أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


حروف سريعة الاشتعال...! ( 2 )

بقلم : بسام الياسين
26-11-2014 11:01 AM
يرتقي المجتمع الى ذروة الحضارة،وقمة الطهارة،اذا اكتملت لديه شروط معادلة الحق والعدالة.عناصرها الذهبية: حاكمُ زاهدٌ في دنياه،يُحَصّنَ دولته بالعدل.قاضٍ صارم يُطبقَ القانون بلا استثناءات.عَالِمُ يخشى ربه في كل نأمة .تاجر يتقي الله في بيعه وشرائه.كاتب يهتدي بنور ضميره،يكتب بمداد قلبه،يؤمن ان رزقه ورزق عياله من الواحد الاحد،لا احدَ غيره.لا يطمع في ثواب ولا يخشى عقاب.جندي لفحته شمس الصحراء صيفاو يشيل بندقيته على كتفه في الزمهرير شتاءً،ومزارع يقبض باصابعه المعروقة على منجله، ويحصد قمح بلاده،رافضا استيراده لان في ذلك استعباده.

*** إنتهجت الحكومات العاجزة،ايام الاحكام العُرفية البغيضة،سياسات ظالمة.فرسانها ساسة مستبدون.تبنوا شعاراً كريهاً :' العاجز مَنْ لا يستبد'.لإحكام الطوق على الرقاب.لجأ ازلامها العُرفيون، لإقذر وسائل الظلم،و اسوأ اساليب التخريب.زرعوا ثقافة الارتزاق في الاجيال،بمنح صكوك غفران التوظيف والهبات والبعثات حتى بلغت التخمة بالمغفور لهم والمرضي عنهم من المُتكسبّين ان قتلت فيهم روح المبادرة والمغامرة. بإعتمادهم المنحرف على الامتيازات والمكرمات،وضربهم عرض الحائط بالحقوق والواجبات.كانت النتيجة ان عزف الشباب عن الانتاج والتهرب من الدوام.فاصبحت الوظيفة،ايقونة مقدسة عند الكسالى و اهل الوجاهة رغم انها قاتلة للشخصية.ادركت الحكومات السر فتحكمت بـ 'عبدة شيطان الوظيفة'،ناهيك عن حاجة الغالبية لها لانها باعت الارض وتاجرت بالشهادات.على الضفة المقابلة إبتدعت الحكومات العرفية صكوك الحرمان من التوظيف، وسحب جواز السفر من المغضوب عليهم ،وقتلهم معنوياً،بتهم مفبركة..فالقتل المعنوي لا يقل بشاعة عن القتل الدموي .'ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها و غضب الله عليه ولعنه واعدَّ له عذاباً عظيماً' .لتبرير الجريمة اصدر علماء السلطان فتوى،بان الممنوع من العمل والسفر، شيطان رجيم، لا تجوز عليه صلاة. لكن عباقرة المتنفذين ادركوا متأخراً ان نقمتهم على المغضوبِ عليهم،إنقلبت الى نعمة لهم،فلم يقتلوهم كما خططوا، و انما فجّروا ابداعاتهم، وحولوا مآسيهم الى تميز.

*** في عمان الغربية صالون سياسي عامرُ بالمستوزرين والحالمين بوظائف ذهبية،ومكتظ بالناقمين و الساخطين على الدولة.اللافت،ان جُلهم يُعانون من امراض الشيخوخة،ومشكلات في البروستات.لكن اللافت اكثر، تلك اللوحة الجميلة المكتوبة بخط ذهبي،معلقة،فوق رؤوسهم الناطقة باحوالهم: (إحنا اصحاب الشعارات...اهل الكولسات...إحنا كلمنجية اليوم..فراعنة ايام زمان.حرفتنا الحالية فبركة الشائعات.وادعاء القدرة على حقن نطفة 'فيل' في رحم 'نملة'.لكننا عاجزون عن اطلاق طلقة تنوير، اوفعل تغيير.تماماً كقادة حزب 'الكنبة'، الراغبين في تغيير العالم بعد ان بلغوا من العمر ارذله،وهم يرتدون البيجامات في غرف النوم دون تجهيز انفسهم ـ بحبة فياجرا ـ لرفع خيمة اعتصام بوجه قوى الشد العكسي إحتجاجاً على انغلاق الافق السياسي..

*** الله هو العليم الخبير بشؤون خلقه،فلا تيأس من روح الله مهما دارت عليك الدوائر.ولا تبتئس حتى لو شددت على بطنك حجراً من الجوع،و مشيت حافياً على جمر الصحراء.تلك حكمة ربك.هو ادرى بك منك.اقدامك العارية سترسم على تراب الوطن اثرك و اثارك،وتترك على رمل الصحراء بصمتك وخط مشوارك.مما يعطيك احساساً بانك كائن حي لصيق بارضك.لا تجزع حتى لو اكلت الحجارة لحم اقدامك،و لا تمُدَنَّ عينيك الى من ينتعل حذاءً ثميناً،او بسطاراً ثقيلاً،ويمشي في الارض مرحا،'فهو لن يخرق الارض،ولن يبلغ الجبال طولا'.حُقَ لك ان تفخر بنفسك.لانك تركت بصمةَ على الطرق الوعرة، بينما هم لم يتركوا اثراً على الطرق المُبلطة، سوى ضجيج قرقعة و صخب طرقعة. فلا تخدعنّك اذاً المظاهر الخادعة.

*** ينهارُ المجتمع حين يخفق افراده في تحدي الظروف الصعبة،و الازمات الطاحنة. فالاستجابة للتحديات تعزز قدرة المجتمع على الثبات،و تعطية مرونة الحركة والحيوية،فيما الاستكانة تدفعه لشيخوخة مبكرة،وتوّلد عنده امراضاً متعدده تَضعف جهازه المناعي. امراض مجتمعنا المزمنة لم تأتِ صدفةً،إنما جاءت ثمرة افلاس 'النخبة الحاكمة' و غياب 'القدوة المؤثرة'.فالبوصلة المعطوبة تجر اتباعها للهاوية.

*** تسقط الشعوب لا محالة،حينما يكون قادة رايها قناصي منفعة،ومجلس نوابها خاتماً مطاطياً تارة و بصمة على مضبطة 'مثل هيك مضبطة' تارة اخرى. اما كُتابها فمرتزقة ،والقائمون على إعلامها حُثالة مكررة، يحاولون شتى السبل جرجرة المُتلقي،بكل الطرق الى بيت الطاعة الرسمي...،تلك هي المهزلة.

*** احدى عجائبنا،ان بحرنا 'ميت'.خليجنا 'عقبة'.انهارنا 'ضحلة'.امطارنا 'شحيحة'.مياه احواضنا المائية 'مسروقة' والمضخوخة بالانابيب 'ملطوشة' بتحويلات سرية لدرجة انها تصل للمواطن بالقطارة،هذا ان وصلت.المفارقة اننا نفقد سنوياً من الغرقى،ما لم تفقده الدول المشاطئة للمحيطات مجتمعة،و اضعاف ما تفقده هولندا القابعة تحت سطح البحر التي سُميت 'البلاد المنخفضة'.المحزن ان معظم ضحايانا يموتون في'قناة' الغور الشرقية،وفي البرك الزراعية...ان لم تصدقوا فاسألوا العميد فريد الشرع في الدفاع المدني.

*** ميت او شبه ميت من يمضي عمره خلف الطاوله، ينفذ التعليمات كآلة صماء او يقضي دوامه في التسلية بالكلمات المتقاطعة كجثة محنطة...الانسان الحي من يقلب الطاولة على 'الغلط'،ويتحدى اوامر سيده الخاطئة وتوجيهاته الفاسدة ولو مرةً واحدة ،:،و الا فانه واحد مسخرة او قنطرة مقنطرة للعبور ليس الا.

*** 'ابوك' ليس افضل الرجال،و'امك' ليست سيدة النساء.هذا ما قاله العلم و اثبتته تجارب المختبرات،واخذ به العقل واستساغه المنطق،لتماهيه مع سُنن الكون الطبيعية.فالحمض النووي للانسان في القارات الخمس متشابه.اجمعت الاديان السماوية، ان ابانا آدم من تراب والى تراب.فارق الالوان و الاشكال جاء بسبب اختلاف 'الحوض الجيني'/ الوراثي. نعم ،ابوك افضل الناس،بسبب انه'نفظك'،فـ 'كل فتاة بابيها معجبة' حتى ان علماء النفس،ذهبوا باعجاب الفتى بامه والفتاة بابيها مذاهب كثيرة،حتى ان بعضهم تجاوز الخطوط الحمراء.ما ينطبق على ابيك ينسحب على امك، لانها هي التي 'مزطتك'.هذه كل الحكاية إضافة الى لعبة الهرومونات المعروفة....لمعت هذه الخاطرة بذهني عندما اخذت مصطلحات كريهة تنتشر في مجتمعنا، بشكل لافتِ ،مثل :'انت عارفَ مع مين بتحكي' او' مش معروفة قرعة ابوه منين'، 'الزمي حجمك واعرفي بنت مين انا' 'وقعتك سودا انت عارف وقعتك مع مين'. نعم انا اعرفك.. يا 'ملعون الوالدين:'،انت واحد نُطفة..ابن نطفة'.

*** هل فكرت قبل ان تتجه الى القبلة ،وتخاطب ربك بقولك: 'وجهت وجهي للذي فطر السموات و الارض حنيفاً مُسلماً'،وقبل ان تشرع في صلاتك ان تتدبر قوله تعالى 'ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر'.فتبدأُ فوراً بالتوقف عن 'النَّم'ِ على غيرك،والافتراء على من حولك،وكف شرك و اذى لسانك على زملائك،والخوض في اعراض جيرانك، وحرمات معارفك.إن لم تفعلْ لن اتحمل وزرك،واقل لك ان صلاتك لن تنفعك. فهذا شائنك وحسابك عند ربك،لكنني اهمس باذنك:ان استيقاظ ضمير ثعبان،ونزع سُمٍ من فك افعى اهون من اصلاحك.

*** بعد ان كسر الشعب حاجز الخوف من الدولة،وزادت حركة اشتداد المشاجرات المسلحة،وسرعة ارتفاع مناسيب جرائم القتل البشعة،التي لم يقترفها المتوحشون في مجاهيل افريقيا. اصبح واجب الحكومة قبل التغتي بالامن و الامان،ان توقف دائرة العنف العنيفة، الدائرة في كل مكان.أُذكر الناس ان سويسرا الفقيرة بمواردها الطبيعية مثلنا، صدّرت ساعات قيمتها (13) مليار دولار في سبعة اشهر.و اذكر اهل القرار بعد ان بلغت مديونيتنا (30) مليار دولار بنصيحة الرئيس الامريكي ترومان لاصدقاء امريكا:' اذا اردت صديقاً في واشنطن،فليكن لك كلباً 'ـ لانه اكثر وفاءً من رئيسهم الذي يتهافت الرؤساء العرب على التقاط صور تذكارية معه ولو كان عبداً حبشياّ.

*** الهند استحدثت وزارة لرياضة 'اليوغا'،لتطهير النفس،وتهذيب السلوك، والتحرر من الضغوط النفسية بالاسترخاء،ورفع الانتاج بتمارين التركيز،وتقوية جهاز المناعة بالتنفس العميق....في كندا استحدثوا وزارة للذكاء،للبحث عن افضل التقنيات والوسائل لرفع مستوى ذكاء الفرد،واستغلال طاقات العقل المُعطلة التي لا يستعمل منها الانسان سوى 10% فما دون....في الاردن لسنا بحاجة الى اغانٍ صباحية صاخبة،ولا الى خطب رنانة عن الولاء والانتماء،ولا الى اذاعات لطم على الريق.نحن بحاجة لاستحداث وزارتين جديدتين مع اول تعديل او تشكيل.'وزارة فض المشاجرات وحماية الغابات' و 'وزارة مكافحة الضجيج وإزالة القذارة'.وزارتان لا تقلان اهمية عن 'الخارجية والداخلية'.توفيراُ للنفقات من الممكن ان تحل هاتان الوزارتان، مكان وزارتي الثقافة و التنمية السياسية الموصوفتين شعبياً بـ 'وزارات 'المسخرة وقلة الفائدة'.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-11-2014 05:35 PM

كاتبٌ جريء ، ناشرٌ جريء ، أما الوجع فواحد ، وأما عن الدواء فمنذ زمنٍ بعيد وهم يجربونه على فئران التجارب لكن دونما تجاوب .

2) تعليق بواسطة :
26-11-2014 07:32 PM

الأخ الحبيب الأستاذ بسام..تحية وشوقا
بعد قراءتي لمقالتك الدرامية وإن تخللها بعض الكوميديا التي أضحكتني
ربما أوردتها متعمدا لكي تترجم المقولة الشهيرة
شر البلية مايضحك.أو رأفة بالمتلقي
من سمة بدن كاملة الدسم.
أتخيلك أخي بسام جالسا على إحدى روابي عمان ولنقل مثلا جبل القلعة
تنظر إلى الأفق على امتداد البصر ترصد الواقع المرير لهذا الوطن وتندب حظك كما أنا أنك عشت في هذا الزمن الردىء
المنحط في أمة مشرذمة ذليلة خانعة تقبع في الذيل أو تحته في سلم الأمم المتحضرة ووطن متهالك واهن ضعيف تابع
معدم يحتضر منتظرا رصاصة الرحمة من مجلس أمن أو هيئة أمم ليعلن وطن بديل
وبذلك يقضى على آمال شعبين تجانسوا وتعايشوا وتصاهروا رغم الوحدة المؤامرة التي ولدت عنوة لإرضاء بني صهيون ولكن لنقل رب ضارة نافعة.
أتخيلك أخي بسام يائسا تحلم كما أنا بدولة فاضلة كعمنا إفلاطون يحكمها الحكماء ولا نقل الفلاسفة لأن عندنا منهم الكثير ممن يدعي الفلسفة والتنظير ولكنك تسمع منهم جعحعة ولا ترى طحنا وللأسف هم الرويبظة الذين يتربعون على سدة صنع القرار في البلد.
تحلم بأن تعيش كباقي خلق الله في دولة متحضرة تحترم الإنسان وحقه في الحياة الحرة الكريمة لاتكميم فيها للأفواه ولاقيود عليه في العمل والإبداع .
تحلم بأن ترى مواطن يحب عمله ويجد به
.
أخي يسام مساحة الألم تتسع وتخيلها بامتدات الأفق الذي تنظر إليه من جبل القلعة ولكي ترتاح ولاأظنك فاعلها عش
كمعظم شعبنا أكل وشر ونام وليكن شعارك لاأرى لاأسمع لاأتكلم في هذا الزمن الحقير.
لك تحياتي وشوقي وحبى.

3) تعليق بواسطة :
26-11-2014 09:30 PM

استاذ ياسين : انت تضرب في ميت !
هؤلاء القوم أموات علينا دفنهم فقط
السيف اصدق انباء من الكتب ...
والباقي سلامة فهمك .

4) تعليق بواسطة :
27-11-2014 11:19 AM

احلى كلام لاحلى كاتب واحلى موقع لاحلى اردن

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012