25-10-2014 02:12 PM
كل الاردن -
غالباً، يموت المقاتلون الأردنيون، الذين التحقوا بصفوف الجماعات الإسلامية المتشددة في سورية بصمت، وهم الذين زاد عددهم على المئتين وخمسين قتيلاً.
تصل، في العادة، رسالة نصية من أحد قيادات 'التيار السلفي الجهادي' إلى هواتف الصحافيين 'تزفّ شهيداً'، وتتحوّل إلى خبر يتكرر مراراً وتكراراً حتى لم يعد مقروءاً، ومن ثم يقام تأبين يسيطر عليه حضور أتباع التيار وقلّة من المعارف والأصدقاء، وينتهي الأمر. لكن مقتل جهاد غبن، كان حدثاً مختلفاً.
جهاد شاب أردني يبلغ من العمر عشرين عاماً، فاجأ عائلته وأصدقائه منتصف العام 2013 عندما ترك دراسته بعد فصل واحد من التحاقه بتخصص اللغة العربية في الجامعة الأردنية، مغادراً المملكة إلى سورية، ليلتحق بصوف 'جبهة النصرة'. هم أنفسهم فوجئوا ليلة الجمعة ـ السبت بمقتله على أيدي قوات النظام خلال عملية كان يشارك في تنفيذها، حسب ما نشر أحد رفاقه على صفحته الشخصية على 'فيسبوك'.
خلافاً للمئات الذين غادروا الأردن للقتال ضد النظام السوري، لم تنقطع أخبار جهاد، الذي بقي على تواصل عبر صفحته على 'فيسبوك'، محرّضاً على الالتحاق بالقتال، وناشراً لأخبار المقاتلين الأردنيين، ليبقى حاضراً رغم الغياب،فقد نشر عدة صور لمقاتلين أردنيين في صفوف النصرة.
ينتمي الشاب العشريني إلى عائلة متوسطة الحال، تسكن أحد أحياء عمّان الشرقية الفقيرة، وبرز مطلع عام 2011، كأحد الناشطين في 'الحراك الإصلاحي' الذي عمّ المملكة في غمرة الربيع العربي، فهو نادراً ما كان يتغيّب عن فعالية أو نشاط مطالب بالإصلاح، بغضّ النظر عن الجهة المنظِّمة يسارية كانت أم قومية أم إسلامية أم ليبرالية، متجاهلاً تنشئته الإسلامية التي تبلورت في جماعة 'الإخوان المسلمين'.
مطلع العام 2013، ظهر الشاب الذي تقرّب حينها من أحد الأحزاب اليسارية، في مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي يعلن عن مقاطعته للانتخابات النيابية التي أجريت في 23 يناير/ كانون الثاني من ذلك العام، ويدعو لمقاطعتها على اعتبارها انتخابات مزورة.
كان يطمح ليكون صحافياً، والتحق بدورات تدريبية في إحدى الإذاعات المحلية، وتطوّع فيها مراراً في تغطية الفعاليات، وعندما التحق بـ'جبهة النصرة'، عمل في المكتب الإعلامي في الجبهة، كما يقول في إحدى كتاباته في 'فيسبوك'، معبّراً عن إعجابه بأن الجبهة وفّرت له معدات للعمل الصحافي كان يحلم بامتلاكها خلال وجوده في الأردن.
من أكثر الألقاب التي رافقته خلال وجودة في الأردن 'جهاد شعراوي'، نسبة إلى مصنع للعلكة عمل فيه، حيث غالباً ما كان يحتفظ بكميات من العلكة في جيوبه يقدمها لكل مَن يقابله.
صداقاته مع الناشطين، باختلاف توجهاتهم، قبل مغادرته الأردن، بدت واضحة على ما كتبوه على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، فور ورود خبر مقتله المدعوم بصورة للجثمان. الأصدقاء المقربون منه، من غير المؤدلجين، وصفوه بـ'الشهيد'، مبدين حزناً عميقاً على فقدان صديق، فيما نعاه منتمون لجماعة 'الإخوان المسلمين'، محمّلين النظام السوري المسؤولية عن قتله وقتل الشعب السوري الذي دفع جهاد للمغادرة لقتاله
أما المنتمون للأحزاب القومية واليسارية التي تؤيد النظام السوري وتنخرط في حملة 'الدفاع عن سورية في وجه المؤامرة'، فلم يوجهوا كلاماً جارحاً كعادتهم في التعليق على خبر مقتل جهادي أردني في سورية، فمعظمهم يعرفون الشاب من خلال حراكه الإصلاحي الذي كانوا هم أنفسهم منخرطين فيه، فتمنوا له الرحمة، معتبرين أنه ذهب ضحية للفقر والتجهيل.
الناشط الحراكي عبدالله المحادين رثى الشاب جهاد رفيق دربه في الحراك الأردني وقال :
الأردن اللي جهاد كان يموت فيها، يهتف على فاسديها ، يرش عحيطانها، يوزع بروشورات الها، يوقف مع معتقلي الرأي فيها، يظل تحت الشمس والبرد لترابها، يستنى اعتصام 5 ساعات عشان ما معاه غير حق مواصلات مرة واحدة لعيونها ، يدور عالحقيقة عشانها. كان كثير مرات ينامله عالرصيف شوي –مع الشنتة ما غيرها طبعا- من التعب بحلمه بأردن أجمل ومن الطفر اللي بمنعه يروح وييجي عالبيت أكثر من مرة في اليوم.
وتابع المحادين كتابته على مواقع التواصل الاجتماعي يرثي صديقة 'كان دايما داير في شنتته، شنتته فيها كتب لسيد قطب ولينين وعبدالله عزام وماركس وأبو مصعب السوري و مكسيم جوركي، بحياتي ما قابلت شخص ميت يلاقي طريقه قده، يوم تلاقيه مع الإسلامي يوم مع الشيوعي يوم مع البعثي، يوم تلاقي صورته عالفيسبوك أبو علي مصطفى ويوم تلاقيها أسامة بن لادن، كان يسمع للشيخ إمام وفيروز وأطياف الاستشهاد، كنا نقول عنه مو عارف وين الله حاطه متناسيين إنه لو إحنا نفسنا عارفين وين الله حاطنا كان آمن فينا و ظل بينا وبنى هالبلد اللي ما كان لاقي فيها ولو فسحة صغيرة يكبر ويصير ويفجر طاقاته اللي لا يمكن إنسان ما عرفه يتخيلها. جهاد هسا في الجنة، أكيد في الجنة لإنه في رب لا يمكن يحمّل هالروح الطاهرة كل هالأوزار النجسة'.
الناشط فاخر دعاس رئيس حملة 'ذبحتونا' والتي تختص بالدفاع عن طلاب الجامعات الاردنية قال عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي 'الفيسبوك'
جهاد غبن ابن العشرين عاماً توفي في سورية بعد أن انتقل إلى هناك للقتال إلى جانب جبهة النصرة..تعرفت على جهاد في الحراك وكان شخصاً متحمساً جداً للعمل والتضحية وكان مشتتاً لدرجة أنه أبدى رغبته في أحد الأيام الانضمام لشبيبة الحزب على الرغم من خلفيته الإسلامية المتشددة،عرفت لاحقاً بأن جهاد التحق بالجامعة الأردنية وكان قريباً من الاتجاه الإسلامي. وكانت المفاجأة مغادرته الأردن ليلتحق بجبهة النصرة.
جهاد ضحية الفقر والتجهيل .. جهاد ضحية مجتمع لم يستطع ونظام لم يرغب باستغلال طاقات شاب متحمس ليتركه فريسة لتنظيمات التخلف .. رحمك الله يا جهاد على أمل أن لا نخسر المزيد من شبابنا في هذا الصراع.
في أحد معسكرات جبهة النصرة
صورة من الصفحة الشخصية للشاب ويقول :
عُمراً قضيناهُ معاً أتُرى يعود
مشاركة له في أحد اعتصامات دوار الداخلية
مكان عمل الشاب سابقا.
الشاب جهاد مستلقيا بعد إنتهاء التحضير
لمسيرة انطلقت من الجامع الحسيني في وقتها
كل الأردن والعربي الجديد