أضف إلى المفضلة
الخميس , 28 آذار/مارس 2024
الخميس , 28 آذار/مارس 2024


"العرب اللندنية" : الأردن صامد بسياسته الإقناعية في محيط تعصف به الأزمات

19-09-2014 10:29 PM
كل الاردن -
النظام الأردني نجح في استخدام ما لديه من قدرات محدودة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، والحفاظ على كيان الدولة تحت قيادة الأسرة الهاشمية..


حالة الاستقرار السياسي التي يشهدها الأردن في ظلّ الوضع الإقليمي الملتهب المحيط به ووسط تحديات داخلية لا يستهان بها تبدو فريدة من نوعها إلا أن لها ما يبررها في ظل السياسة التي اتبعتها المملكة للحفاظ على كيان دولتها، حسب دراسة للباحث محمد صفيّ الدين خربوش، صادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات.
يعتبر النظام السياسي الأردني نظاما فريدا بين النظم السياسية العربية، حيث تمكن من الصمود والتطور خلال ما يربو على عقود من الأزمات العربية الكبرى التي كان الأردن طرفا رئيسا من أطرافها بسبب عوامل تاريخية وجغرافية واجتماعية، فرضت عليه التأثر بهذه الأزمات والتفاعل معها، حتى لو لم يكن راغبا في ذلك. فماهي العوامل التي تقف وراء هذا الصمود على الرغم من الأزمات الطاغية داخل الأردن وعلى حدوده؟


ما هي التحديات التي يواجهها الأردن؟

تناول الباحث محمد صفيّ الدين خربوش، في دراسته الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات، مسألة التحديات التي يواجهها الأردن استنادا إلى العوامل المحيطة بالمجتمع الأردني عموما والمؤثرة فيه بشكل مباشر، وهي الآتي:

*أولا، من حيث الجغرافيا؛ حيث أنّ الأردن يقع بين خمس دول تفوقه من حيث القدرات البشرية والاقتصادية والعسكرية، أربع منها دول عربية هي العراق وسوريا والسعودية ومصر والخامسة هي إسرائيل ومن ثم، تقع على كاهل النظام الأردني أعباء جسام، حيث يعتبر أحد أبرز الأنظمة السياسية العربية التي يفوق حجم الأعباء التي يعاني منها حجمه الطبيعي، أو النفقات التي تقع على عاتقه مسؤولية الوفاء بها، أو المطالب المحلية والإقليمية والدولية التي يجب عليه تلبيتها، كل هذا يفوق كمّ الموارد المتاحة لدى النظام الأردني للاستجابة إلى هذه الأعباء والمطالب والنفقات.

حجم الموارد المتاحة لدى النظام السياسي الأردني أقل من كم المطالب التي يراد تلبيتها أو الاستجابة لها
* ثانيا، من حيث التاريخ؛ حيث أوضح أنّ المملكة الهاشمية تعاني عبء إرث الثورة العربية الكبرى بما تتضمنه من دلالات عروبية تفرض قيودا على الإطار الذي تتحرك فيه السياسة الأردنية، يضاف إلى ذلك انضمام الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية فيما يطلق عليه الأردنيون “وحدة الضفتين”، واستمرار هذه الوحدة فعليا حتى الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، ورسميا حتى إعلان الأردن فك الارتباط مع الضفة عام 1988. وقد ترتب على ذلك تمتع الأردن بعلاقات خاصة مع الضفة بما تتضمنه من أماكن مقدسة في القدس الشريف. تضاف إلى ذلك العلاقات الخاصة مع فلسطين بسبب استيعاب الأردن للعدد الأكبر من اللاجئين والنازحين الفلسطينيين بعد عامي 1948 و1967.

*ثالثا، من الناحية الاقتصادية، أشار الباحث إلى أنّ الاقتصاد الأردني يعاني من شحّ الموارد الطبيعية. لاسيما المياه والنفط، وتعتمد الزراعة في أراضيه على مياه الأمطار في فصل الشتاء. ومن ثم، يعتمد في كثير من احتياجاته النفطية والمائية والغذائية على الخارج.

وتعاني الموازنة العامة الأردنية من عجز مستمر ومتزايد أجبر الحكومات المتعاقبة على الإقدام على تخفيف أو رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية ـ لاسيما الغذائية والنفطية ـ الأمر الذي أثار موجات من الاحتجاجات لعدة مرات في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين.
* رابعا، التركيبة الاجتماعية؛ حيث أنّ الأردن يضم أطيافا متنوعة، فمن حيث الانتماء الديني؛ يمثل المسلمون أغلبية كبيرة، وتوجد أقلية من المسيحيين، ومن حيث الانتماء العرقي، يمثل العرب أغلبية مع وجود أقليات من 'شركس' و”شيشان” إضافة إلى الأعداد الكبيرة من اللاجئين الفلسطينيين.


*أمّا خامسا، فقد عرض الباحث الناحية الثقافية؛ مشيرا إلى أنّ المملكة تتعايش فيها ثقافتان شديدتا التباين؛ ففيما تسود في معظم أحياء عمان وإربد والعقبة ثقافة حديثة متأثرة بشدة بالثقافة الغربية، تسود في القرى والبادية وبعض المدن الصغرى وبعض أحياء المدن الكبرى، ثقافة تقليدية متأثرة بالدين والأعراف والتقاليد العشائرية: ولا تزال العشيرة تمثل المصدر الرئيسي للثقافة لاسيما بين ذوي الأصول الأردنية.

بناء على ما سبق، يشير محمد صفيّ الدين خربوش إلى أنّ صانع القرار الأردني لا يعمل في بيئة جغرافية وتاريخية واقتصادية واجتماعية وثقافية مواتية أو يسيرة، بل في بيئة معقدة ومليئة بالصعوبات. أي أن حجم الموارد المتاحة لدى النظام السياسي الأردني أقل من كم المطالب التي يراد تلبيتها أو الاستجابة لها.

في مثل هذه الحالات، يرى الباحث، أنّ النظام السياسي أمام خيارين: إما استخدام قدراته القمعية لوأد المطالب التي لا يجد الموارد الكافية لتلبيتها، أو السعي إلى استخدام قدراته الإقناعية لسد الفجوة بين المطالب والموارد (النفقات والإيرادات). وإذا كانت القوة المادية (لا سيما القوات المسلحة والشرطة) تمثل العصب الرئيسي لاستخدام البديل الأول، فإنّ المهارات القيادية والشرعية التي تتمتع بها تعتبر الأداة الرئيسية لاستخدام البديل الآخير الذي يعول عليه الأردن دائما.


كيف تم الحفاظ على بقاء الدولة؟

يعتبر النظام السياسي الأردني ـ على عكس العديد من الأنظمة ذات الأوضاع المشابهة ـ مثالا جيدا للتركيز على استخدام القدرات الإقناعية بدرجة أكبر من نظيراتها القمعية. وقد أصبحت هذه السمة من السمات الرئيسية لهذا النظام، لا سيما خلال فترة حكم الملك الحسين بن طلال (1952-1999)، واستمرت مع خلفه الملك عبدالله الثاني بن الحسين (1999 وحتى الآن). فقد تعرض النظام الأردني لضغوط هائلة خلال فترة الخمسينات والستينات، أي في ذروة المد القومي العربي، حيث شهدت هذه الحقبة سقوط النظام الهاشمي في العراق (الشقيق الأكبر للنظام الأردني) وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة بالوحدة بين مصر وسوريا، جارتا الأردن، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 والحرب الأهلية اليمنية (1962-1967) والحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1967.

على الرغم من الضغوط التي تعرض لها النظام الأردني منذ تأسيس إمارة شرق الأردن ثم المملكة الأردنية الهاشمية، نجح في استخدام ما لديه من قدرات محدودة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، والحفاظ على كيان الدولة الأردنية ونظامها السياسي تحت قيادة الأسرة الهاشمية. ويكمن سر هذا التجمع في الاستخدام الأمثل للقدرات الاستيعابية والاستجابية للنظام السياسي في مواجهة المطالب المحلية والإقليمية والدولية المتزايدة والمتضاربة، والتي كان مصدرها الداخل الأردني (المطالب الاقتصادية لاسيما التشغيل والسيطرة على الأسعار). أو الإقليمي المضطرب (العراق ـ سوريا ـ إسرائيل ـ القوى الفلسطينية)، أو الأوضاع الدولية (الحرب الباردة ثم الهيمنة الأميركية).

ومثّل الأردن نموذجا ناجحا في استيعاب المطالب المتعارضة للفئات الاجتماعية المتباينة (ذوي الأصول الأردنية في مواجهة ذوي الأصول الفلسطينية)، والمسلمون والمسيحيون، والعرب والشركس والشيشان، وأصحاب الثقافة العشائرية التقليدية في مواجهة ذوي الثقافة الحديثة الغربية، وأصحاب الاتجاهات السياسية المحافظة في مواجهة ذوي التوجهات الأيديولوجية اليسارية والقومية والتقدمية)، وبالتالي فقد تمكن من الحفاظ على كيان الدولة.


ماهي مميزات النظام السياسي الأردني؟

يجمع النظام السياسي الأردني بمهارة نادرة بين مظاهر النظام السياسي الحديث من ناحية ونظيره التقليدي من ناحية أخرى، ويوائم باقتدار بين شرعية تاريخية وتقليدية ـ يمثل الدين جزءا رئيسيا فيها ـ وبين أخرى حديثة قائمة على مؤسسات منتخبة تمارس دورها وفقا للدستور.

كما يحرص الملك والأمراء على احترام التقاليد العشائرية، وتوقير زعماء العشائر ودعوتهم في المناسبات الوطنية والدينية، وتلبية دعوات العشائر والالتقاء بزعمائها والاعتزاز بتأييدها للأسرة الهاشمية.

صانع القرار الأردني لا يعمل في بيئة جغرافية واقتصادية واجتماعية مواتية أو يسيرة بل في بيئة معقدة
من جهة أخرى، لا يعاني النظام السياسي الأردني من أزمة شرعية على خلاف غيره، فثمة تأييد قوي لحكم الأسرة الهاشمية، ولا تمثل المعارضة الإسلامية والقومية واليسارية تحديا جديا للنظام، فثمة تأييد قوي للحكم بين الأغلبية العظمى من المواطنين الأردنيين. ويستثمر النظام الأردني ما لديه من إرث تاريخي في تعزيز قدراته الرمزية (بتعبير ألموند) في حشد التأييد والمؤازرة في حالة سعي المعارضة إلى تحدي النظام.

ويستطيع الحديث بثقة عن شرعية مؤسسية ترتكز إلى وجود دستور يتبنّى نمط النظم الملكية الدستورية منذ العام 1952. كما يتيح النظام حرية تكوين الأحزاب السياسية بغض النظر عن توجهاتها الأيديولوجية (الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية والوسطية).

ويتمتع مجلس النواب المنتخب بسلطتي التشريع والرقابة على أعمال الحكومة. ولا تمارس الأخيرة اختصاصاتها إلاّ بعد أن تحظى بثقة مجلس النواب.

وتتسم الانتخابات الأردنية بالحرية والنزاهة، ويكاد ينعدم التدخل الحكومي في عملية الانتخابات.

هذا التماسك يبرز جليا، خاصة بعد الانقسام الجوهري الذي شهدته جماعة الإخوان المسلمين في الأردن خلال الأشهر الأخيرة الماضية بين جناح “الصقور” المتشدد وجناح “الحمائم” المعتدل، والذي كان بمثابة دليل على فشل خطة الجماعة في زعزعة استقرار النظام، التي راهنت عليها منذ العام 2011، لا سيما بعد فشل تجربة حكم الإخوان المسلمين في مصر وامتداد آثار هذا الفشل إلى باقي دول المنطقة.

من ثمة يخلص محمد صفيّ الدين خربوش في دراسته إلى أنّ النظام الأردني أثبت مرة أخرى، قدرته الهائلة على التفاعل بمهارة مع الضغوط المحلية والإقليمية والدولية واستيعاب المطالب والاستجابة إلى البعض منها، دون أن يضطر إلى تغيير أيّ من توجهاته الأساسية.
العرب اللندنية
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-09-2014 12:23 AM

المقالة جميلة لكن كنت أتمنى لو نشرتم ايضا مقالة خير الله خير الله في نفس العدد بعنوان ماسر الاردن. هذا نصها:
ما سر الأردن؟
لم تحم الأردن نفسها في كل وقت إلا بمزيد من الإصلاحات السياسية من جهة، وبفضل المؤسسات القوية المتماسكة من جهة أخرى.
العرب خيرالله خيرالله [نُشر في 19/09/2014، العدد: 9684، ص(9)]
في الأردن، على العكس مما يجري في دول أخرى كثيرة، يحثّ الملك عبدالله الثاني مواطنيه على السير في الإصلاحات إلى النهاية. يندرج ذلك في سياق سياسة متكاملة تستهدف تحصين المملكة الهاشمية. استطاعت الأردن تجاوز ما يسمّى “الربيع العربي” بأقلّ مقدار من الأضرار، بل استفادت من هذا الربيع، كي يكون لديها ربيع خاص بها اسمه “الربيع الأردني”.
ما سرّ الأردن؟ الجواب في غاية البساطة وهو عائد إلى أن الأسرة الحاكمة في الأردن لم تؤمن يوما بالعنف، بصفة كونه وسيلة من أجل الاحتفاظ بالسلطة. هناك شرعية للملك في الأردن، وهذه الشرعية نتيجة طبيعية لوجود علاقة عضوية بين العرش والأردنيين. هناك شعب متصالح مع الملك، وهناك ملك متصالح مع شعبه. هل أفضل من هذه المعادلة لضمان مستقبل أفضل للأردن والأردنيين في الوقت ذاته؟

الأهمّ من ذلك كلّه أن الإصلاح السياسي في الأردن ليس ابن البارحة، وليس وليد ظروف معيّنة فرضت نفسها على الملك. الإصلاح في الأردن نهج سياسي بدأ مع قيام المملكة وتكرّس مع صعود الملك الحسين، رحمه الله، إلى العرش. استمرّ الإصلاح بوتيرة أكثر سرعة في عهد الملك عبدالله الثاني بن الحسين، الذي أكّد مجددا أنّه يقود الإصلاحات وأن التحديات السياسية والاقتصادية لا يمكن أن تكون مبررا لأي تأجيل للخطوات الإصلاحية. على العكس من ذلك، هناك رغبة واضحة وإرادة صلبة في السير في الإصلاحات إلى النهاية، نظرا إلى أنّها عنصر من عناصر تأمين الاستقرار، ومواجهة العواصف التي تضرب المنطقة.

في ورقته النقاشية الخامسة التي نشرها عبدالله الثاني الأحد الماضي الثالث عشر من سبتمبر من السنة 2014، قال العاهل الأردني:

"اليوم، ورغم وقوع أجزاء من منطقتنا ضحية الصراع المذهبي والإرهاب والفكر المتطرّف، وما يعنيه ذلك من اختطاف لمستقبل جيل كامل، إني أؤمن بأنّ مسيرتنا الإصلاحية الأردنية المتدرجة والنابعة من الداخل، والتي تضمن مشاركة جميع أبناء وطننا وبناته في بناء مستقبلهم، هي الخيار الأفضل والأكثر ثباتا واستدامة لحماية بلدنا الغالي من الفوضى التي حولنا".

أكثر من ذلك، أكّد عبدالله الثاني “أنّ التحديات ليست عذرا لتأجيل أجندتنا الإصلاحية، بل (هي عذر) لتحويلها إلى فرص، كما هي حالنا دائما في الأردن. لذا أشارككم ورقتي النقاشية الخامسة بعنوان تعميق التحول الديمقراطي: الأهداف والمنجزات والأعراف السياسية”.

أوضح عبدالله الثاني أنّه يتناول في الورقة النقاشية الخامسة “القيم والممارسات الديمقراطية الأساسية، على أمل أن تكون هاديا تتبناها جميع الأطراف في المعادلة السياسية وتطبقها لدى قيامها بأدوارها وممارسة مسؤولياتها الوطنية تجاه مواطنينا الذين يستحقّون دوما الأفضل من ممثليهم ومن الخدمات الحكومية التي تقدّم لهم”.

الملفت أن الملك جاء يذكّر المواطنين بأن الإصلاحات لم توضع على الرف بمجرّد أن الأردن تجاوزت أحداث 2010 و2011 و2012 عندما وجد من يريد التظاهر ونشر الفوضى خدمة لأجندة لا علاقة لها بمصلحة المواطن. لم تكتف السلطات الأردنية المختصة باتخاذ كلّ الإجراءات التي تضمن احتواء الشغب. ذهبت إلى أبعد من ذلك. حرصت على حياة كلّ مواطن نزل إلى الشارع. كان همّ رجال الأمن المحافظة على حياة المواطن، بمن في ذلك حياة الذين سعوا إلى استفزازها والاعتداء عليها.

في الوقت ذاته، كان هناك إعداد لقانون انتخابي جديد، على قياس المواطن الأردني وليس على قياس مجموعة معروفة، هي بكلّ صراحة الإخوان المسلمون. سعت هذه المجموعة، وقتذاك، إلى أن يكون القانون الانتخابي مجرّد مطية لها كي تفوز في الانتخابات مستغلّة موجة “الربع العربي”، الذي لم يكن سوى خريف باكر في معظم البلدان التي حلّ فيها.

بعد سنة كاملة وثلاثة أشهر على الورقة النقاشية الرابعة، جاءت الورقة الخامسة التي تضمّنت تفاصيل كثيرة تصب في اتجاه تطوير المؤسسات، بما في ذلك الحكومة ومجلس النوّاب. لا مجال للخوض في هذه التفاصيل التي تناولت كلّ ما من شأنه قيام دولة حديثة في ظلّ ملكية دستورية، لكنّ الواضح أنّ ما يسعى إليه عبدالله الثاني هو تحصين الداخل الأردني من جهة، والتأكيد من جهة أخرى أنّ لا بديل في نهاية المطاف من قيام نظام مستقرّ قوامه أحزاب تمتلك برامج وحكومة تتولى كلّ المسؤوليات ومعارضة تحاسب، تماما كما في الدول الديمقراطية.

لا وجود لمجال لا تشمله الإصلاحات. لذلك تطرّق العاهل الأردني إلى الرسالة التي وجّهها في العام 2011 إلى مدير المخابرات العامة من أجل “المضيّ قدما في إصلاح هذه المؤسسة الوطنية الرائدة”. كذلك أشار إلى “أنّ الحكومة تعكف حاليا على تفعيل دور وزارة الدفاع لتتولى مسؤولية جميع الشؤون الدفاعية غير القتالية، ولتكون، بالطبع جزءا من الحكومة وخاضعة لرقابة مجلس الأمّة”.

لم يتجاهل الملك دور الملك بقوله أنّه “يقع على عاتق الملكية الهاشمية مسؤوليات توفير نهج قيادي جامع لكلّ المكونات يستشرف المستقبل بهدف تحقيق الازدهار لأجيال الوطن. ويقع على الملك، بصفته رأسا للدولة وقائدا أعلى للقوات المسلّحة، مسؤولية الدفاع عن قضايانا المصيرية المرتبطة بالسياسة الخارجية وأمننا القومي وحماية تراثنا الديني ونسيجنا الاجتماعي وذلك من خلال مجلس الوزراء الذي يتولّى إدارة جميع شؤون الدولة استنادا إلى الدستور”.

لم يترك عبدالله الثاني بابا مرتبطا بتطوير المؤسسات إلّا وتطرّق إليه، بما في ذلك “إنجاز قوانين الحكم المحلي عبر إنجاز قوانين الانتخابات البلدية واللامركزية”.

من الواضح أن العاهل الأردني يضع الأسس لمرحلة جديدة في الأردن تتجاوز تطوير الحياة السياسية والحزبية ومؤسسات الدولة وتوزيع السلطات ودور كلّ سلطة. إنّه يعدُّ الأردن لتكون جاهزة للتعاطي مع المرحلة المصيرية التي تمرّ بها المنطقة. وهذا يعني، في طبيعة الحال، التكيّف مع أي تغيير يمكن أن يحصل كي لا يكون هناك ما يفاجئ الأردن، ويجعلها غير قادرة على حماية نفسها بفعالية.

لم تحم الأردن نفسها في كلّ وقت إلا بمزيد من الإصلاحات السياسية من جهة، وبفضل المؤسسات القوية المتماسكة من جهة أخرى. الحياة الحزبية والبرلمانية في المملكة ليست بنت البارحة. لم تتعطّل هذه الحياة إلا السنوات التي وُجدَ فيها من يريد ضرب المؤسسات مستخدما العنف والسلاح والمزايدات التي قضت على أنظمة عدة، وستقضي على دول عدّة في المنطقة وفي المحيط المباشر للأردن.

ما حمى الأردن، دائما، تلك القدرة لدى الملك على النظر إلى بعيد. الملك الحسين كان استثنائيا. من يتذكّر أنّه أعاد الحياة البرلمانية إلى الأردن في العام 1989، وأن الانتخابات جرت في اليوم نفسه، أو بفارق أربع وعشرين ساعة، عن سقوط جدار برلين. كان بين الزعماء القلائل في المنطقة الذين أدركوا أنّ العالم تغيّر.

الملك عبدالله الثاني يمتلك الميزة نفسها. إنّه يدرك أن المنطقة في حال مخاض وأنّ تحصين الوضع الداخلي جزء لا يتجزّأ من الصمود الأردني. هل أفضل من الإصلاحات والمؤسسات القويّة والحديثة والفعّالة لتأمين هذا الصمود؟


إعلامي لبناني

2) تعليق بواسطة :
20-09-2014 12:56 AM

القضايا ليست بهذا التبسيط لكي تفسَر سطحيا" بقدرات الأقناع " , فكيف يأتي الأقناع اذا كان الجمهور الأردني لا يتابع الأعلام الأردني الرسمي البائس أساسا ولا يصله هذا "الأقناع.
الواقع غير ذلك , الواقع أن الشعب مدرك لزواج السلطه بالمال والفساد والمديونيه الفلكيه وتزوير الأنتخابات المتكرر والأدوار الرسميه الوظيفيه وليس سعيدا أو مقتنعا بهذا , ولكن الشعب الأردني يعرف ويدرك الخيارات الصعبه التي تحيق بالأردن ولذلك تعبًر الأزمه عن نفسها بوسائل أخرى كالعنف المجتمعي .

3) تعليق بواسطة :
20-09-2014 02:57 AM

الله يعطيكم العافية يا سحيجة ما ضيعنا غير انتوا و النسور و عدم إدراكه بإيجارات المنازل في الشمال خصوصا إربد ...يالي رجعوا أهل إربد الى 50 سنة للوراء

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012