أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


موسى العدوان يكتب :مؤتمر رئيس الوزراء هل دحض الإشاعات أم أكدها؟

بقلم : فريق ركن متقاعد موسى العدوان
02-10-2014 12:30 AM
عرض دولة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور مع وزير الداخلية ووزير الإعلام ورئيس هيئة الأركان المشتركة ، في مؤتمرهم الصحفي عصر يوم الثلاثاء 30 / 9 / 2014 مسرحية إعلامية بغرض إيضاح الحقائق ونفي الشائعات ، التي تناقلها الناس حول ما سمي بكنز هرقل . الإعلاميون الذين حضروا شخصيا المؤتمر في دار رئاسة الوزراء ، ومن تابعه على شاشة التلفزيون الأردني ، استطاعوا قراءة عيون المسؤولين الأربعة ، في عدم قناعتهم الشخصية بما ورد على السنتهم .
اعترَفَ دولته بعدم معرفته فيما جرى بمنطقة عجلون ، إلا بعد أن سمع الإشاعات التي تناقلها الناس . وادعى بأن هذا السبب في تأخره كصاحب ولاية عامة في التوضيح للمواطنين حول ما حدث . وها هو الآن كوزير للدفاع يخرج عن المألوف ، ويكشف مضطرا أسرارا عسكرية لا تفعلها دول العالم . ولكون هذه الأسرار تشكل خطورة وتؤثر على الأمن الوطني ، فقد طلب من رئيس هيئة الأركان المشتركة المساهمة بهذه المسرحية وحمّله صحة روايتها .
من حقنا كمواطنين يهمنا أمن الوطن وسلامته ، أن نقرأ التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الأربعة في ذلك المؤتمر الصحفي ، ونخضعها لمحاكاة منطقية تستنتج الحقائق وتستبعد الأوهام ، لكي نضع حدا للشائعات المغرضة . ولعل النقاط التالية تلقي الضوء على بعض جوانب الموضوع ، الذي قد يستدعي صناعة مسرحية جديدة ، تصحح ما ورد بتوأمتها السابقة يوم الثلاثاء الماضي :
1. ذكر دولته أننا في حالة حرب ، وهي حالة تتطلب منه كوزير للدفاع أن يتواجد في غرفة العمليات العسكرية لمتابعة مجرياتها ، وليس مرتديا ثياب الإحرام كما فعل في العام الماضي . فالدفاع عن الوطن والجهاد في سبيل الله له أجر عظيم . رغم أنه كان مكرها على إلغاء ما كان ينوي الإقدام عليه في هذه الظروف الحرجة .
2. الإجراءات التي تم تطبيقها في الموقع من حيث فرض الطوق الأمني على منطقة واسعة ، ومنع المواطنين من سلوك الطريق أو الوصول إلى أراضيهم ، وتواجد آليات ثقيلة ومركبات غريبة مع أشخاص أجانب لفترة تزيد عن 20 ساعة ، إضافة لتصريحات المسؤولين المتضاربة ، أدت إلى الاشتباه بالعمل وانتشار الإشاعات .
3. أجهزة التجسس تكون عادة بحجم صغير يسهل إخفاءها ، وليس بأحجام كبيرة تتطلب شاحنات ورافعات ثقيلة لانتشالها ونقلها بعيدا عن موقعها . ثم نسأل أساسا كيف تم زرعها في تلك المنطقة وهي تحتاج لهذه المعدات الثقيلة ؟ فهل كانت المنطقة خالية من السكان ؟ وكيف دخلت من الحدود دون علم الحكومة الأردنية في حينه ؟
4. الإسرائيليون ليسوا أغبياء ليقوموا بدفن أجهزة تجسس ، في مغارة عمقها متر ونصف تحت سطح الأرض ، بدلا من زراعتها في أماكن مرتفعة فوق سطح الأرض ، لتسمع ما يدور في المنطقة وتنقله إلى مرجعها مباشرة .
5. كيف لتلك الأجهزة أن تحافظ على فعاليتها لمدة 45 عاما دون أن يطالها الصدأ وتتلف بعض أجزائها ، نتيجة لرطوبة الأرض وعوامل الطبيعة الأخرى ؟ أم كان العدو يقوم بإجراء صيانة دورية لها في موقعها دون أن يكتشفه أحد ؟
6. ما هي الأهداف المهمة التي يرغب العدو بالتجسس عليها من باطن الأرض في تلك المنطقة ، وتتطلب ربط تلك الأجهزة بمواد متفجرة ؟ هل هي للتنصت على تفجيراتنا النووية تحت سطح الأرض ؟ أم هي لمتابعة صناعاتنا العسكرية السرية ومشروعنا النووي العسكري الخطير قريبا من موقع هرقلا ؟
7. إن وجود هذه الأجهزة التجسسية في أراضينا لمدة 45 عاما ، دون أن تكتشفها استخباراتنا العسكرية ومخابراتنا العامة ، ولا تستطيع نزع المتفجرات عنها عند اكتشافها كما في الرواية الرسمية ، يعني تقصير خطير في أجهزتنا الوطنية . وهذا يسيء للقوات المسلحة ولدائرة المخابرات العامة المشهود لهما بمهنيتهما العالية في مثل هذه الأمور وغيرها .
8. أن نطلب من الإسرائيليين القدوم إلى الموقع ونزع المتفجرات ، واستخراج أجهزة التجسس التي زرعوها حسب رواية المتحدثين أمر مؤسف ، وفيه اختراق لأمننا وانتقاص من قدرتنا الاحترافية .
9. لا أعرف ما هي الأسرار العسكرية التي ادّعى وزير الدفاع أنه مضطر للكشف عنها ؟ هل هي خطط دفاعية عن الأردن أو خطط تعرضية مستقبلية للهجوم على عدو محتمل ، وعلينا أن نبقيها تحت نطاق من السرية الشديدة ؟ ولعلم دولته أنه حتى الخطط العسكرية السابقة يمكن الكشف عنها بعد انقضاء مدة محددة من الزمن عليها .
10. لماذا لا تقدم الأردن شكوى للأمم المتحدة على انتهاك اسرائيل لسيادة الأردن وزرع معداتها التجسسية داخل أراضيه ؟ هل من المعقول أن نسلمهم تلك الأجهزة سالمة ، ونقدم لهم الشكر على نزع المتفجرات منها وإخلائها دون أن تنفجر وتسبب الضرر للمواطنين ؟
11. والآن بعد انتهاء المهمة وعودة المخزونات إلى مصدرها ، لماذا تمنع الحكومة صاحب الأرض من الحفر في أرضه والتصرف بها حسب رغبته ؟
على كل حال إذا افترضنا أن رواية الحكومة صحيحة ، فعلينا أن توجه باللوم إلى المرحوم هرقل كبير الروم ، الذي خاطبه الرسول عليه السلام بدعوته للإسلام ، ولكنه توفى قبل أن يفعلها وأورثنا مغارة خاوية يستغلها الإسرائيليون للتجسس علينا . لقد أحبطَنا هرقل وحرمنا من كنزه الثمين ، الذي علّقنا عليه آمالا كبيرة في سداد مديونيتنا الفلكية . واستبشرنا به الخير في وداع الفقر والبطالة ، والتحول من دولة تستجدي المعونات ، إلى دولة تنعم باقتصاد مزدهر يعيش أهلها في رخاء . ولكن الأمور جرت بما لا تشتهي السفن . ولكننا لن نفقد الأمل بصديقنا المرحوم ،عسى أن يكون قد خصنا ولو بكنز صغير في مغارة أخرى لم يصلها الإسرائيليون .
دولة الرئيس : طالما أنكم تدعون للشفافية ، فاسمحوا لي أن أكون شفافا معكم وأصارحكم بأن المسرحية التي قدمتموها عصر الثلاثاء الماضي ، كانت مسرحية بائسة سيئة الإخراج ، ولم تقنع أحدا من أبناء الشعب الأردني المثقف رغم سكوته على مضض . فإن كنتم قد سعيتم لدحض الإشاعات ، فإن هذه المسرحية قد أكدت الإشاعات وعززت عدم ثقة المواطنين بكم ، إلا من جهة فرض الضرائب .
أقترح عليكم يا دولة الرئيس كمواطن يحب نصحكم بلا مقابل ، أن تجعلوا هذه المعركة الإعلامية الفاشلة نهاية ولايتكم ، وأن تعودوا لتأدية فريضة الحج للمرة الثانية في السنة القادمة ، لعلها تكون كفارة لما سلف وعفى الله عما مضى ، بعد أن حققتم كل ما تصبون إليه من متاع الدنيا .

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012