أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


ليالـي «العنـف والنووي» فـي فيينا..!!

بقلم : حسين الرواشدة
24-11-2014 12:40 AM
فيما كان المشاركون في مؤتمر» متحدون ضد العنف باسم الدين « الذي نظمه مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين اتباع الاديان والثقافات (كايسيد) في العاصمة النمساوية (فيينا ) يلملمون أوراقهم لاشهار بيانهم الختامي ، كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية القريبة من فندق هيلتون - مكان انعقاد المؤتمر - تستعد لانطلاق مارثون المفاوضات الحاسمة بين طهران والدول الكبرى(5+1) حول الملف النووي الايراني.
في قاعات وغرف الفندق التي حجزت لاستقبال نحو 100 شخصية يمثلون قيادات دينية وسياسية من مختلف الأديان والدول ولخبراء توزعوا على عدة لجان لمناقشة محاور محددة حول التنوع الديني والثقافي ، ودور التعليم ووسائل التواصل الاجتماعي والحواضن الاجتماعية في العنف، كنت ارصد ما يدور من حوارات ومناقشات هادئة احيانا وصاخبة احيانا اخرى ، في اليوم الاول لم يسمح لغيري من الصحفيين بالدخول الى القاعة التي افتتح فيها المؤتمر ولا الى القاعات الجانبية التي خصصت لمداولات الخبراء ، بالنسبة لي كانت مشاركتي - كخبير لا كصحفي - فرصة لمعرفة ما يدور ، ليس من خلال ما سمعته من عشرات الذين خطبوا على المنصة او الاخرين الذين قدموا مداخلاتهم واقتراحاتهم ، وانما ايضا من خلال رصد حركة ابرز الفاعلين ولقاءاتهم التي جرت وراء الكواليس ، اضافة الى لقاءات جانبية مع بعض المشاركين الذين «يحلو» لهم احيانا ان يسربوا ما «بداخلهم «بعيدا عن الاضواء ودون ان يتحملوا مسؤولية نشرها طبعا.
استأذن بتأجيل تفاصيل المؤتمر لمقالات قادمة ، لكن ثمة مفارقات عديدة استوقفتني ،الاولى ان العرب وبعض الاصدقاء الذين شاركوا في المؤتمر بدعوة من المركز في فندق هيلتون وسط العاصمة فيينا ( المركز تشارك فيه السعودية والنمسا واسبانيا والفاتيكان ) احتشدوا لبحث مشكلة التطرف باسم الدين ، فيما كان الايرانيون -على بعد مئات الامتار - يخوضون معركة مفاوضات مع اللاعبين الكبار حول «قنبلة « ايران النووية ، وبالتالي فان مشكلة العرب كما عبر عنها المؤتمر كانت «داعش» والعنف الذي تمارسه التنظيمات الاسلامية باسم الدين وهدف المشاركين الذين احتشدت قياداتهم الدينية هو التوافق على موقف موحد ضد هذه الممارسات ، اما مشكلة الايرانيين فهي «القنبلة « النووية التي لاتعني لايران فقط امتلاك السلاح المدمر او اقامة المشروعات السلمية باستخدام الطاقة الذرية وانما تعني لهم انتزاع اعتراف دولي بايران كقوة اقليمية معتبرة بما يضمن لها دخول نادي الكبار وتأمين حصتها في بناء مستقبل هذه المنطقة.
ثمة مفارقة اخرى صغيرة ولكنها دالّة تتعلق ببلدنا كان مسرحها ايضا ذات المكانين: هيلتون والوكالة الذرية، ففيما حظيت التجربة الأردنية في مجال مواجهة التطرف والعنف وفي مجال الاستثمار في التنوع التي عرضها مفتي عام المملكة الشيخ عبدالكريم الخصاونة في كلمته امام الحضور بالاعجاب والتقدير ، كانت اللقاءات التي جرت بين صحفيين أردنيين وموظفين في الوكالة الذرية قبل أيام بغرض اطلاعهم حول تجارب العالم في الموضوع النووي واهميتها واجراءات السلامة العامة..الخ ،قد انتهت إلى مجرد تقرير وتغطيات صحفية مختصرة ، دون ان تحرك او توجه النقاش العام حول المشروع النووي الأردني الذي ذكر لي بعض الخبراء -هناك - انه يمثل أهم فرصة أمام الأردن للدخول في عصر «النهضة « من أوسع أبوابة..ليس في مجال الطاقة فقط وانما في مجال العلوم والمعارف والتقنية ايضا.
للاسف، غاب الايرانيون (الشيعة) والاتراك (السنة) عن المشاركة في مؤتمر «مواجهة العنف» مع أنهم أبرز الفاعلين والمؤثرين في الموضوع، تماما كما غاب العرب عن طاولة التفاوض مع اللاعبين الكبار حول دورهم في تحديد مستقبل المنطقة ، وللاسف ايضا ما نزال في بلدنا نتبادل الاتهامات والمخاوف وصكوك عدم الثقة حول مشروعنا «النووي « الذي ربما يكون بالنسبة لنا مشروع القرن -العمر : ادق- لو احسنا ادارته والتوافق عليه ليكون مشروعا وطنيا بامتياز .
المؤتمر ،كما قال مدير المركز د.فيصل بن معمر، لا يستطيع ان يحل مشكلة العنف في منطقتنا ولكنه يمكن ان يساهم في تقديم المساعدة لمن يحتاجها ، هذا بالطبع صحيح ، لكن هل ينطبق ما قاله ايضا على دولنا العربية التي استغرقت في صراعاتها ؟ ربما ، فهي الان للاسف لاتستطيع لوحدها ان تحل المشكلة او تنقذ شعوبها من ويلات الحروب وشلالات الدم، لكنها تستطيع ان تساعد، بل يجب ان تساعد نفسها قبل ان تنتظر العون من الاخرين ، كما يجب ان تخرج من هذه الورطة التاريخية التي دخلت اليها بقدميها، ولن تخرج إلا إذا امتلكت مشروعها الخاص بها اسوة بمن حولها من دول الاقليم المتنفذة، وعندها يمكن ان تجلس على الطاولة بدل ان تظل مجرد ورقة للنقاش والتداول بين الكبار الذين يحددون وفق مصالحهم مستقبلنا ، ويرسمون خرائطنا ..ويفاوضون انفسهم بالنيابة عنا..!!
نكمل غدا إن شاء الله

(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-11-2014 02:15 AM

رجال الاعلام هم ضمیر الامة
وحملة مشاعل التنویر . وعلى الكتاف الصادقين منهم تنهض الامه بكافة مجالاتها .. وتتبلور مشاريع النهضة والاصلاح . تحيه للكاتب الى الان .. حتى نقرأ مقال الغد المتمم .

2) تعليق بواسطة :
24-11-2014 01:58 PM

تركت الارهاب الصهيوني والصليبي العالمي ومسكت العنف باسم الاديان !
اعطي هذه الجماعات الدينيه الجهاديه فرصه ربما تكون على صواب

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012