31-01-2011 09:20 AM
كل الاردن -
سعد الفاعور
أقدمت امرأة في لواء ديرعلا على محاولة إشعال النار في إحدى المؤسسات الحكومية، وبحسب ما تسرب من أنباء، فإن السيدة المتزوجة من وافد عربي تعيل سبعة أبناء، وكل مطلبها كان معونة اجتماعية، لربما لا تزيد عن خمسة وخمسون ديناراً، ولكونها مواطنة لربما من الدرجة السابعة أو العاشرة، في ظل تصنيفات الحكومة الرفاعية، فقد استكثر عليها مسؤولو التنمية الاجتماعية فتات من الدنانير التي لا تشعل سيجار رئيس الحكومة أو نائبه أو أحد وزرائه.
السيدة المنهكة بالفقر، لم تقدم بالتأكيد على محاولة إضرام النيران في دائرة حكومية من باب الترف، ولا من باب السعي وراء الشهرة الإعلامية، ومن المؤكد أنها وفي هذا الشتاء الجاف البارد، كانت تبحث عن قليل من المال يعينها على شراء بعضاً من (الكيروسين) - الكاز بلهجة الأردنيين - لتشعل بعض الحطب أو (الكاوتشوك) لتدفئة أبنائها، ولربما أرادت أن تشتري قليلاً من العدس لتطفئ وجع معدة أبنائها الخاوية منذ عدة أيام.
السيدة الآن معتقلة في مركز الأمن، ويتم التحقيق معها، ولربما يتم لاحقاً تحويلها إلى محكمة أمن الدولة، وأن توجه إليها تهمة تهديد الأمن والسلم الداخلي، ومحاولة إثارة القلاقل وتعكير صفو الأمن العام، ولربما أيضا يتم اتهامها بأنها عميلة مأجورة، وأنها تتلقى تعليماتها من جهات أجنبية، أو أنها من أنصار بيان الأول من أيار، يا سبحان الله!.
كم امرأة مثل هذه المرأة يجب أن يخرج من بين ظهور الأردنيين حتى تفهم الحكومة الرفاعية القابعة في الدوار الرابع الرسالة وترحل؟. وكم يا ترى من أردني وأردنية عليهم أن يتجرعوا الذل والهوان والفقر والمرارة حتى تفهم حكومة "الكمبرادور" و"الخصخصة" ألم الجوع وتخجل وتتقي الله وترحل؟. وهل نحتاج إلى من يشعل النار في جسده بوضح النهار في الأيام القادمة؟، أم أن "امرأة ديرعلا" ستكون فعلاً هي من أشعل نار الثورة وأَذِنت بالتغيير؟.
هناك رسالة مهمة لا بدّ من تمريرها والتذكير بها، وهي أن النساء وعلى مر العصور كن ولا زلن أفضل من يشعل النيران، وأيّاً كانت تلك النيران، سواء كانت نيران الطهي المنزلي، أو نيران الفساد والمتاجرة بالأوطان، أو حتى نيران الخيانة والعمالة، وهن أيضاً من يجدن إشعال نيران الثورات، أو على الأقل ينجبن رجالاً يشعلونها ويحركونها ويقودونها، فليحذر من يظن أنه صانع قرار، "فإن البعوضة تدمي مقلة الأسد".
من هنا، نصرخ بملء أفواهنا ونقول لمن يجب أن يسمع ويعقل، اتقوا الله فينا وفي أنفسكم، ولا تديروا ظهوركم لهذه الحادثة، وتقولوا إنها "فردية"، لا تكابروا، هناك ألف أردني وأردنية مستعدون لأن يشعلوا النار في أنفسهم وفي كل شيء من حولهم، فلا تكابروا، نرجوكم ألا تكابروا وألا تغامروا بسلامة الوطن، ونرجوكم أن تأذنوا للحكومة الرفاعية بالرحيل.
جاء في الأثر أن أبا ذر عليه من الله الرحمة والرضوان، قال: "عجبت لمن لا يجد قوت بيته، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه!". ويقول صلى الله عليه وسلم "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر". يا أصحاب القرار، يا حكومة الدوار الرابع، هل لكم ولمستشاريكم أن تعقلوا وأن تتدبروا لماذا ربط الرسول الكريم بين الفقر والكفر؟.
إن الفقر إذا انتشر وعمّ انتشر معه الشر وكان سبباً في الجرائم واللجوء إلى الحرام، وانتشرت معه المشاكل الاجتماعية والإجهاض والزنا وأطفال الشوارع. أيتها الحكومة منذ غضبة ذيبان وحتى اليوم والأردنيون يطالبونك بالرحيل، أما آن لك أن تؤمني؟. آما آن لك أن يخشع قلبك لذكر الله، أما آن لك التوقف عن سياسات التجويع والإفقار التي تجعل الرجل يصبح مؤمناً ويمسي كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا؟.
صحفي أردني مقيم في الخارج
syhd91@yahoo.com