أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


لم نبدأ بعد

بقلم : جمانة غنيمات
27-11-2014 01:21 AM
لم تكن فكرة الخروج من فكرة الدولة الراعية في الأردن؛ البلد محدود الموارد، أكثر من شعار إصلاحي رفعه منظرون من المسؤولين والخبراء.
فالكلام كثير، والمبررات مقنعة. لكن رغم ذلك، لم نشهد خطوات تؤكد الجدية في تطبيق المطلب. والدلالات على ذلك مختلفة؛ شهدتها فترات زمنية متباينة، ولظروف سياسية وأمنية متفاوتة أيضا.
التنظير للفكرة التي تقوم على ترشيق القطاع العام وتقليص الاعتماد عليه في خلق فرص العمل، تكاثر في الفترة التي تلت تخرّج الأردن للمرة الأولى، وبنجاح، من صندوق النقد الدولي، في العام 2004.
لكن الواقع حمل معطيات مناقضة تماماً للفكرة/ الشعار. فالمدرسة التي كانت تنتقد الترهل الإداري، أوصلتنا في النهاية إلى وضع أكثر مأساوية مما سبق؛ إذ قفز حجم القطاع العام، وتكاثرت المؤسسات المستقلة (التي تزعم الحكومة الحالية أنها قلصت عددها الآن) بحجة تجاوز بيروقراطية القطاع العام، وليزيد بالمحصلة الإنفاق العام من دون حساب.
بعد ضياع السنوات، اكتشفنا أن كل ما قيل وهم وسراب. بل ولعب دورا مناقضاً تماماً للغاية المعلنة؛ إذ أدى إلى توسيع مدى المشكلة، وجعلها أكثر تعقيدا، بعد أن زاد عدد العاملين في الحكومة؛ مباشرة أو في المؤسسات المستقلة.
هكذا، ظلت الحال، وفق أفضل التقييمات، على ما هي عليه، وبقي الحديث عن إصلاح هذه الإشكالية مجرد فكرة غير مفعلة.
بعد ذلك، فاجأنا 'الربيع العربي' والحراك السياسي المحلي المطالب بالإصلاح. وكان ثمن احتواء الأخير تحديداً أو تجفيفه، فتح باب التوظيف في القطاع العام، بما زاد من تعقيد المشكلة، بل وجعلها أقرب إلى الاستعصاء على الحل.
تزامن ذلك مع إخفاق ليس له حدود في مسعى زيادة قدرة القطاع الخاص على خلق فرص العمل، مترافقا مع انعدام خطط تدريب وتأهيل العمالة الأردنية لرفع قدرتها أيضا على الانخراط في سوق العمل.
المنح والهبات والعطايا كانت سبيلا جديدا لنيل رضا البعض، لكنها أصابت في مقتل فكرة الانقلاب على الدولة الريعية.
حتى اليوم، لم تهدأ الساحة المحلية، وسط تحديات إقليمية متعددة. وباتت المشكلة الاقتصادية والتحديات المعيشية هي الشغل الشاغل لصانع القرار الذي لم تسعفه الخطط الحكومية، على مدى عقود، في تحقيق رؤيته المتمثلة في تحسين حياة الناس بعيدا عن الحل التقليدي السهل والمتاح؛ بفتح القطاع العام للاستجابة لتطلعات المجتمع، وبشكل غير مستدام حتماً!
بالنتيجة، لا يبدو الحل سهلا اليوم؛ فحجم المشكلة بات كبيرا حد الإحباط. لكن ذلك لا يعني الاستسلام. فالواقعية، المستندة إلى المعطيات الحقيقية، تؤكد عدم إمكانية بقاء الأردن دولة ريعية، وأنه لم يعد متاحا، بالتالي، حل مشكلة البطالة الثقيلة على حساب القطاع العام، الذي يعاني بصمت من مشكلة البطالة المقنعة.
الحل يبدأ بخلق بيئة استثمارية جاذبة ومريحة للقطاع الخاص. لكن هذا لن يتوفر في ظل قانون الاستثمار الذي أقرته الحكومة مؤخراً، والذي سيبقى عرضة للتعديل في أقرب فرصة.
ووفق الرؤية الاقتصادية للحكومة الحالية، فإنه ليس ثمة فرصة، أو نية أساسا، للبدء في خلع ثوب 'الريعية'؛ فإصلاح ملف المؤسسات المستقلة غائب، والسياسة الاستثمارية المتبعة لم تحقق نتائج لافتة خلال العامين الماضيين.
كما أن غياب روح الفريق عن وزراء الاقتصاد، وعملهم كجُزر معزولة، لن يسعفا فكرة خلق اقتصاد صحي منتج، قائم على زيادة الإنتاجية، ضمن بيئة عامة تؤمن بسيادة القانون وتكافؤ الفرص والمساءلة للجميع.
والحال اليوم أكثر حساسية؛ فمن ناحية، تتعهد الحكومة بعدم التعيين في القطاع العام إلا للضرورة. لكنها في الوقت نفسه، لا تقدّم خطة واضحة تحفّز من خلالها القدرة على خلق فرص عمل في القطاع الخاص. وتكون المحصلة تضاعف حالة عدم الرضا عند الأردنيين.
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012