 'برلمانية عراقية' - بينما يعيش ضعف هذه النسبة المئوية من شعبه تحت خط الفقر, أو ليدرك بأن 'غنى' بلده لا يمكن أن يدوم طالما استمر الفقر في البلد 'الشقيق' المجاور!

ولا يتوقع المراقب العربي أي صحوة مفاجئة 'قومية' للحاكم العربي على حيوية الوحدة أو الاتحاد العربي, لكنه بالتأكيد يتوقع منه صحوة موضوعية تجعله يأمل مع المدير العام لمنظمة العمل العربية, السفير أحمد محمد لقمان, في أن تمثل قمة شرم الشيخ الاقتصادية المقررة في التاسع عشر من الشهر الحالي 'إضافة نوعية مهمة في مسيرة التعاون العربي', وإذا كان لقمان متفائلا بنجاح منظمته في نقل موضوع التوظيف والبطالة إلى الاهتمام العربي الأوسع من حصر الاهتمام به بوزارات 'العمل' العربية, فإن إضافة تحذيره إلى تحذيرات الكثيرين غيره من خطورة استفحال البطالة على 'السلم والاستقرار' الاجتماعي العربي يجب ان يكون حافزا للقواعد العمالية, العاملة والعاطلة عن العمل على حد سواء, لمراجعة الدور الذي تلعبه نقاباتها واتحادات نقاباتها في الدفاع عن مصالحها وعن 'السلم الاجتماعي' الذي ستكون هذه القواعد الضحية الرئيسية له إن انهار, كما هي الضحية الرئيسية له دون أن ينهار, في ضوء ما كشفه مؤسس موقع ويكيليكس, جوليان اسانج, عن 'الاهتمام' الامريكي بنقابات العمال واتحاداتها 'في الشرق الأوسط'.



nicolanasser@yahoo.com*

 

 

(العرب اليوم)

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012