عبدالهادي الراجح

دروس التاريخ كثيرة ولكن الأصنام المحنطة لا تقرأ ولا تسمع لأنها أصنام مبرمجة ، استطيع أنا المواطن العربي المقهور أن أحتفل ولأول مرة بالعام الجديد وأن أنظر للغد بأمل كبير وبكل ما هو أفضل لوطني وأمتي العربية ، الأصنام كما أسلفت لا تقرأ دروس التاريخ ونهاية الطغاة الذين هم في الحقيقة أضعف من الذباب فهذا نظام الطاغية المخلوع من شعبه المدعو زين العابدين لم يصمد شهرا أمام الثورة الشعبية وسقط نظامه وهرب الطاغية كالجرد المذعور أمام الثورة الشعبية التي قام بها الشعب التونسي البطل وإذا نظام الدكتاتور الهش أضعف من خيط العنكبوت رغم آلة القمع البوليسية الضخمة التي يمتلكها الطاغية المخلوع ، ولكن شعب تونس العظيم الذي قال شاعره الكبير أبو القاسم الشابي (( إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ، لا بد لليل أن ينجلي ، لا بد للقيد أن ينكسر )) .

الطاغية زين العابدين وأقرانه لم يقرأو تاريخ الشعب العربي الذين ينتمون إليه ، شعبنا العظيم الذي ثار على الاستعمار وطرده هؤلاء الدمى من حراس براميل سايكس بيكو المصطنعة بين أبناء الأمة الواحدة الذي أفرزهم الاستعمار قبل رحيله ولم ينتبه شعبنا العربي الكبير الذي كان مهتما بقطع رأس الأفعى ولكنه لم ينتبه للذنب الذي غذاه الاستعمار حتى أصبح أشد قسوة من الاستعمار ذاته .

ثورة الشعب التونسي البطل أعادت للأمة العربية قيمتها وأثبتت للعالم أجمع أن هذه الأمة لم تمت وأن الثورات العظيمة التي طردت الاستعمار كامنة في كل النفوس والقلوب العربية ، ولعل تجربة هذا الطاغية الذي تم خلعه الدليل ألأكبر على ذلك ورفض أسياده المستعمرين الأمريكيين والفرنسيين وغيرهم استقباله وهم الذين سبق وأن أثنوا على هذا الطاغية وباركوا سياسيته القمعية ضد شعبه كما باركوا سياسة غيره من الأصــنام .

اليوم ها هم يرفضون استقباله بعد أن أصبح ورقة محروقة وجثة عفنة تنتظر الدفن ، للأسف استقبلته الدولة المعروفة وبذلك كسبت غضب الشعب التونسي كما فعل الطاغية المقبور أنور بني صهيون السادات عندما استقبل شاه إيران المخلوع الذي رفضت أمريكا التي أوجدته استقباله وأوجد الخائن السادات خلافا بين الشعب الإيراني المسلم الجار والشعب العربي في مصر.

لا شك أن سقوط هذا الطاغية المجرم قد خلق حالة قلق وارتباك لدى كل الأصنام المحنطة الذين لا يختلفون عنه شيئا ، لقد ارتعدت الأصنام خوفا من المصير خاصة أنهم يعلمون أن أسيادهم لم يستقبلوهم بعد انتهاء دورهم المرسوم وإرسالهم إلى مزبلة التاريخ ، إن هؤلاء الأصنام يعلموا أن بقاءهم أصبح مستحيلا وإصلاحهم أكثر استحالة ، ولذا ليس عليهم إلا الرحيل .

إن الثورة قادمة والتغير قادم وابتدأ عصر الشعوب وما حدث في تونس الشقيقة ما هو إلا بداية عصر الشعوب وسقوط الأصنام ، لقد قامت الثورة من حيث لا يتوقع أحد وأصبحت الأصنام جميعها خائرة مرتعدة خائفة من المصير المحتوم ، ولعل الحضور الجماهيري لشعبنا العربي أمام السفارات التونسية في البلاد العربية يحمل دلائل واضحة ورسالة واضحة اليوم لكم وغدا لنا وعلى كل الطغاة في عالمنا العربي أن يحملوا أدواتهم وعصيهم وأن يرحلوا فقد بدأ عصر الشعوب .

نبارك للشعب التونسي الحر العظيم استقلاله الحقيقي الذي صنعته تضحياته العظيمة وليعلم باقي الأصنام أن القبضة البوليسية لم تفيدهم  والدليل صنم تونس وطوابير العملاء لن تنفع شيئا لأنها تبيع نفسها لمن يدفع ، لقد قلنا بدأ عصر الشعوب وسقط أول الأصنام ، المجد والخلود للأمة العربية ولتضحيات الشعوب التي ستزيل باقي الأصنام وللغد لناظره لقريب .

وبعد يقول الزعيم جمال عبد الناصر (( إن الشعب هو القائد وهو المعلم وهو صانع الثورات ومحرك التاريخ وهو الباقي وليس الأشخاص مهما كانت أدوارهم ))

alrajeh66@yahoo.com